حوالى 4.9 مليون شخص يتوفون سنوياً نتيجة تناول التبغ، و2.6 مليون يتوفون سنوياً نتيجة السمنة المفرطة والوزن الزائد، و4.4 يتوفون سنوياً نتيجة ارتفاع نسبة الكوليسترول فى الدم، بينما يتوفى 7.1 مليون شخص سنوياً بسبب الإصابة بارتفاع ضغط الدم، ولهذا يعد ارتفاع ضغط الدم من أهم الأمراض التى يجب الاهتمام بها وإلقاء الضوء عليها، هذا ما حث عليه أ. د. محمد محسن إبراهيم، أستاذ أمراض القلب، بكلية طب قصر العينى، أثناء إقامة الجمعية المصرية لارتفاع ضغط الدم، احتفالية بمناسبة الانتهاء من الإصدار الثالث من التوصيات المصرية الخاصة بالمرض. يقول «إبراهيم» ل«الوطن» إن ارتفاع ضغط الدم من أكثر الأمراض المزمنة غير المعدية انتشاراً فى العالم ويزداد انتشاراً فى منطقة الشرق الأوسط، حيث إنه متوقع فى عام 2052 أن تصل نسبة المصابين إلى حوالى 152.6 مليون مصاب مع تفاقم الزيادة السكانية وتقدم العمر. ويوضح «إبراهيم» رئيس الجمعية، أن سبب الانتشار الكبير للمرض فى مصر يرجع إلى عدة عوامل، منها ارتفاع معدلات السمنة خاصة بين النساء، فالسمنة تجعل جدار وتجويف البطن يفرزان مواد كيميائية معينة تؤدى إلى ارتفاع ضغط الدم، الأسلوب المعيشى السلبى، واستهلاك ملح الطعام بكثرة، فالإفراط فى وضع الملح على الطعام يؤدى إلى ارتفاع ضغط الدم. ويضيف «إبراهيم» أن من ضمن العوامل أيضاً المسببة لارتفاع ضغط الدم هو التوتر الشديد والشعور بالقلق المستمر، فالتوتر المتزايد وبصورة مستمرة يمكن أن يؤدى إلى الإصابة بارتفاع ضغط الدم على المدى البعيد، وأيضاً اتباع نظم غذائية سلبية بما فى ذلك تناول أغذية معينة بكثرة مثل الجبن، فضلاً عن الإكثار من تناول الوجبات السريعة «الفاست فوود»، هذا بالإضافة إلى الإكثار من الأطعمة المليئة بالدهون وعدم تناول الكثير من الأطعمة المليئة بنسب عالية من البوتاسيوم. ويؤكد «إبراهيم» أن مرض ارتفاع ضغط الدم يعرف بأنه المرض القاتل الصامت، حيث إنه لا يتميز بوجود أى أعراض، فهناك فى مصر حوالى 15 مليون مصاب بالمرض، منهم 38% فقط من يعلمون بأنهم مصابون، أى أنه حوالى ثلث المرضى فقط من يعلمون بالإصابة. ويشير «إبراهيم» إلى دراسة المشروع القومى المصرى لارتفاع ضغط الدم والتى تمثل أول دراسة ميدانية فى العالم الثالث لتحديد حجم المشكلة ومدى انتشار المرض فى مصر، وأظهرت النتائج أن أكثر من ربع المصريين البالغين مصابون بارتفاع ضغط الدم، كما أن نسبة المرضى الذين يتلقون العلاج لا تتجاوز 23%، و8% فقط من المرضى ملتزمون بالعلاج ويتحكمون فى الضغط ليعود إلى مستواه الطبيعى. ويوضح «إبراهيم» أنه قد أثبتت نتائج دراسة أخرى شملت عينتها 2000 مريض مصرى مصابين بارتفاع ضغط الدم، أن ثلاثة أرباع المرضى فى مصر يتوقفون عن العلاج الدوائى خلال فترة المتابعة مع الطبيب. ويضيف «إبراهيم»، أن ارتفاع ضغط الدم من الأمراض المهمة جداً، وذلك لأنه يمثل عامل خطورة للإصابة بأمراض كثيرة، فارتفاع ضغط الدم هو أحد الأسباب الرئيسية المؤدية إلى السكتة الدماغية ونزيف المخ وهبوط القلب وتصلب الشرايين والفشل الكلوى. ويوضح «إبراهيم» أنه لهذه الأسباب أصبحت هناك حاجة ملحة لوضع إرشادات واضحة يتبعها