لا أفهم لماذا تصر جماعة الإخوان المسلمين على البحث عن عدو، والتركيز على أن الإعلام هو العدو الأول؟ فنجد هجوماً شرساً من جهات متعددة لتحويل الأمر إلى أنه معركة شخصية وأن الجماعة وحزبها يتعرضان لحرب إعلامية مغرضة الهدف منها إفشال مشروعها. وطالما نحن فى معركة فتستغل كل الوسائل غير الشريفة من نشر صور مفبركة أو أخبار كاذبة ومحاضر شرطة مضروبة وشائعات، مما يجعل الإعلامى محاصراً، مشغولاً بالرد والتصحيح والدفاع عن نفسه ورد الهجوم بهجوم مضاد. وأصبحت جملة «إنت كنت بتكتب أو تقول كدة أيام مبارك؟» تلقى فى وجه من ينتقد الجماعة، وكأن كل الإعلاميين كانوا منافقين لا يكتبون كلمة نقد فى حق مبارك ونظامه، فيما الحقيقة أن الإعلام فى عهد مبارك لعب دوراً كبيراً فى قيام الثورة، وكان يقال ما يقال الآن وأكثر، ومن يكتبون الآن كانوا هم من يكتبون ويقولون بالأمس، كل ما فى الأمر أن الإعلام عاش ثلاثين عاماً مع مبارك ونظامه، ولا يمكن تخيل أنه لم تكن هناك أية إيجابيات، فإذا أشاد إعلامى يوماً بإنجاز أو موقف جيد للنظام يتم اصطياد ما نشر أو قيل والتركيز عليه «وبروزته» لإثبات نفاق الإعلاميين. الأرشيف موجود، عودوا إلى ما كتبه أو أذاعه: إبراهيم عيسى وعبدالحليم قنديل وبلال فضل وعلاء الأسوانى ومجدى الجلاد والراحل مجدى مهنا ووائل قنديل ومحمد سعد خطاب ووائل الإبراشى والراحل سلامة أحمد سلامة وفهمى هويدى وعمرو أديب ومنى الشاذلى وغيرهم الكثير من الأسماء التى لا يتسع المقال لنشرها كانوا يكتبون ويقولون والنظام يسمع ولا يستجيب، يعاقب بالحصار والتقديم لمحاكمات والاستبعاد من طائرة الرئيس أو توفير المعلومات للإعلاميين. من الطبيعى فى أى دولة ديمقراطية أن يقف الإعلام على يسار السلطة بهدف تصحيح المسار ولعب دوره القيادى بلا أغراض أو استهداف وبلا مطاردة وحصار واتهامات مطلقة. فالدولة القوية هى التى تمتلك إعلاماً قوياً. من المؤكد أيضاً أن هناك بعض الإعلاميين الذين يتخذون موقفاً حاداً من الجماعة، وهذا حقهم، وأن هناك أغراضاً من بعض الإعلاميين تجاه الجماعة والحزب، وهذا ليس من حقهم طالما يبتعد عن الأصول المهنية، ومواجهة هذا لا يكون بالعنف ولكن بمزيد من الشفافية والرد والمواجهة، والشعب لديه القدرة على الفرز والفهم. لن تنجح الجماعة أو الحزب فى كسر شوكة الإعلام، فلم ينجح مبارك بكل ما كان يملك، والأفضل لمصر أن يكون هناك حوار مشترك وحسن نوايا من كل الأطراف، واتباع الأساليب الديمقراطية فى الخلاف، فمصر منهكة وفى حالة حرجة، فدعونا نتكاتف لإنقاذ الأم أولاً حتى تخرج من غرفة العناية المركزة وتسترد عافيتها، ثم تجمعنا جميعاً لنتعاتب أو نختلف، لأن الأم لو -لا قدر الله- ساءت حالتها فإنا جميعاً لخاسرون.