ذهلت مها من هول الموقف، فهى لم تكن تعرف من هو ذلك الشخص الذى يحبها كل هذا الحب وهي لا تعرفه، لم يترك أحمد أى وسيلة للإتصال لمعرفه رد فعلها، ولكن قرر الإختفاء أسبوع.. وفى هذا الإسبوع بحثت مها عنه تارة أمام كليته وأخرى أما باب الجامعة ولكن لا فائدة فلا يوجد له أثر. إلا أنه ظهر فى إحدى الأيام بجانب كليتها وكأنها صدفة بالغة فى هذه المرة.. مها هى من قامت باستدعائه رغم أنه كان خائفا من رد فعلها ولكن كان فى قمة فرحه لأنها تذكر اسمه على شفاهها. لم يكن الحديث طويلا امتد فقط إلي 10 دقائق، تحدث فيهم عن نفسه بكل صدق، نظرت فيها إلى عيونه، وجدت فيهم صدق واضح ولكن رغم ذلك كانت لا تعلم من هذا الشاب.. لم تنطق مها بكلمة واحدة حتي انتهى أحمد من كلامه، وتركها تفكر واختفى كعادته. كان يذهب أحيانا إلى كليتها ليراها ويسلم عليها دون أن يتحدث فى شئ ويمشى، وهى كذلك كانت تتعمد الذهاب لكليته بحجه رؤية أصدقائها لتراة من خلف نظراتها الشمسية. كانت هذه السنة الأولى من حبه لها، مرت وكأنها أجمل سنة فى حياته، لم يكن يتحدث معها كثيرا، ولكن يكفى أنها لم ترفضه رغم أنها لم تبد رفضها أو قبولها، لكنه كان على يقين بأن هناك شئ جيد قد يحدث قريبا. تقرب أحمد ومها أكثر فى الحدود، وذات مرة سألته عن تلك الورقة التى أرسلها إليها قائله "عمرى ما تخيلت إن ممكن حد يعمل كدة غير فى الإفلام"، ابتسم ابتسامة عارمة قائلا، "مكنتش عارف المفروض أتكلم معاكى إزاى، فقولتلك إللى فى قلبى واللى حسيته، وقلت يارب لو ليا خير معاها قربها منى"، اطمئنت مها لهذه الكلمات كثيرا، وسألته عن مستقبله وماذا ينوى أن يفعل.. كانت هذه المرة هى الأطول للحديث منذ أن تعرفا على بعضهم، لم يشعرا بالوقت، أحس حينها بالراحة وقرر أن يجتهد أكثر حتى يكون كفء للتقدم إليها. كانت صورة مها لا تفارقه أبدا، كانت بمثابة حلم لابد من الوصول إليه مهما كان الثمن، وكذلك مها تمنت أن يكون من نصيبها ومرت سنين الدراسة سريعا، وتخرج أحمد بتقدير جيد جدا، وبقت لمها سنة واحدة فقط وتتخرج هى الأخرى. على قدر ما كان أحمد حزينا لأنه تخرج لأنه لن يرها كثيرا، ولكن ما كان يهون عليه هى السنة الباقية لها التى ستجعله يرها، وكان يوم أحمد يتلخص فى البحث عن وظيفة مناسبة والتفكير فى مستقبلة هو ومها. لم يجد أحمد وظيفة فى مجاله فقرر أن يعمل كول سنتر إلي أن يجد عمل أخر، وتحطمت آماله أمام عينيه فهو بذلك لن يراها إلا يوم واحد فقط فى الإسبوع ولكنه قرر أن يتحمل ذلك من أجلها واستمرت الحياة، وفى أحد الأيام وبالتحديد يوم الجمعة يوم الزيارات العائلية فى بيت مها، كان عمها وأولادة يقومون بزيارتهم من حين لآخر، ولم تكن تعلم أن هذه الزيارة ليست مثل كل زيارة، لتفاجئ فى لحظة أن عمها يطلب يدها لإبنه أمام الجميع، لم تستطع مها أن تفعل شئ من هول الموقف، إلا أنها جرت إلى غرفتها وأغلقت الباب عليها، وبكت بكاء شديدا، لم تعرف ماذا تفعل، وتسألت: هل تكلم أحمد وتحكى له ما حدث؟ أم تقول لوالدها؟، لتفاجئ أيضا أنهم قرأوا الفاتحة دونها، كانت علامات الحزن واضحة، وشعرت الأم بأن هناك شئ خطأ.. لماذا كل هذا الحزن؟!. ولكن عللت البنت بأنها لا تحبة ولا تريد الزواج منه واعترضت الأم معللة: أن هانى ابن عمها شاب وسيم لديه سيارة أحدث موديل ويعمل مديرا لشركة والدة، واستنكرت مها تفكير والدتها وهى تقول فى نفسها "أما هى بتفكر كدة أومال بابا بيفكر إزاى؟". استعادت فى ذهنها مستوى أحمد الإجتماعى والفرق بينة وبين هانى وأنها من الممكن أن تكون سبب الخلاف بين والدها وعمها، وكانت فى حيرة لا توصف، ومرت هذه الليله كأصعب ليلة فى حياتها، وفى اليوم التالى اتصلت بأحمد بنبرة حزينة وقالت "لازم نتقابل حالا". أخذ أجازة من عمله، وتقابلا فى أحد الكافيهات المجاورة للجامعة، وقصت عليه كل ماحدث. "في الجزء الثالث والأخير، غدا سنعرف ماذا كان رد فعل أحمد"