الأطباء فى تشخيص وعلاج ارتفاع ضغط الدم، ويجب أن تخص هذه الإرشادات مصر وحدها، وذلك لاختلافها عن باقى الدول الغربية التى تضع الإرشادات، فهناك ضرورة ملحة لوجود توصيات خاصة بالأطباء فى مصر للوصول للرعاية الطبية المثلى لمرضى الضغط فى ضوء المعلومات الحديثة، مع مراعاة الظروف المحلية والفروقات بين المرضى المصريين. ويشير «إبراهيم» إلى أن توصيات الدول الغربية لا تناسب مصر فى كثير من الأشياء، فتلك التوصيات لا تأخذ فى الاعتبار الظروف الاقتصادية ونظم الرعاية الصحية وأسلوب المعيشة فى دول العالم الثالث، فضلاً عن وجود فوارق وراثية وخواص سكانية وعوامل مؤدية لارتفاع ضغط الدم ومدى استجابة المريض للعلاج بين مختلف دول العالم. وعن أهداف توصيات الجمعية، يقول «إبراهيم» إن التوصيات تهدف إلى وضع سياسة علاجية تقوم على الدراسات الحديثة تبعد عن الانطباعات الشخصية والمعلومات الناقصة. وتؤكد أ. د. وفاء العروسى، أستاذ ورئيس قسم القلب، بكلية طب قصر العينى، أن جمعية ضغط الدم لها السبق فى إصدار توصيات مصرية تركز على مرض بالتحديد وتتناسب مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية والبيئية للمصريين، وتضيف «العروسى» أن التوصيات الغربية أحيانا ما يصعب تطبيقها فى مصر لعدم ملاءمتها لطبيعة مصر والمرضى المصريين. وأشار أ. د. أشرف حاتم، أستاذ الأمراض الصدرية بكلية طب قصر العينى، ووزير الصحة الأسبق، إلى أهمية التوصيات نظراً لأهمية المرض ومدى انتشاره، خاصة أن التوصيات تناسب طبيعة المريض المصرى وبالتالى فتلك التوصيات المصرية ستصل إلى العالمية بسهولة. وأوضح الأطباء أوجه اختلاف التوصيات المصرية عن نظائرها الأجنبية وشملت ضرورة تغيير النظام الغذائى للمصريين وأسلوب معيشتهم، حيث حثت التوصيات على محاولة الإقلال من الجرعات الدوائية للمرضى وذلك من خلال اتباع نظام غذائى خاص للمرضى يتم التقليل فيه من تناول ملح الطعام، فضلاً عن محاولة إنقاص الوزن وممارسة الرياضة بانتظام وتجنب تناول أى عقاقير تتسبب فى ارتفاع ضغط الدم. وشملت التوصيات أيضاً بداية العلاج الدوائى مع المريض عندما يتجاوز مستوى الضغط لديه 100 / 160 مم زئبق فى عدة مرات، وحثت التوصيات على أنه بخلاف الحالات الطارئة والمصحوبة بارتفاع شديد فى مستوى الضغط مما يمكن أن يؤدى إلى الوفاة، فإنه لا ينصح بتناول العقاقير المخفضة للضغط إلا بعد فترة تتراوح ما بين أسبوع وعدة شهور، وذلك طبقاً لمستوى الضغط لكل مريض وحالته، كما أنه لا ينصح باتباع العلاج الدوائى فى الحالات البسيطة التى لا تصاحب أياً من عوامل الخطر التى يمكن أن تؤدى إلى الإصابة بتصلب الشرايين المبكر مثل مرض السكرى وزيادة نسبة الدهون فى الدم والتدخين ووجود تاريخ وراثى للمريض. ويقدم «إبراهيم» نصائحه لمرضى الضغط حتى يستطيعوا التحكم فى مستواه ويقوا أنفسهم من تفاقم حدة المرض، وهى أنه يجب على المرضى الإكثار من تناول الخضراوات والسلطة والفواكه والبقول واللبن منزوع الدسم والمكسرات، لأن هذه المأكولات تساعد فى السيطرة على مستوى الضغط، ويجب الابتعاد عن تناول اللحوم الحيوانية واللحوم الحمراء واللبن كامل الدسم والأغذية المحفوظة.