ثورة غضب من عمال المناجم قد يقرأها البعض كبداية تحول فى جنوب أفريقيا، لكن بعد التدقيق فى تفاصيل القضية، قد يثير الأمر مخاوف انهيار الديمقراطية بعد ثورات الربيع العربى. فالشاب الأفريقى ذو الكاريزما الرائعة الذى قاد احتجاجات عمال مناجم الذهب والفحم فى مسيرة بلغ عددها 360 ألفا عام 1987، احتجاجا على الأجور الزهيدة وظروف العمل القاسية، هو الآن أحد أثرى أثرياء جنوب أفريقيا وسبب رئيسى فى معاناة عمال المناجم. وحسب جريدة «نيويورك تايمز» الأمريكية، قاد احتجاجات الثمانينات سيريل رامافوسا، الذى كان زعيما للاتحاد الوطنى لعمال المناجم، وأصبح الآن مليونيرا كبيرا ورجل أعمال وزعيما بارزا فى الكونجرس الوطنى الأفريقى الحاكم، وهو من ضمن مجلس إدارة شركة «ونمين» التى احتج ضدها العمال. رحلة رامافوسا من ناشط يتعرض للمطاردة والاعتقال إلى عملاق فى الصناعة ومنافس على الرئاسة تعد نموذجا -من الناحية النظرية على الأقل- لانتقال جنوب أفريقيا من وحشية الحكم القسرى للأقلية البيضاء إلى ديمقراطية متعددة الأعراق، يمكن لأى شخص فيها لديه الموهبة أن ينجح. لكن تدنى الأجور ومستوى المعيشة لعمال المناجم الذين أضربوا عن العمل فى منجم شركة «ونمين» وقتل 34 منهم فى مواجهات مع الأمن الأسبوع الماضى ظروف تشابه إلى حد كبير ما واجهه العمال الذين قادهم رامافوسا فى الماضى، وتظهر فشل حزب المؤتمر الوطنى الأفريقى فى تحقيق شعار «حياة أفضل للجميع». والآن تعتبر صدمة قتل العمال تحديا كبيرا يواجه حزب المؤتمر الوطنى؛ فهناك شعور بأن الحزب خلق نخبة الأثرياء الأسود، بما فى ذلك رجال مثل السيد رامافوسا.