تطالب المليشيات المسيحية في إفريقيا الوسطى التي قاتلت متمردي "سيليكا" المسلمين وأصبحت اليوم متهمة بارتكاب تجاوزات كثيرة، بالاعتراف بدورها بالقضاء على التمرد، معربة عن استعدادها لنزع السلاح مقابل مساعدة عناصرها على الاندماج. من معقله في حي "بوي-راب" شمال بانجي، أعرب إدوارد نجايسونا الوزير في عهد الرئيس السابق فرنسوا بوزيزيه، الذي أطاحت به حركة "سيليكا" مارس 2013 وأصبح "المنسق السياسي" للمليشيات المسيحية التي تطلق على نفسها اسم "انتي بالاكا"، عن أسفه لاقصاء حركته من قبل السلطات الانتقالية الجديدة التي اتهمها ب"إنكار فضلها". وقال، في حديث مع "فرانس برس": "فقدوا ذاكرتهم، نحن من أنقذناهم. طيلة أشهر عديدة لم يحرك المجتمع الدولي ساكنا ولم يطلب أحد من (ميشال) جوتوديا (الرئيس المنبثق عن حركة التمرد والذي أرغم على الاستقالة في العاشر من يناير) ومرتزقته أن يتوقفوا، فانتفض الشعب في يوليو". وأضاف: "لا بد من الاعتراف بما فعله عناصر الانتي بالاكا الذين حرروا شعب إفريقيا الوسطى". واعتبر أن الرئيسة الانتقالية الجديدة كاترين سمبا بنزا التي لاقت ترحيبا لدى تعيينها في العشرين من يناير، أصبحت اليوم محقود عليها بسبب حكومتها ومكتبها. واحتج قائلا: "الرئيسة قالت إنها ستعين مستشارين ووزراء من بيننا، لكنها لم تفعل"، وقال نجايسونا إنه تم إقصاؤه "رسميا" بسبب "مشاكل قضائية" معتبرا الأمر "مجرد ذريعة". ويلازم نجايسونا صيته السىء بعد أن اعتقل بداية سنوات الألفين بتهمة الإثراء غير المشروع وما زال يخضع لتحقيقات عدة. وفي حين وجهت له تهمة القيام بعمليات نهب وتجاوزات بحق المسلمين، قال "منسق الانتي بالاكا" إنه على اتصال مع ممثلي "كل بلدية" لكنه نفى أعمال النهب متحدثا عن "وجود لبس". وقال "ليس لدينا شيء ضد إخواننا المسلمين". وأضاف: "ليس هناك أمان اليوم، ولا يمكننا أن نظل مكتوفي الأيدي نتفرج على التشاديين وهم يطلقون النار على شعبنا". ووجه الاتهام مرارا إلى تشاد التي نفت بشدة بالتواطؤ مع حركة سيليكا التي تعد بين صفوفها مقاتلين تشاديين وسودانيين. وقال: "ما نشهده في الأحياء هو تصفية حسابات، الانتي بالاكا ليسوا قتلة ولا سارقين، لا بد من محاربة هؤلاء الأشرار، لا بد من إشراك الانتي بالاكا الحقيقيين ضد الانتي بالاكا المزيفين". وفي حي بوي-راب يتنقل العديد من الرجال مسلحين ببنادق الكلاشنيكوف كما تجوبه سيارات مكشوفة تحمل أعدادا كبيرة من مقاتلي الميليشيات المسيحية - الانتي بالاكا. وقال نجايسونا إن الحركة تعد نحو سبعين ألف رجل أكثر من نصفهم في بانجي. وفي حين أودع عناصر سيليكا السابقين في الثكنات بعد سقوط زعيمهم، قال نجايسونا إن "الانتي بالاكا" لم يستفيدوا ولم يتم الاستماع لمطالبهم"، داعيا إلى الاقرار بشكل "عاجل" ببرنامج "نزع الأسلحة والتجنيد وإعادة الاندماج للجميع". وأفاد مصدر دبلوماسي أن هذا البرنامج الذي ستنفذه سلطات إفريقيا الوسطى بدعم الأممالمتحدة وتمويل دولي ما زال متوقفا بسبب عدم التوصل إلى اتفاق سياسي بين الأطراف المعنية. وقال: "استوعبوا عناصر سيليكا مع أسلحتهم (سلاح لكل مقاتل) ويطلبون من الانتي بالاكا نزع أسلحتهم دون مقابل"، مؤكدا: "يجب استيعابهم ودمجهم هم وقدماء عناصر القوات المسلحة في إفريقيا الوسطى الذين انضموا إليهم". ودعا إلى إلقاء السلاح "وليؤد كل واحد الصلاة كما يشاء"، مؤكدا أنه "لا بد من إجراء إصلاح عميق في القوات المسلحة في إفريقيا الوسطى قبل نشرها على الأرض وإلا فإن التجاوزات لن تتوقف". وأضاف: "القوات المسلحة لن تقبل بعناصر سيليكا ضمن الجيش الجمهوري". وارتكب عناصر من القوات المسلحة الأسبوع الماضي جريمة بحق عنصر سابق من الحرس الرئاسي متهم بالانضمام إلى حركة التمرد، خلال حقل رسمي في بانجي.