لا أعتقد أن هناك عاقلا يستطيع أن يتجاهل دور الجيش والمؤسسات الأمنية في عزل الرئيس الأوكراني؛ فليس صحيحا أن الجيش والسلطات الأمنية، قد وقفت على الحياد في هذه الأزمة، لكن في الحقيقة هي اتخذت موقفا سلبيا تجاه الرئيس الأوكراني المنتخب، الذي يفترض أنها تعمل على حمايته وتأمينه؛ فما كان من المتظاهرين إلا أن اقتحموا قصره. لقد خرجت أصوات تتحدث عن أنه كان يجب على الجيش المصري أن يتخذ موقف الجيش الأوكراني وتقليد التجربة الأوكرانية، وفي الحقيقة فات هؤلاء أن الجيش والسلطات الأوكرانية تركوا المتظاهرين لاقتحام القصر الجمهوري، وتمكنوا من السيطرة عليه -حيث لا أهل ولا عشيرة تذبحهم على أسوار القصر- بالطبع لو تم ترك المتظاهرين في مصر لاقتحام قصور الرئاسة. كما حدث في أوكرانيا لكنت ستسمع حينها أن ذلك خيانة وتواطؤ من السلطات في حماية الرئيس المنتخب، وبالقطع لم يكن المتظاهرين في مصر حينها؛ سيستطعون اقتحام القصر، ولكن كانوا سيتعرضون للذبح من ميلشيات الجماعة في الشوارع، لو تم تقليد التجربة الأوكرانية بمصر، وصمتت المؤسسات الأمنية. بالطبع كنت ستجد المذابح في جميع الميادين، وعلى أعتاب قصور الرئاسة من أهله وعشيرته من أمثال عاصم عبدالماجد، والزمر والظواهري "وللعلم كل هؤلاء كانوا قد هددوا بذلك بالفعل". شيء طبيعي أن تردد اللجان الإلكترونية هذه المقارنة، ويتحسرون عليها ولكن غير الطبيعي والغريب حقا، أنها تصدر من كتاب كبار من المفترض أنهم فاهمين وعاقلين. بصراحة مضحك جدا أن تجد كاتبًا بحجم فهمي هويدي، قد دارت به الأيام، وربما الصدمة التي لم يتعاف منها إلى الأن بعد عزل جماعته، وجعلته يردد نفس كلام أفراد اللجان الإلكترونية. ورغم أن الأستاذ هويدي تجاهل ان الرئيس الأوكراني "المنتخب" لم يقم بتحصين نفسه أو تحصين مجالسه التشريعية، ولم يعين نائب عام أو أصدر عفوا رئاسيا عن إرهابيين يشكلون خطرا على امن بلاده، ولم يقم بدعم وحماية جماعات مسلحة ضد قواته المسلحة، وليس له اهل وعشيره أطلقت لترويع وتهديد المعارضين، إلا أنه في الوقت الذي تحدث فيه فهمي هويدي عن اعتصام المتظاهرين في الشوارع، ومطالب المتظاهرين في أوكرانيا بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وبالمناسبة لم نجده رافضا لذلك، ولم نسمع منه مصطلحات الرئيس الأوكراني رئيس منتخب مثلا، وله شرعية، لكن هويدي صادر على حقوق المتظاهرين في مصر وأباحها لهم في اوكرانيا. اما إذا كانت كل المشكلة في "الوسيله"، والمفروض أنه يتم عزل الرئيس بالبرلمان مثل اوكرانيا. كما ألمح هويدي فحقيقة فإن هذا تضليل وتمييع وتسطيح للأمور. يعني يا استاذ فهمي حضرتك كنت عايز مجلس الشورى الإخواني يعزل محمد مرسي، هذا وبالمثل ليه حضرتك لم تنتظر من مجلس الشعب بتاع أحمد عز إنه يعزل مبارك مثلا يعني؟!. هذا لو افترضنا أننا كنا نعيش في نظام سياسي وديمقراطي بالفعل ليس به تحصينات، ولا إعلانات دستورية. وبعيدا عن كون بقية مقال الأستاذ فهمي هويدي لا تستنتج منه سوى أنه يناضل ويجاهد من أجل إعادة جماعته للساحة من جديد، كما كان متجاهلا أفعالها طوال عام من حكمها الكئيب، بالمثل لم نجده أيضا متحدثا عن أفعالها وجرائمها وعمالتها. الآن وللأسف اكتفى هويدي بأن يسوق مبررات لقتل واستهداف رجال الجيش والشرطة، أما أكثر ما اتحفنى حقا هو أن الأستاذ هويدي وصف موقف الجيش الأوكراني بالصمت، بأنه ساعد على ما وصفه ب(انفراجه لأوكرانيا ) لنفاجىء الأن بهذه (الإنفراجة) وقد قاربت لأن تكون بدايه حرب عالمية جديدة. أن تقال هذه التفاهات والخزعبلات من صفحات لجان خيرت الشاطر على الفيس بوك، فهذا أمرا عاديا. حيث لا منطق ولا فكر ولا رأي، وحقيقة كنا نظن أن هذا الدجل والشعوذة والتضليل لن تجده سوى على هذه الصفحات، ولكن اتضح جليا ان اللجان الإلكترونية أصبحت إسلوب حياة، وعلى ما يبدو قد ظهر أن فهمى هويدى ما هو إلا ما اعتبره انا شخصيا الزعيم والأب الروحي لهذه اللجان. (الآراء المنشورة كتبها القراء ولا تعبر بالضرورة عن رأي موقع وجريدة "الوطن"، وإنما تعبر عن أراء أصحابها)