ستحاول الولاياتالمتحدة بعد الاتحاد الأوروبي، اليوم، الضغط من أجل التوصل إلى حل سياسي في أوكرانيا، غداة تحذير من روسيا من أي تغيير في موقف "كييف" بالنسبة لالتزاماتها حيال موسكو. وتصل مساعدة وزير الخارجية الأمريكي فيكتوريا نولاند، اليوم، إلى العاصمة الأوكرانية، لإجراء محادثات مع قادة المعارضة والسلطات. وكان الاتحاد الأوروبي ممثلا بوزيرة خارجيته كاثرين آشتون، التي زارت "كييف"، أمس، حث أوكرانيا على "بذل المزيد من الجهود" للخروج من الأزمة التي تهز البلاد منذ أكثر من شهرين. وعبرت روسيا أمس عن قلق متزايد حيال تأخر أوكرانيا في تسديد فواتير الغاز وقد طلبت توضيحات حول التطور السياسي في هذا البلد الذي تتواصل فيه التظاهرات الموالية لأوروبا. وأوضح المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، لإذاعة روسية، أن الرئيس فلاديمير بوتين لن يعود عن التزامه منح مساعدة لأوكرانيا بقيمة 15 مليار دولار، وفي الوقت نفسه خفض سعر الغاز الروسي الذي يتم تسلميه إلى الدولة الجارة طالما ستحترم كييف من جهتها التزاماتها حيال موسكو. وقال "بيسكوف": "إذا احترم الجميع حرفيا الوثائق القائمة، فلن يتعين على أي شخص تعديل أي شيء كان". لكنه أوضح "نحن قلقون من ارتفاع الدين المتعلق بشحنات الغاز". وبحسب المجموعة الروسية العملاقة في مجال الغاز "غازبروم"، فقد كان لا يزال يترتب على الشركة الوطنية للطاقة في أوكرانيا هذا الأسبوع 3,9 مليارات دولار من الفواتير غير المسددة عن العام 2013 ويناير من هذا العام. وأضاف "بيسكوف" أن "غازبروم قالت إن الدين يرتفع، حتى أنه يزداد بسرعة كبيرة. نأمل أن يطبق شركاؤنا الأوكرانيون كل بنود الاتفاقيات السارية المفعول". والأسبوع الماضي، أعلن "بوتين" لقادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل أن روسيا ستحترم بنود اتفاقها بشان المساعدة لأوكرانيا، أيا كان رئيس الحكومة في كييف. وقدم رئيس الوزراء الأوكراني الموالي لروسيا ميكولا آزاروف، استقالته الأسبوع الماضي بعد شهرين على تظاهرات موالية لأوروبا في شوارع كييف. وأضاف بيسكوف: "بالتأكيد هذا سيتطلب وقتا قبل أن يكون في وسع رئيس الحكومة الأوكراني الجديد أن يوضح لموسكو إلى أي حد سينتهج سياسة الفريق (الحكومي) السابق". وتابع المتحدث: "نريد أن نفهم فقط ماذا سيحدث لهذه الأموال"، في إشارة إلى المساعدة المالية الروسية. من جانب آخر، اعتبرت آشتون إثر محادثاتها في كييف، أمس، أنه يجب "القيام بالمزيد من العمل" في مجال الإصلاحات وعبرت عن أمله في أن "تتسارع هذه الخطوات"، وذلك بعد لقائها الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفتيش وبارز قادة المعارضة. وأوضحت أن الاتحاد الأوروبي مستعد لدعم الإصلاحات والمساهمة في التحقيق حول أعمال العنف التي وقعت الشهر الماضي. من جهتها، أكدت الرئاسة الأوكرانية أن اللقاء تناول بشكل خاص الإصلاح الدستوري الذي تطالب به المعارضة والذي لا ترفضه السلطة مبدئيا، لكن المعارضة تريد العودة إلى دستور 2004 للحد سريعا من السلطات الرئاسية، فيما يدعو يانوكوفتيش إلى صياغة قانون أساسي جديد وهو ما قد يستغرق المزيد من الوقت. وقال أحد قادة المعارضة فيتالي كليتشكو، أمام البرلمان: "يجب أن نعود إلى دستور 2004 وبعد ذلك نأخذ وقتنا في بحث دستور جديد، وإلا فإنه يجب التوجه نحو إجراء انتخابات مبكرة". وقال: "إذا لم يتم اتخاذ قرار سريع، فسيحصل تصعيد جديد للتظاهرات". وظهرت خطورة الأزمة أمس إثر تراجع العملة الوطنية "هريفنيا" بنسبة 5% أمام الدولار واليورو. وتحدث خبير اقتصادي لوكالة "فرانس برس" عن "بداية حالة ذعر"، معتبرا أن أوساط الأعمال قد تكون تخرج أموالا من البلاد. ومن المرتقب أن يبحث الرئيس الأوكراني كل هذه الصعوبات الجمعة مع الرئيس فلاديمير بوتين أثناء لقائهما على هامش الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي. وقالت أوساط سياسية أوكرانية إنه من غير المرجح أن يحصل تطور هام في الأزمة في كييف قبل هذا اللقاء. وتواجه أوكرانيا منذ أكثر من شهرين أزمة غير مسبوقة. فتظاهرات الاحتجاج التي فجرها في أواخر نوفمبر تراجع الحكومة الأوكرانية عن اتفاق شراكة كانت على وشك توقيعه مع الاتحاد الأوروبي، واختيارها سياسة التقارب مع موسكو، تحولت رفضا للنظام الرئاسي الذي أقامه يانوكوفيتش. ويحتل المعارضون وسط كييف منذ ذلك الحين. وأسفرت صدامات عن سقوط أربعة قتلى على الأقل وإصابة 500 بجروح في يناير.