في الحلقة السابقة، تعرف بطلنا على "الجزيرة"، وتحدث إلى رواد أحد مطاعهما، والذين تميزوا بالرقي والهدوء والحب، فتأكد أن السعادة تكمن في الأشخاص، لذا قرر أن يعيد الكرة. استيقظ مبكرًا في اليوم التالي وقرر الذهاب إليهم، وبالفعل طرق الباب عليهم صباحًا، واستقبلوه أفضل استقبال، وتفاجأوا أنه يسكن مباشرة أمام بيتهم.. تناولوا الفطور معًا، وبعدها غادر ليكمل رحلته في استكشاف المدينة، ففي كل ثانية يزداد اشتياقه لكي يعرف كل شئ عنها، فهي ساحرة وأثرها على الإنسان مختلف.. بالطبع لا يشعر به إلا من استطاع أن يصل إلى تلك المنطقة في منتصف البحر. سكان تلك الجزيرة لا يستخدمون السيارات كوسيلة للتنقل، فهم يستخدمون الدراجات كوسيلة غير مؤثرة على البيئة، فضلًا عن كونها رياضية لمن يمارسها، فقام الشاب بركوب الدراجة لكي يحاول استكشاف ما في هذه المدينة الغريبة.. أخذ الدراجة إلى الشاطئ لكي يرى المنظر الرائع الذي لا يتكرر، وفي لحظة ما توقف عن السير بالدراجة، وكأنه رأى شئ لم يره من قبل، وحالة من الصمت التي نزلت على هذا الشاب، ولو كانت هناك كاميرات فوتوغرافية تصوره لما احتاج تكرار أكثر من وضع، فالصور كلها كانت بنفس الوضع ونفس تعبيرات الوجه. رأى فتاة جميلة مرتدية ثياب بيضاء، تظهر كأنها أتت من السماء.. جالسة تقرأ كتاب، وبرغم شغف هذا الشاب لأن يذهب ويتعرف عليها، مر كأنه لم يراها لكي لا يعطلها عن قراءة كتاب مفيد.. أخذ في السير ليكمل رحلته حول هذا المكان، فبعد أن قطع مسافة عرض الشاطئ، مر بين الشوارع، ووجد أنها تذكره بمدينته الأصلية، وبدأت ذاكرته في استرجاع أيام طفولته، حينما كان ينزل لينتظر باص المدرسة، والطريق الذي كانت تسير فيه العربة. ولكن الذاكرة أيضًا دفعته أن يتذكر أصدقاء الماضي، وخاصة صديقته التي كانت لا تفارقه منذ فترة الطفولة حتى تفرقا، فذهبت إلى فرنسا وبقى في مدينته التي تربى فيها، كانت تحبه حبًا لم يتخيله أحد، ولا أعلم هل كان يشاركها نفس الإحساس أم لا؟ ولكن على الأقل كانا أصدقاء رائعين، يتشاركون في كل شئ لدرجة أنهم كانوا أحيانًا يتناولون الطعام في بيته أو بيتها وهم أطفال. لما تذكرها تذكر لحظة الفراق فقط، ولم يتذكر ما قبل الفراق لأنه لم يتخيل أن تفارقه، فقد تعود عليها ولم يتصور أن تبتعد عنه.. لم يكن ناضجًا بالدرجة الكافية لكي يشعر بذلك ولكن بمفهوم الطفل، عندما يحب لعبة فيتشبث بها، وعندما تخبيها عنه أو تبعدها يبكي وكأنك أخذت روحه.. هذا المفهوم ينطبق على إحساسه لحظة فراق صديقته، خاصة أنه لم يكن له أصدقاء كثيرون، وقليلين من يفهموه، ولكن الحياة لا تعطى المرء كل شئ. لنرجع للوراء للحظات.. عندما وقفت الدراجة، ورأى الشاب تلك الفتاة التي تشبه الملاك الذي نزل من السماء فشده شئ.. هو يعرفها، كانت تشبه صديقته إلى حد كبير، وكأن الأرض ابتلعت صديقته وأوجدتها في تلك الجزيرة.. عندما نرى شيئًا لفت انتباهنا أو كاد يؤثر فينا، فلنعلم أن وراء هذا الشئ قصة، لم تبدأ ولكن لن تنتهي.