لم يكن حكم محكمة استئناف "إسطنبول" بسجن صحفيين مدد تتراوح بين عامين ونصف وأكثر من ثماني سنوات، إلا حلقة جديدة من حلقات سلسلة انتهاك حرية الصحافة، وقمع الصحفيين وكسر الأقلام في تركيا تحت حكم رجب طيب أردوغان، الذي يستمر في سياساته القمعية وإسكات أي صوت يعارضه وقصف أي قلم لا يخضع له. 2018، كان من أكثر الأعوام التي تعرضت فيها الصحافة التركية للقمع والمنع والحجب والإغلاق، حيث كشف تقرير نشره مركز ستوكهولم للحريات، أن عدد المقالات التي حذفتها السلطات التركية من الإنترنت وصل إلى 2950 في سنة 2018. ووفقًا للتقرير، لم يقتصر القمع التركي على الصحف فقط، بل امتد ليشمل المدونين على مواقع الشبكة العنكبوتية، حيثث حظرت السلطات التركية 77 تغريدة على موقع التدوينات القصيرة "تويتر"، و22 تدوينة و5 مقاطع فيديو في موقع "فيسبوك"، و10 مواقع إلكترونية، وأصدرت 3 أوامر بمنع البث. واحتلت تركيا المرتبة الثالثة كأكثر دولة بها صحفيين معتقلين ضمن قائمة منظمة "صحفيون بلا حدود" الخاصة بعدد الصحفيين المعتقلين، وذلك في تقريرها الصادر في ديسمبر الماضي، والذي احتلت فيه تركيا المركز 157 من بين 180 دولة، كما أعلنت لجنة حماية الصحفيين، خلال نفس الشهر، تركيا كأكثر دولة انتهكت حرية الصحافة. وكانت آخر الاحكام ضد الصحفيين، قبل حكم محكمة الاستئناف التركية، تغريم وحبس الصحفية بلين أونكر التي نشرت تقارير استنادًا إلى "وثائق بنما" التي كشفت امتلاك نجلي رئيس الوزراء السابق ورئيس البرلمان حاليا، بن علي يلدرم، شركات خارج حدود تركيا بهدف التهرب الضريبي. ويشير تقرير مفوضية الصحفيين الأحرار إلى محاكمة 521 صحفي خلال عام 2018 وإصدار أحكام سجن بإجمالي 547 عاما بحق 112 صحفي والمؤبد لثلاثة صحفيين واعتقال 141 صحفي خلال عام 2018 وحبس 64 صحفي ورفع دعاوى قضائية بحق 71 صحفي بينما لا يزال 171 صحفي داخل السجون بالوقت الحالي. ومنذ محاولة الانقلاب الفاشلة في عام 2016، أغلقت السلطات التركية 5 وكالات أنباء و62 صحيفة و19 مجلة و34 إذاعة راديو و29 قناة تلفزيونية و29 بيت نشر وتوزيع بموجب حالة الطوارئ، التي ألغي في أول شهرين منها فقط 620 بطاقة صحفية و34 بطاقة صحفية برلمانية وجوازات سفر بعض الصحفيين.
