غداً، أو بعد غدٍ على أقصى تقدير، سيعلن المشير عبدالفتاح السيسى ترشحه لرئاسة الجمهورية، بعد طول انتظار. ولأن مصر ليس فيها مفاجآت، وكل شىء متوقع، فإن المنافسة ستكون بين اثنين، عبدالفتاح السيسى وحمدين صباحى، وما دونهما سيكون على سبيل الدعاية أو المشاغبة أو لخدمة أحدهما!! فلو استسلمنا لهذا المتوقع فلمن سيكون صوتك ولماذا؟ وهل نحن نريدها منافسة حامية أم أنها محسومة؟! وهل من مصلحة مصر هذه المنافسة أم أن الاستفتاء على مرشح وحيد يريح مصر ويدفعها للاستقرار المبكر؟ تعالوا نبدأ أولا قبل الاختيار، ماذا يحمل كل مرشح معه ومن يقف خلفه ومن يقف ضده؟! «السيسى» يأتى من مؤسسة عسكرية وطنية، شغل مناصب عدة وحساسة حتى وصل إلى منصب نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع والإنتاج الحربى، يحمل له أغلب الشعب انحيازه لثورة 30 يونيو معرضاً مستقبله وحياته للخطر.. يحظى بدعم كامل من دول الخليج والكثير من الدول العربية، فيما تتعامل معه الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الأوروبية بحذر شديد، لا تؤيده ولا ترفضه، تحاول إفشاله بكل السبل، لكنها ستؤيده وتتعامل معه إذا كان أمراً واقعاً.. يمثل فوزه كابوساً مفزعاً لجماعة الإخوان المسلمين، ففى مجيئه رئيساً نهاية لأحلامهم حتى لو كانت ضئيلة، ينضم إليهم قطاع من الشباب الثورى الذى يحمله كل أخطاء المجلس العسكرى فى أعقاب ثورة 25 يناير والمرحلة الانتقالية الثانية، كما يراه البعض عودة للحكم العسكرى. أما حمدين صباحى الريفى، نجم الاتحادات الطلابية، الذى لمع فى عهد السادات، وعاش على ذكرى ونجاح عبدالناصر، فأصبح الصحفى الزعيم، لم يعط الصحافة كثيراً فلم تعطه، لأنه تفرغ للزعامة تحت شعارات القومية العربية.. وجاءت ثورة 25 يناير ليعود حمدين من جديد، وكادت تداخلات الأحداث وصراع الإخوان مع النظام القديم أن تخدمه وتأتى به رئيساً للجمهورية!! ما حققه «حمدين» فى الانتخابات السابقة هو ما شجعه على دخول الانتخابات المقبلة وكرسى الرئاسة يغازل عينيه.. حمدين يراهن على بعض شباب الثورة رافضى السيسى، وعلى الرغم من كره الإخوان له فإنهم قد يعصرون الليمون ويبتلعون له الزلط نكاية وكرهاً فى السيسى، ونفس المبررات هى التى قد تدفع دولة مثل قطر لمغازلته أو دعمه -وإن كنت أتشكك فى قبول «صباحى» لذلك الدعم- فلن تدعم أى دولة عربية حمدين فى مواجهة ابن للمؤسسة العسكرية، ولا أمريكا أو أوروبا ترى حمدين بديلاً مناسباً فهى تخشى من نعرته الناصرية، ولا ترى فيه رجل دولة، وتخشى من وجود مناضل يعتمد على مغازلة شعبه بالكلام فى بلد بحجم ووزن وتأثير مصر!! إذن، من سينتخب حمدين ومن سينتخب السيسى؟! الجواب لدى الشعب المصرى، الأهم هو وجود منافسة حقيقية تحسب لثورة 30 يونيو التى تعثرت كثيراً وستمنحها هذه المنافسة قبلة حياة تعيدها إلى صفحات التاريخ الناصعة!!