انقضى على تشكيل «الحكومة المعدلة» برئاسة المهندس إبراهيم محلب أسبوعان وبضعة أيام، وما تزال طريقة عمل الحكومة الببلاوية «المقالة» هى الغالبة فى أسلوب أداء حكومة م. محلب! ولعلنا نذّكر أبناء مصر بالملامح الرئيسية لحكومة «الببلاوى» حتى تتيسر المقارنة بالمشهد الحكومى الحالى؛ فقد اتسمت الحكومة المقالة بالبطء وعدم الارتفاع إلى مستوى التحديات بعد 30 يونيو، كما افتقدت برنامج عمل واضحاً يتعامل بواقعية وشفافية مع المشكلات الحالية للوطن والتحديات التى تعرقل التنمية الوطنية الشاملة، مع أن أهداف الجماعة الإرهابية كانت وما تزال العمل على نشر المزيد من العنف والرغبة فى إسقاط الدولة! لم تنجح الحكومة المقالة فى استعادة الأمن ومواجهة إرهاب «جماعة الإخوان» ولم تقدم المساندة السياسية للقوات المسلحة والشرطة فى القضاء على مصادر الفتنة وقوى العنف والإرهاب من التنظيم الإخوانى الظاهر ومن الخلايا الإخوانية النائمة والمستترة فى أغلب مؤسسات الدولة. وما تزال الحكومة «المعدلة» تواصل السير على خطى الببلاوى الذى صرح المهندس محلب بأنه تعلم منه الكثير، والذى كرمه رئيس الجمهورية بمنحه وسام الجمهورية بعد أن أقاله ببضعة أيام، فما تزال الحكومة مكتفية بما تقوم به وزارتا الدفاع والداخلية فى مقاومة الإرهاب مع تغيير فى المظهر، إذ بدلاً من قيام د. الببلاوى بإدانة الحوادث الإجرامية واستهداف الجماعة الإرهابية لأفراد الشرطة والقوات المسلحة يتولى هذه المهمة الآن رئيس الوزراء الجديد م. محلب. بينما لم تبدر أى مؤشرات لاعتزام الحكومة «المعدلة» تفعيل قرار الحكومة «المقالة» باعتبار جماعة الإخوان «جماعة إرهابية» ولم تأخذ العبرة من قرارات المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين بسحب سفرائهم من دويلة قطر بل اكتفت بترديد مقولة إن السفير المصرى لدى الدوحة موجود فى مصر منذ الخامس من فبراير الماضى دون أن تجرؤ على إصدار إعلان رسمى بسحبه من دولة التآمر! ولم تتحرك الحكومة «المعدلة» بإعلان نيتها إصدار قانون مكافحة الإرهاب وتفعيله على الأرض، مواصلة بذلك ما مارسته الحكومة الببلاوية من تجاهل تفعيل قوانين الطوارئ وتنظيم المظاهرات والمادة 86 من قانون العقوبات التى كان من المفترض تطبيقها منذ إعلان الجماعة «جماعة إرهابية»، بل اكتفت الحكومة «المعدلة» باقتراح تعديل المادة 17 من قانون العقوبات، بما يؤدى إلى تقييد حق القاضى فى استخدام الرأفة وعدم النزول بالحكم درجة أو درجتين على مرتكبى جرائم الإرهاب، وكذا اقتراح إضافة مادة تلزم الدولة بالتأمين على حياة مأمورى الضبط القضائى من ضباط وأفراد الشرطة، وكان المأمول إحياء مشروع قانون الإرهاب الذى سبق الإعلان عنه فى تصريحات لجريدة «المصرى اليوم» للمستشار عادل عبدالحميد وزير العدل فى الحكومة «المقالة» بتاريخ 20 أكتوبر 2013، جاء فيها أن الوزارة بصدد الانتهاء من المسودة الأولية لمشروع قانون الإرهاب الجديد، وأنه سيتم تقديمه خلال أسبوع أو أسبوعين وأن مشروع القانون الجديد يتضمن تشديد كافة العقوبات الموجودة به. وعلى منوال الحكومة المقالة التى كانت تواجه الشغب الإخوانى والفوضى من طلبة الإخوان والبلطجية التابعين لها فى الجامعات بحالة غريبة من التخاذل عن اتخاذ موقف حاسم بتطبيق قانون الإرهاب على عناصر الجماعة الإرهابية، فإن الصورة لا تكاد تختلف اليوم مع الحكومة المعدلة عن سابقتها! كذلك ما تزال الحكومة «المعدلة» تسير على نهج سابقتها «المقالة» بعدم التعامل الحاسم مع حركة حماس التى تهدد الوطن وتنشر الإرهابيين فى سيناء، والتى تكلف القوات المسلحة والشرطة المزيد من الشهداء والمصابين، نتيجة العمليات الإرهابية الدنيئة التى يقوم بها عناصرها، كذلك عدم التعامل الحاسم مع قطر وتركيا وهما دولتا مساندة العدوان والإرهاب الإخوانى اللتان تتزعمان جبهة العداء لمصر وللشعب المصرى. وعلى الرغم من أن الحكومة المعدلة قد اشتملت كسابقتها المقالة على وزارة للعدالة الانتقالية، فإنها ما تزال مرفوعة من الخدمة، اعتماداً على أن الدستور الجديد ألزم أول مجلس للنواب ينتخب بعد إقراره بإصدار ذلك القانون! ورغم أن خطاب المهندس إبراهيم محلب إلى الشعب تضمن إشارة إلى عزم الحكومة حسم قضية الإصلاح المؤسسى والإدارى، فإنها لم تطرح برنامجاً واضحاً وملزماً بنتائج محددة إلى الآن. وبرغم أن مجلس الوزراء الجديد عقد جلستين لم يصدر عن أى منهما بيان يوضح برنامج الحكومة لتحقيق العدالة الاجتماعية والتخفيف من وطأة الأوضاع الاقتصادية غير المحابية منذ 25 يناير، والتى أدت إلى توقف الاستثمارات وانحسار فرص العمل وزيادة معدلات البطالة، مع ارتفاع معدلات التضخم وغياب الرقابة على الأسواق، ومن جانب آخر، ما تسببه العمليات الإرهابية من تأثيرات سلبية على حركة السياحة ومجمل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ما يسبب الإحباط لجماهير الشعب، إضافة إلى ظهورهم المتكرر فى تظاهرات ومسيرات تتحدى القانون وتستخف بسلطة الدولة، بما يؤدى إلى احتمال استعادتهم المبادرة وعودة تأثيرهم على المواطنين البسطاء، والتسلل إلى الساحة السياسية وتحقيق مفاجآت فى الانتخابات التشريعية المقبلة، طالما الحكومة لا تتحرك بالحسم والسرعة المطلوبين لإقصاء الجماعات الإرهابية من المشهد السياسى كما يطالب الشعب. إن مصر فى حاجة لأن تتحول حكومة المهندس محلب إلى «حكومة حرب» قادرة على اتخاذ قرارات ثورية والضرب بيد من حديد على مصادر الإرهاب، وتتعامل مع الوضع الحالى فى البلاد بمفهوم وأساليب ثورية ترقى إلى مستوى آمال شعب أنجز ثورتين فى أقل من ثلاثة أعوام، وتجنب السير على خطى «الببلاوى»! حمى الله مصر!.