بعد وفاة الرئيس التونسي.. دعوات للوحدة ومخاوف من مطامع "الإخوان"

أعلنت الرئاسة التونسية، اليوم، وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي عن عمر ناهز ال92 عاما بعد ساعات من إدخاله الى وحدة العناية المركزة في المستشفى، الحدث الذي يصادف إحياء عيد الجمهورية حين تم إلغاء الملكية في 25 يوليو من عام 1957.
وتثير وفاة الرئيس التونسي كثير من الإشكاليات، بحسب مراقبين، تتعلق بمستقبل حركة "نداء تونس" التي أسسها وضربتها الانقسامات، وترصد حركة "النهضة" الإخوانية التي ترى في رحيل "السبسي" الكاريزما التي كانت توحد التونسيين ضد مشروعات التيار الإخواني.

عضو ب"نواب" تونس: "السبسي" كان حجر عثرة أمام مشروعات التمكين الإخواني والشعب منتبه للجماعة
"كان حجر عثرة أمام مشروعات التمكين الإخواني"، هكذا علقت فاطمة المسدي عضو مجلس نواب الشعب التونسي باكية على وفاة الرئيس، في اتصال هاتفي ل"الوطن"، وقالت إن "الشعب التونسي كله ينعى رئيس الجمهورية التونسي الذي كان حريصا على إرساء قواعد ومبادئ الجمهورية ورفض قانون الإقصاء ليحافظ على الجمهورية".
وأضافت "المسدي": "نحن تلقينا الخبر ونحن في مسار الانتخابات، وتم إيداع ملفات الترشيحات منذ يوم 22 يوليو واليوم ما علينا إلا أن نكون صفا واحدا ضد كل من يهدد تونس وآمنها من الإرهاب، وليس فقط الإرهابيين الذين يريدون أن نكون في فوضى، وعلينا أن نتمسك بمبادئ الديمقراطية والاتحاد مع الشعب من أجل الحفاظ على تونس".
وقالت البرلمانية التونسية: "اعتقد أن تونس تعرف أن الباجي قائد السيبسي كان في مرحلة يتحكم في المشهد التونسي رغم معرفته بأن حركة النهضة تسعى إلى أن تحقق أهدافها بالتمكين من الدولة وترى فيه عثرة في طريقها، عو كان بالفعل حجر عثرة أمامهم". وتابعت: "أما اليوم فإن حركة النهضة أمام فراغ سياسي حالي بلا شك، لكن الشعب منتبه لكل من يحاول المساس من قيم الجمهورية التونسية".
وامتلك الباجي قائد السبسي خبرة سياسية واسعة مكنته من نيل منصب رئيس حكومة انتقالي في 2011 في فترة حساسة تمر بها البلاد آنذاك عقب الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي، وتمكن من الوصول بها إلى انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التي فازت بها "حركة النهضة" الإخوانية.
رئيس وحدة شمال إفريقيا ب"الأهرام": تونس تدخل حالة عدم يقين سياسي.. والانتخابات المقبلة ستكون شديدة التنافس
من جهته، قال الدكتور زياد عقل رئيس وحدة دراسات شمال إفريقيا بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، في اتصال هاتفي ل"الوطن"، إن "تونس في الوقت الحالي دخلت حالة من عدم اليقين السياسي بعد وفاة السبسي"، وأوضح "عقل" قائلا: "بعد وفاة السبسي لا شك أن المسار الدستوري سيأخذ مساره وهو أن رئيس البرلمان يتولى رئاسة الدولة مؤقتا، وفي نفس الوقت ستفرز الفترة المقبلة عددا كبيرا من القيادات السياسية، وتونس ستشهد انتخابات تنافسية جدا وهذا يعيد إحياء المجال العام التونسي والتنافس السياسي أؤكد أنه سيكون شديدا".
وعن مستقبل حركة "نداء تونس" التي كان يقودها "السبسي"، وتشهد انقسامات كبيرة في الفترة الماضية، قال "عقل": "مستقل حركة نداء تونس لن يكون محفوفا بالمخاطر ولكن مما لا شك فيه أنه بعد وفاة السبسي ستدخل الحركة في مرحلة من الصراع الداخلي والقضية كلها أن السبسي كان أكثر شخص عليه توافق أو قدر الإجماع حوله داخل نداء تونس".
