برغم الارتباك الذى سيطر على عملية تشكيل حكومة المهندس إبراهيم محلب التى انتهى بها الأمر إلى ضم عشرين وزيراً من حكومة «الببلاوى» المقالة هم جميعاً مشاركون فى المسئولية عن الأداء المتردى لتلك الحكومة وأحد عشر وزيراً جديداً، وعلى الرغم من قصر عمر هذه الحكومة «المعدلة» التى يتوقع تغييرها تغييراً شاملاً عقب انتهاء الانتخابات الرئاسية أو الانتخابات التشريعية على أكثر تقدير، فإنها ستكون مسئولة بشكل أساسى عن تعويض كل الفرص التى تم إهدارها فى استعادة الأمن ومكافحة إرهاب الجماعة وعدم تفعيل قوانين الطوارئ وتنظيم التظاهر ومواد الإرهاب فى قانون العقوبات. وكذلك ستكون حكومة المهندس محلب «المعدلة» مطالبة بالعمل السريع على الأرض لوضع حلول عملية وغير تقليدية لإقرار حقوق العمال وفئات الشعب المتضررة من ضآلة الدخل وندرة فرص الحصول على عمل منتج وغياب منهج واضح لنشر العدالة الاجتماعية الناجزة. وأولى المهام التى سوف تساعد فى تهيؤ الوطن للانطلاق فى مرحلة البناء والتنمية على كل الأصعدة، هى الحزم فى وأد الإرهاب الإخوانى وإظهار الندية فى التعامل مع مساندى الجماعة الإرهابية فى الخارج. نريد من حكومة المهندس محلب سرعة الحركة فى التنفيذ الجاد والكامل لقرار اعتبار «الإخوان المسلمين» جماعة إرهابية والتنفيذ التام لحكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بحظر نشاط جمعية الإخوان المسلمين وكل ما ينبثق عنها أو يرتبط بها من مؤسسات سياسية، بما فيها حل حزب الجماعة «الحرية والعدالة»، واقتصادية وتعليمية ومصادرة أموالها، والالتزام بالشفافية الكاملة فى إعلام الشعب بما يُتخذ من إجراءات. كذلك نطالب الحكومة «المعدلة» بسرعة إصدار قانون الإرهاب وتطبيقه فوراً على كل من يشارك بالفعل أو القول فى أنشطة الجماعة الإرهابية وحلفائها فى الداخل والخارج أو تمويلها، ولتكن للحكومة أسوة فى الأمر الملكى الذى أصدره خادم الحرمين الملك عبدالله، بتغليظ العقوبة على تلك الجماعات الإرهابية والمساندين لها فى المملكة العربية السعودية!! إن خطوة رئيسية على طريق إعادة بناء الوطن هى تنشيط الاقتصاد الوطنى، بما يكفل مواجهة مخاطر انتشار البطالة وما يترتب عليها من مشكلات مجتمعية تصب فى خانة تصعيد قوى الإرهاب والإفساد. ومن وجهة نظر واقعية يجب الاعتراف بأن حكومة المهندس محلب لا تملك القدرة ولا الوقت للدخول فى خطط طويلة الأجل، وإنما كل ما نطالبها به هو خطة واضحة لعمل اقتصادى سريع وناجز فى الأجل القصير لا تتعدى 5 - 6 أشهر على الأكثر. وفى رأينا أن تتضمن تلك الخطة العاجلة حسم قضايا تشغيل الطاقات الوطنية المتاحة إلى الحد الأقصى باللجوء إلى الخبرات الوطنية فى جميع المجالات ومنها التوسع فى استخدامات الطاقة الشمسية، طاقة الرياح، إنتاج الوقود الحيوى، تحلية مياه البحر، استخدام تطبيقات الهندسة الوراثية. كذلك تشجيع الإنتاج الوطنى فى الصناعة والزراعة وتقديم حوافز ضريبية وتمويلية وتسعير المنتجات الزراعية التى تشتريها الدولة بأسعار تشجيعية والحد من استيراد القمح والحبوب والمواد الغذائية التى يوجد لها بدائل محلية، وتشجيع مشروعات تنمية الثروة الحيوانية والسمكية. كذلك يجب أن تتضمن خطة الحكومة العاجلة سرعة تشغيل الطاقات الإنتاجية المعطلة فى الصناعة وإعادة هيكلة قطاع الأعمال العام وتوفير قدر مناسب من التمويل اللازم لتشغيل الطاقات الإنتاجية به وتجديد وتطوير تقنيات ومعدات الإنتاج بشركات وحل مشكلات عدم انتظام حصول العاملين به على مستحقاتهم المالية مع إعطاء أولوية كاملة لإنقاذ صناعة الغزل والنسج. ويجب معالجة قضايا الدعم وعجز الموازنة وتقليص الدين العام بأساليب غير تقليدية من خلال تدارس تلك القضايا مع القوى الوطنية وطرح الحلول على الشعب ليشارك فى اتخاذ قرارات صعبة لا تتمكن الحكومة من تفعيلها دون مساندة سياسية وشعبية. كما يجب التوسع فى مشروعات عامة لتطوير الطرق والكباري وتجديد المرافق العامة كثيفة العمالة قليلة المهارة بما يؤدى إلى التخفيف من حدة البطالة، وحل مشكلات قطاع التشييد، والتركيز فى الاستثمارات الحكومية على إنهاء المشروعات تحت التنفيذ وضمان دخولها فى حيز التشغيل المنتج قبل الشروع فى إنشاء مشروعات جديدة بقدر المستطاع. كما أن من واجبات الحكومة العمل السريع على رفع كفاءة الخدمات العامة فى الصحة والتعليم والنقل ومنظومات المياه والصرف الصحى والكهرباء لتخفيف معاناة المواطنين من ناحية، وتحسين قدراتهم على العمل والإنتاج من ناحية أخرى. وأخيراً كانت كلمة المهندس إبراهيم محلب التى وجهها إلى الشعب معبرة واشتملت على نوايا طيبة، إلا أن حديثه عن «أن الدولة تعمل على دعم كل ما يسهم فى نشر التسامح»، وأن الامتداد العمرانى ومشروع قناة السويس والمشروعات التنموية من أهم أولويات الحكومة» وتأكيده التزام الحكومة بالاهتمام بالمشروعات التنموية الكبرى تحتاج منه إلى توضيح، والخشية أن تفهم الدعوة إلى التسامح على خلاف المقصود منها، وهى «التسامح الدينى» فيما بين أشقاء الوطن، وتؤخذ على أنها دعوة إلى التسامح مع الجماعة الإرهابية. كذلك الحديث عن المشروعات التنموية الكبرى يحتاج من المهندس محلب إلى مراجعة وتدقيق ليتجنب المبالغة فيما تستطيع الحكومة تنفيذه خلال الفترة المقدرة لها. رجاء أخير ألا يبالغ الوزراء فى وعودهم للشعب قبل أن يجتمع مجلس الوزراء ويصدر بياناً يصارح فيه الناس بحقيقة الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية، ويعلن خطة عمل الحكومة فى شكل أهداف واقعية يمكن قياسها والحكم على مدى اتفاقها مع تطلعات المواطنين العاجلة!!! حمى الله مصر!