لم يستطع أحمد أن يصدق أنه من الممكن أن تكون لرجل غيره، ساد الصمت بينهم ولم يستطع أن يقول أى كلمة، ولكن اكتفى بالنظر اليها خوفا من أن لا يراها ثانية، جلسا طويلا دون حديث وعيونهم تتحدث بدلا عن أفواههم، وبعد ذلك ذهب كل منهم إلى منزله. مر يومان لم يحدث أي منهم الأخر من ناحية حاولت مها التحدث إلى والدها بلا فائدة قائلا، "عايزانى أخسر عمك علشان كلام فاضى". كانت الحيرة تخيم على عقل مها، وفكرت، وقررت أن تتصل بهانى ابن عمها وأن تقول له الحقيقة بأنها لا تحبه، وإنما تحب شخصا آخر وأنهم متفقين على الزواج منذ أكثر من 4 سنوات، واعتذرت له كثيرا، وقالت أن والدها لم يسمعها وقالت، "إنت فاهمنى أكيد إني بنت، والموضوع صعب بالنسبة ليا وأهلى ..."، لم تكمل حديثها مقاطعا لكلامها "" فاهم.. فاهم متقلقيش وربنا يوفقك فى حياتك فرحت مها وشكرته على موقفه داعيه له ببنت أفضل منها، واتصلت بأحمد قائله جملتها المعهودة "لازم نتقابل حالا" كان فى صوتها نبرة فرح، وتقابلا فى نفس الكافية وقالت له ما دار فاترسمت على وجهه الابتسامة، وجلسا معا إلى بعد العشاء وفى هذه اللحظة شعرت بأنها أسعد انسانة فى الكون. وعندما عادت إلى المنزل حدث شئ لا يصدقه عقل بعد أن فتحت أختها الصغيرة الباب رأت والدها واقفا فى إحدى زوايا الصالة على وجهه غضب غريب وألقى عليها سؤال "كنتي فين؟"، ردت" كنت مع أصحابى"، حينها أخذت صفعة على وجهها لم تكن تتخيل أن والدها من الممكن أن يمد يده عليها من قبل. اكتشفت ان ابن عمها قال لوالدها كل شئ قالته مها بالحرف "أنها تحب شاب منذ أربع سنوات وتريد الزواج منه"، منعها الأب من النزول وأخذ منها هاتفها المحمول، وحبسها فى غرفتها. كان يُدخل لها الوجبات الثلاث ولكن لم تلمس منة شئ، وفي هذه الفترة احتار أحمد، فكلما طلب رقمها وجده مغلق، ودارات الأسئلة من جديد ووضع كل الاحتمالات ولكن لم يفكر للحظة أن يفعل ابن عمها ذلك .. قرر أن يذهب ناحية بيتها ولكن بلا فائدة فلا أثر لها، فهذه الفترة مرضت مها لأنها لم تأكل شئ أبدا لمدة 5 أيام، فقط كانت تبكى وفى إحدى الأيام وأثناء دخول العشاء لها وجدت الام ابنتها مغمي عليها فصرخت، ودخل والدها الذى طلب الإسعاف مسرعا. اتت السيارة لتأخذها وكانت حالتها خطيرة فى هذه اللحظة، وبعد الكشف وتركيب المحاليل خرج الدكتور من الغرفة ليتحدث مع اهلها قائلا "انتوا ازاى سيبتوها كل دة"، لم يجيب أحد منهما على سؤال الطبيب فأكمل "يبقى عندها سرطان وسيبينها بالحالة دى دي، انتو لو بتعذبوها مش هتعملوا كدة". كانت هذه الصدمة الثانية فلم يكن أحد يعلم بأنها مصابة بهذا المرض غير مها نفسها فمنذ سنتين علمت بأنهامصابة بهذا المرض فى إحدى المرات التى كانت تتبرع فيها بالدم، وخوفا على أهلها من الصدمة كانت لا تريد اخبارهما بشئ، وكانت تقوم بالعلاج دون أن يعرف أحد حتى أحمد لم يعلم عن هذا الموضوع. كانت حالتها سيئة للغاية ومنع الطبيب الجميع من الدخول لزيارتها، وبعد ساعات طويلة استعادت وعيها وهى تتمتم بكلمة واحدة "احمد". ذهب الوالد مسرعا إلى البيت ليفتح هاتفها المحمول ليتصل بأحمد الذى جاء مسرعا ليرى حبيبته فى هذا الموقف الأليم، دخل وحدة إلى غرفتها بعد أن رجى الطبيب بأنه لن يرهقها، وبعيون مثل لون الدم من كثرة الدموع دخل الغرفة، ونظر اليها وازدادت دموعه أكثر عندما رأها فلم تكن مها البنت الجميلة المليئة بالحيوية التى لا تفارق البسمة وجهها بل كانت هزيلة وضعيفة ووجهها يغلب عليه الاصفرار. نادته ليجلس بقربها فأمسك يدها وأخذ يبكى وهو يقول أجمل كلام لم يقله من قبل، وكلما تحدث كلما بكى فمسحت دموعه بيدها وهى تقول مبتسمة متخفش احنا هنفضل مع بعض على طول فلم يكف عن البكاء، بينما قالت آخر كلمة لها "خليك فاكرنى".