كلمة "متطرف" والفعل "تطرف" ويعني الإبتعاد عن جهة والتوجه لجهة أخرى. والتطرف ليه أوجه عديدة، أشهرها الديني طبعاً وفيه المغالاة في الأفعال والأقوال والتشدد وتحريم الحلال والرغبة في إرغام وتقييد المجتمع وتكفير المخالف؛ وحقيقة مش هناقش التطرف الديني في هذا المقال. إهتمامي النهاردة بالتطرف الفكري -الذي لا يختلف عن الديني كثيراً- ولكن مرجعيته الأفكار الشخصية وليس الدين، أنا صح وهما غلط، وياريت غلط وبس لأ دول خونة وعملاء ومنافقين!، أيوة هو ده بالظبط التطرف الفكري. التطرف الفكري بيخلي المتطرف "فكرياً" مُعادي لكل مخالف لرأيه، وكاره لكل صوت غير صدى صوته، وحاقد على أي نجاح غير نجاح فصيله، والأنيل إنه يتمنى الفشل والفضيحة للمخالف، ويبحث عنهم، وممكن يدلسهم، وممكن كمان يختلقهم أو يتلكك ويعمل للمخالف فضيحة من لا شيء. حقيقة التطرف ممكن يخلي الواحد يشوف الشخص اللي كدب مرة واحدة كداب ومنافق، واللي ممكن يكون كدِب -بس هو في الحقيقة إتلخبط- برضو كداب ومنافق؛ وممكن يخليك تشوف اللي لم ينجح مرة في محاولة وحيدة فاشل على طول الخط، واللي خد قرار مرة غلط خاين على طول الخط، والأسوء إن التطرف ممكن يخليك تحكم على اللي كان متفق معايا على طول الخط وخالفك مرة واحدة لسبب ما إنه منافق وكان لابس قناع كل الفترة اللي فاتت والنهاردة سقط القناع. حقيقة فيه فرق شاسع جداً بين شخص كدب مرة و كداب، وبين متلخبط و مدلس، وبين كاره و ناقد، وبين غلطان وغلاط، وبين مخالف وعميل. وفيه نوع تاني من التطرف، وهو التعميم بدون سبب واضح يؤكد التعميم!؛ أكيد ممكن تعمم على معتنقي الفكر الواحد بفكرة من أفكارهم، إنما الغلط بيحصل لما تعمم حكم معين على ناس مختلفين عن بعض فكريا إنهم "كذا" لمجرد إنك شوفت عينة صغيرة منهم معتنقة الفكرة دي!؛ مثلاً كل الغير محجبات غير محترمات، كل المنقبات إرهابيات، كل ال "ينايرجية" عملاء أو بيشدوا كلة، كل الفلول متمصلحين من نظام مبارك. أيوة التعميم تطرف! . بعد فترة مراقبة أفكار وتوجهات ناس كتير هأسرد في الجزء التالي بعض مواقف وسطية عجبتني -أختلف مع بعضها وأتفق مع بعضها: - مؤيد لمبارك لإنه كان عامل توازنات سياسية خارجية وداخلية، وفي نفس الوقت رافض قمع داخليته وفساد إدارته. - مؤيد للثورة أو ثائر، وفي نفس الوقت مش مخون الشخص الغير مؤيد. - مؤيد للعدالة بشكل مطلق سواء على فصيله السياسي أو الفصائل الأخرى. - إسلامي، وفي نفس الوقت شاف إن حكم الإسلام السياسي فشل. - مسيحي أو فلول، وفي نفس الوقت قال لما نشوف يمكن مرسي ينجح. - رافض للحكم العسكري، وفي نفس الوقت مؤيد وداعم ومحب للجيش المصري. - رافض نشاطات الجيش الإقتصادية وفي نفس الوقت فرحان بإخضاعها لمراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات. - رافض عنف الداخلية، وفي نفس الوقت رافض التعدي على أفرادها. - كاره لمرسي والإخوان، وفي نفس الوقت مش كاره للإسلاميين السلميين. - مؤيد لحق العمال في مستوى معيشة آدمي، وفي نفس الوقت شايف إن الظروف حالياً لا تسمح. - محب لباسم، وفي نفس الوقت شايف إنه غلطان في نقل مقال واحد صهيوني. وفيه آلاف الأمثلة والشخصيات حوالينا تمثل الوسطية بدون تطرف، وحقيقة هتلاقي نفسك حبيتها بلا سبب، مثلا المرحوم محمد يسري سلامة. طيب، وتعرف منين إن فيه واحد متطرف جواك؟. هتلاقيه أول ما واحد مخالف لينا يغلط أو حتى يعمل حاجة ممكن تتفهم على كذا محمل وأحدهم محمل الغلط، هتلاقي المتطرف اللي جوانا جاله حالة هيجان وكسر الدنيا شتيمة وتخوين وتعميم. ومن مظاهر المتطرف اللي بيهيج برضوإننا بدل ما نقول: طيب نتأكد إنه عمل كدة وقصده الضرر، هتلاقي المتطرف اللي جوانا بيقول: ده أكيد غلاط وأكيد كل أفعاله السابقة والحالية غلط في غلط، وبرضو من مظاهر حالة هيجان المتطرف إنه لما بيهيج على المخالف بيرفض تقبل أي تفسيرات منه لإنه لبس الغلط خلاص ونقوم مسمين التفسير تبرير ... ونديله أكتر. مش عيب إنك تؤيد شخص أو فكرة أو كيان، ولكن كل العيب إنك تؤيده على طول الخط وفي كل أعماله، ومش عيب إنك تختلف مع شخص أو فكرة أو كيان ولكن كل العيب إنك تبقى شايفه غلط على طول الخط وفي كل أعماله، لإن بمنتهي البساطة ممكن يبقى ناجح في شيء وغير ناجح في شيء آخر، وممكن يبقى صح في أغلب مواقفه وعمل غلطة واحدة في موقف واحد، وممكن يبقى كل سلوكياته صح بس بيعمل سلوك واحد غلط!. عزيزي القارئ العاقل، أنصح نفسي وإياكم بالتخلص من "أ. بهيج" المتطرف اللي جوانا.