تُعرف «النخبة السياسية» فى الإنجليزية ب«Elite»، وهى «أقوى مجموعة من الناس فى المجتمع»، وجرى تخصيص نظرية باسمهم فى العلوم السياسية، فهم البوصلة التى من المفترض أن يسير وراءها المجتمع من أجل غدٍ أفضل، أما فى مصر فقد سلطت الأضواء على هذه النخبة بكثافة فى 25 يناير، وسقط كثير من رموزها بعد 30 يونيو. يُحلل د. على ليلة، أستاذ علم الاجتماع السياسى بجامعة عين شمس، دور النخبة، مشيراً إلى ضرورة أن تمتلك مشروعاً قومياً، لأنهم عقل المجتمع وبوصلته، مُضيفاً أن النخبة المصرية مرت ب4 مراحل، تبدأ من ثورة 1919 وحتى ثورة 23 يوليو 1952، وقتها أصرت «النخبة» على مواجهة الاستعمار، وكان الشعب بكامل إرادته يقف فى صفها، أملاً فى نيل الحرية. ويؤكد «ليلة» أن النخبة فى عهد «عبدالناصر» كانت تهدف إلى الضغط من أجل التحول الديمقراطى وتحقيق العدل الاجتماعى، ثم جاء عهد أنور السادات وبدأت النخبة الليبرالية، التى تعرّضت لهجوم من قِبل الاشتراكيين، واستمرت التجربة التى تدّعى أنها ليبرالية متوارثة بين عهدى «السادات» و«مبارك» حتى اندلاع ثورة 25 يناير، التى صارت تمتلك نخبة أخرى تحقق آمال وتطلعات الشعب. عانى حسنى مبارك منذ توليه الحكم مرض الانفصال عن الجماهير، حسب «ليلة»، الذى يضيف أنه «لم يزُر قريته منذ غادرها سوى مرتين». ويؤكد أن «التحالف الوحيد الذى أقامه كان مع الطبقة العليا التى تضم رجال المال والأعمال، وهو ما نتج عنه استغلال مبارك للنخبة فى ترويج فكرة التوريث ودعمها». يقول «ليلة»: «للأسف، كان مفروضاً أن تنظر النخبة ناحية المجتمع، لكن الغريب أن قطاعاً من النخبة المثقفة سار على هوى الحاكم وقتها، وامتدح مشروع التوريث، ودعم فساد انتخابات مجلس الشعب 2010 الذى قصم ظهر نظام مبارك». تمثلت الموجة الأولى من النخبة قبل الثورة بأعوام قليلة، ما بين حركات «كفاية» و«شايفينكو» و«لا للتوريث» و«9 مارس» و«6 أبريل». لكن مع قيام الثورة أصبحت النخبة أطلالاً يبحث عنها الجميع، حتى إن كثيراً من المواطنين يبحثون عن قائد للثورة لتكتمل، وهو ما تكرر فى ثورات سابقة مثل الفرنسية والروسية والصينية، والأزمة كانت فى النخبة المثقفة التى شوّهت بقية النخب وقت «مبارك»، والتى طالبت بالصبر على إصلاح نظامه، لا عزله. الخطايا التى يرى «ليلة» أن النخبة اقترفتها خلال ثورة 25 يناير تتمثل فى عجزها عن تقديم دور تنويرى لصالح الثورة، علاوة على طمعها فى الظهور الإعلامى بقوة، ويقول: «كلهم بقوا نجوم فى الإعلام»، أما الخطيئة الكبرى فتتمثل فى الإخلاص للمرجعيات أكثر من الإخلاص للوطن. ويفنّد أستاذ علم الاجتماع السياسى ثلاث نخب ظهرت بعد الثورة كان لها تأثير قوى، الأولى هى الشباب النخبوى الذى وجد فيه الشعب الأمل فى التغيير بعد أن تمسك بشعار «عيش، حرية، عدالة اجتماعية، كرامة إنسانية»، وتضم هذه النخبة شباب التيارات الدينية والليبرالية والعلمانية، أما النوع الثانى فهو النخبة الدينية، وأخيراً النخب الحزبية التى انبثقت من رحم الأحزاب القديمة عدا الحزب الوطنى، والتى حاولت اللحاق بركب الثورة ليس إلا! أما النخبة وقت ثورة 30 يونيو فكانت شعبية بشكل كامل، ولم يحتَج وقتها المواطن إلى شخص نخبوى يوجهه، اللهم إلا حملة «تمرد» التى استجاب الشعب لمطالبها. وانقسمت النخبة مع انقسام المجتمع بين مؤيد ومعارض لنظام الحكم أو حتى من لديه انتقادات لنظامه، ثم قلت أكثر فأكثر بعد فض الاعتصامات وإقرار قانون التظاهر.