سلطت مجلة "كومنتاري" الأمريكية، الضوء على السياسة الأمريكية تجاه الأزمة الأوكرانية ومدى تأثيرها على العلاقة بين الجمهوريين والرئيس الأمريكي، باراك أوباما. وذكرت المجلة، اليوم، أن التدخل الروسي في الشأن الأوكراني يمثل تحديا صارخا للرئيس الأمريكي باراك أوباما، مشيرة إلى أنه في نفس الوقت الذي يسعى فيه أوباما بمحاولاته العقيمة لاستعادة العلاقات مع روسيا، وبسجله الحافل بالضعف على الصعيد الدولي، وجد الرئيس الأمريكي نفسه في موقف أعلن نيته بوضوح الرغبة في عدم الانخراط به ولكنه لا يستطيع تجاهله. وأضافت مجلة "كومنتاري"، أنه ليس أوباما فقط السياسي الأمريكي الوحيد القلق من تدخل بوتين في الشأن الأوكراني، بل ما يثير القلق بخصوص هذه الأزمة أن تقلب طاولة واشنطن السياسية، ليصعد السناتور الجمهوري، راند بول، الذي علت أسهمه بين دوائر الجمهوريين بعدما ذكر عن تكتيكات التجسس الأمريكي وفضائح الحكومة، ليجد نفسه معنيا هو الآخر بشأن هذه الأحداث الخارجية ولتكون باعثة للإزعاج للسياسات الأمريكية. وأشارت المجلة الأمريكية، إلى أن أسهم بول، هذه يراها البعض تزيد من فرصه كمرشح للرئاسة عن الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية المقبلة 2016، بالإضافة إلى أنه بينما كان في وقت تسيطر فيه عقيدة "الدفاع والتواجد الأمريكي" لدى الجمهوريين، إلا أن الملل من الحرب- خاصة بعد حرب العراق وأفغانستان- والسخرية من إدارة أوباما للشأن الداخلي والخارجي كان لهما تأثيرهما في أن يجعلا سياسة عدم الانحياز الجديدة ل"بول"، أن تكون مقبولة أو حتى تحظى بشعبية في اليمين. وأضافت "كومنتاري"، أن استيلاء بوتين على شبه جزيرة القرم كان له أثر كبير في أن يوحد إدارة أوباما والجمهوريين للتفكير بجدية حول السياسة الخارجية بطريقة لم تحدث من قبل لسنوات، وكذلك البعض في اليمين واليسار الذين بدأ رد فعلهم بسؤال: لماذا سيؤثر المصير الأوكراني على المصالح الأمريكية؟، بينما يتعاطف الكثيرون مع ضحايا بوتين، ويقولون في نفس الوقت أن مسألة السيادة على شبه جزيرة القرم وربما إعادة بناء إمبراطورية جديدة على أيدي قيصر الكرملين الجديد ليس لها علاقة بالأمن والمصالح الأمريكية. وذكرت المجلة الأمريكية، أن مواقف أوباما المتخاذلة في عدة قضايا عالمية- سوريا وإيران وحاليا أوكرانيا- جعلت العالم في خطر أكبر، وحولت أمريكا لدولة من الدرجة الثانية غير قادرة على حماية مصالحها وحلفائها، بالرغم من رؤية إسرائيل والعرب لإيران كخطر حقيقي عليهم. وأضافت "كومنتاري"، أنه في أوروبا ظهر بوتين في صورة الذي يسعى لإثبات أن ديمقراطيات الدول الغربية يمكن الاستهانة بها، أو أن يعتدى عليها، دون أي عقاب وأنه بذلك، إذا أرادوا أن يتعلموا شيئا من التاريخ، فإنه يتعين على الأمريكيين خياران لا ثالث لهما: وهما إما التصرف بحزم وقوة، أو الاكتفاء بمشاهدة البلطجية - أمثال بوتين- الذي برر تدخله بأنه جاء ليحمي أوكرانيا من المتطرفين الذين نجحوا في إزاحة دميته يانوكوفيتش، لأن يسيئوا فهم عدم الاكتراث الأمريكي كرخصة لفعل ما يحلو لهم متجاهلين العالم وعائدين بأوروبا لعصورها القديمة المأسوية". واختتمت المجلة الأمريكية، بالقول: إن الجمهوريين، والذين يدعون أنهم يقدسون الحرية على أي قيم أخرى، يجب أن يكونوا قادرين على فهم أن سياسة عدم الانحياز التي يفضلونها تعني انعزال الولاياتالمتحدة، عن العالم ويصبح ليس على صلة تماما بسياسة أمريكا الخارجية، إذ أن أمريكا ليست فرنسا، وأنه إذا تخلت الولاياتالمتحدة عن مبادئها الجوهرية للديمقراطية سيؤدي ذلك لتدمير العالم بأكمله، وهو بالطبع لن يعود بالضرر على الاقتصاد الأمريكي وحده.