أقباط مصريون يُقتلون ويُذبحون، ويُعتقلون فى ليبيا، دون ذنب اقترفوه، ضاقت بهم أرض وطنهم بما رحبت واتسعت، فهاجروا إلى هناك، بحثاً عن حياة أفضل، فاحتضنهم القتل، وبعثهم إلى ذويهم فى نعوش.. فهل صارت ليبيا «هولوكست» لأقباط مصر، خصوصاً بعد مذبحة السبعة الأخيرة فى مدينة بنغازى؟ يجيب أقباط قرى مركز سمالوط بالإيجاب عن هذا السؤال، لأن كثيراً من أبنائها الأقباط الذين سافروا إليها فى السنوات الأخيرة، إما قتلوا أو اختفوا، لا يعلم أحد عنهم شيئاً، فيما تواصل وزارة الخارجية عجزها عن حماية المصريين، سواء قبل قتلهم، أو بعده، ولعل ما حدث بعد مذبحة المصريين السبعة وجميعهم من سوهاج أكبر دليل على ذلك. الشاب سلامة فوزى طوبيا، 23 سنة، أعيته الحيل فى البحث عن فرصة عمل فى وطنه، بعد إنهاء خدمته العسكرية، فهاجر إلى ليبيا، أملاً فى أن تضحك له الدنيا بعد تجهم، فتولى مجهولون مسلحون تصفيته فى مقر عمله، بأحد المتاجر، ويقول شقيقه كرم، إن «سلامة» كان يعمل فى محل خضار ببنغازى، وأثناء فتح المحل صباح يوم الجريمة، فوجئ ببلطجى يتشاجر معه دون سبب، وأطلق عليه الرصاص، وتم نقله إلى المستشفى بين الحياة والموت، مؤكداً أن الأقباط بليبيا لا يستطيعون الخروج من المنازل. وتقول المقدسة مرزوقة، والدة «سلامة»، إن ابنها أنهى تجنيده، وذهب إلى ليبيا بحثاً عن العمل فأطلق عليه مجهولون النار ونقل إلى المستشفى فى حال خطرة. وتابعت «مش عايزة حاجة من الدنيا غير إنى أشوف ابنى قدام عينى سليم». ويقول ميلاد طوبيا، عم «سلامة»، إن المصريين ليست لهم أى قيمة فى ليبيا، مناشدا المشير عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع، إرسال طائرات عسكرية لإحضار جميع العاملين فى ليبيا الذين يرغبون فى العودة إلى مصر. كما اختفى «عماد»، ابن عم «سلامة»، فى ليبيا، منذ نحو عامين، ولا تعلم أسرته إن كان حياً، أم لا، لأن وزارة الخارجية ترفع شعار «الصمت لغة العظماء». كان الشاب العشرينى عماد مجدى عدلى، ترك منزل أسرته المتواضع، بقرية الشيخ تلات، التابعة لمركز سمالوط بالمنيا هرباً من الفقر والبؤس، تاركاً خلفه زوجة وطفلين وأماً عجوزاً، وتوجه إلى ليبيا، وانقطعت أخباره منذ عام ونصف العام، وتقول زوجته «هالة»: إن «عماد» كان يعمل «جناينى» بمحافظة بنغازى وفجأة انقطعت أخباره تماماً، ولم تساعدهم أى جهة فى الوصول إلى شىء. وقالت والدته مريم زكريا، إنهم تلقوا اتصالات من مجهولين بأن ابنها محتجز لدى مجموعة أنصار الشريعة وإنه جرى إيداعه بالمعتقل بدعوى ممارسته التبشير، رغم أنه لا يعرف القراءة والكتابة. ويقول على محمود شيخ البلد بالقرية، إن أسرة سلامة معدمة ويعمل ثلاثة منهم بليبيا، كما أن عدداً كبيراً من أبناء القرية يعملون هناك ويتعرضون لكل صور الإهانة، ولكن ظروف الحياة تجبرهم على البقاء هناك. وقال ياسر خليفة أحد جيران أسرة «سلامة» وسبق له العمل بليبيا إن أفراد كتيبة أنصار الشريعة، يهاجمون منازل ومساكن العمال المسيحيين ويعملون على تهديدهم وضربهم وإهانتهم بأقصى وأبشع أنواع الإهانات والإذلال، كما يعتدون عليهم بالمطاوى والسنج والسيوف ويستولون على أموالهم بالإكراه.