وتابع الباحث السياسي: "حاليا نداء تونس ستدخل في مرحلة جديدة للتوافق على شخصية جديدة وحتى الآن لا يمكن الحديث عن شخصية بعينها أو ما يتعلق مرحلة ما بعد الوفاة".
وأسس الباجي حزب "نداء تونس" في 2012 ودخل به الانتخابات على قاعدة مناهضة الإسلاميين والإخوان وتمكن من الفوز بغالبية مقاعد البرلمان آنذاك وبرئاسة الجمهورية، وأعلن في وقت لاحق دخوله في تحالف وتوافق سياسي مع النهضة على الحكم ما أثار جدلا داخل نداء تونس. وضمّ هذا الحزب يساريين ونقابيين وأيضا منتمين سابقين لحزب "التجمع" الحاكم في عهد الرئيس المخلوع بن علي، والذي تم حله بقرار قضائي بعد الثورة.
وقال "عقل": "سيكون هناك أكثر من مرشح للرئاسة التونسية في كل تيار من التيارات السياسية سواء نداء تونس أو حركة النهضة أو غيرها من التيارات الليبرالية".
وأضاف "عقل"، حول ما إذا كانت وفاة "السبسي" فرصة لحركة النهضة التابعة لتنظيم الإخوان الدولي: "فكرة فراغ موقع القيادة في نداء تونس سيسمح لحركة النهضة بنفوذ أكبر داخل الشارع التونسي، وهذا يعطي حظوظ أوفر لمرشح حركة النضهة، ولكن النهضة مؤخرا لا يوجد لديها ما يكفي من قيادات هي الأخرى، ولذلك أقول إن تونس في مرحلة انعدام اليقين سياسيا يصعب التنبؤ فيها بمن سيديرها خلال المرحلة المقبلة وعلينا الانتظار لنرى ردود فعل الشارع التونسي".
وأصبح قائد السبسي أول رئيس دائم لتونس بعد ثورة 2011 بعد فوزه في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية التي أجريت في 23 نوفمبر 2014، على منافسة الرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي.
أمين عام "مشروع تونس" ل"الوطن": يجب أن نتوحد في حكومة موسعة بعد انتخابات لا تضم الإخوان
من جهته قال الأمين العام لحركة "مشروع تونس" محسن مرزوق، والذي كان أحد مؤسسي "نداء تونس" من قبل، إن "وفاة الرئيس السبسي خبر سيئ ومحزن والصدفة ذات المعنى أنه توفي يوم عيد الجمهورية لأنه رئيس دولة مهم وكبير وأنقذ تونس مرتين على الأقل عندما كانت مهددة بالفوضى والتفريق بعد 2011، وأعتقد سيبقى التاريخ يذكر السبسي".
وأضاف "مرزوق": "بالنسبة للمستقبل هناك آليات دستورية سيتم احترامها ونحن ملتفون حول الوحدة الوطنية في هذه اللحظة المحزنة والدقيقة، والدستور واضح والترتيبات واضحة ورئيس البرلمان يتولى المنصب".
وقال السياسي التونسي: "الآن في كل الحالات نداء تونس انقسم إلى نحو 3 أو 4 مكونات وفي كل الحالات أعتقد إن إرث الباجي قائد السبسي يدعو للتوحد في مواجهة الإسلام السياسي، وكل من يفكر بشكل إيجابي يجب توحيد الحركة الوطنية في مواجهة جماعة الإخوان".
وتابع: "حركة النهضة الإخوانية ضعفت بشكل كبير جدا ولكن المشكلة أن الانقسام في الوقت الحالي داخل القوى التي تواجهها يخدمها طبعا، مقارنة بفترات مثل 2014 عندما هزمناها تشريعيا ورئاسيا".
وقال "مرزوق": "ونحن ندعو نداء تونس لتوقيع خارطة طريق لمرحلة ما بعد نتائج الانتخابات المقبلة بأن نعمل على تشكيل حكومة موسعة تضم كل التيارات الوطنية شريطة ألا تشمل حركة النهضة الإخوانية".
ومنذ 2015 دخل حزب الباجي في صراعات داخلية على القيادة وبدأت مشاكل الحزب والاتهامات الموجهة لنجل الرئيس حافظ قائد السبسي في السيطرة على القيادة تؤثر على صورته واستقال من كتلته البرلمانية العديد من النواب ليصل عددهم حاليا إلى 37 بعد أن كانت تضم 86 نائبا.