بالأسماء.. أوائل الطلاب المكفوفين بالشهادة الإعدادية الأزهرية بقنا    رسميًا.. رابط الاستعلام عن نتيجة مسابقة تعيين 20 ألف معلم مساعد للغة الإنجليزية    حقوق الإنسان بمجلس النواب تستضيف رئيس الطائفة الإنجيلية وأعضاء الحوار المصري الألماني    ارتفاع أسعار الذهب في مصر بقيمة 55 جنيهًا    700 جنيه للكيلو.. محافظ الإسكندرية يُعنّف صاحب محل جزارة: «جبتوا الأسعار دى منين؟» (فيديو)    رئيس الوزراء يتابع خطط وإجراءات التوسع في مشروعات تحلية مياه البحر وتوطين الصناعة الخاصة بها    انخفاض تكلفة التأمين على الديون السيادية لمصر لأدنى مستوى في 3 سنوات    وزير الاستثمار يبحث خطط شركة AXA العالمية للتوسع في مصر    إزالة 36 حالة تعدي على أملاك الدولة في حملات ب أسوان    وزير البترول: مشروع إنتاج حامض الفوسفوريك تحرك هام لتعزيز الصناعات التحويلية    الإسكان: الأحد 22 يونيو.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن المرحلة الثامنة التكميلية بالعبور الجديدة    «مسارات رسمية وسيادة وطنية».. «خارجية النواب» تعلق على رغبة بعض الوفود في زيارة «حدود غزة»    جيش الاحتلال يعلن اعتقال عناصر من «حماس» في سوريا (تفاصيل)    مصر تعرب عن خالص تعازيها لجمهورية الهند في ضحايا تحطم طائرة غرب البلاد    نهائي كأس عاصمة مصر.. سيراميكا يتفوق على البنك الأهلي في هذا الأمر    تشكيل الأهلي المتوقع أمام إنتر ميامي فى افتتاح كأس العالم للأندية    الزمالك يعاقب أحمد حمدي بسبب منشورات مثيرة للجدل على إنستجرام    قبل انطلاق المونديال.. أكثر اللاعبين حصولًا على كأس العالم للأندية    نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 محافظة القاهرة.. رابط وخطوات الاستعلام فور ظهورها    58.9 ألف طالب وطالبة يؤدون امتحانات الثانوية العامة داخل 149 لجنة في الإسكندرية الأحد    ننشر أسماء مصابي حادث انقلاب ميكروباص على صحراوي المنيا    ضبط 12 قضية تموينية في القاهرة خلال 24 ساعة    حجز والدي عروس الشرقية على ذمة التحريات في واقعة زفاف عريس متلازمة دوان    سيفوق «موكب المومياوات».. «الحمصاني»: حفل افتتاح المتحف المصري الكبير سيكون على مستوى عالمي    بعد نقل زوجته بساعات.. المطرب مسلم يدخل المستشفى إثر وعكة صحية مفاجئة    اليوم بالمجان.. عرض "بير السقايا" و"أسطورة الغريب" بثقافة قنا    قافلة مجانية للكشف عن الأورام ب مستشفى قويسنا في المنوفية السبت    مصرع طفل غرقا في نهر النيل ببني سويف أثناء لهوه بالقرب من منزل أسرته    سباليتي يدخل اهتمامات النصر السعودي    وزير الصحة يستقبل مدير شركة جنرال إليكتريك هيلث كير لبحث توطين أجهزة السونار في مصر    ننشر تفاصيل لقاء الهيئة البرلمانية لدمياط مع وزير الشباب والرياضة    الأونروا تعلن انقطاع جميع الاتصالات مع موظفيها في غزة    عبد الرحيم كمال رئيسًا للجنة تحكيم مسابقة ممدوح الليثي بالإسكندرية السينمائي    برعاية رئيس جامعة أسيوط.. ورش كلية الهندسة نموذج رائد للتعليم التطبيقي والإنتاج المستدام    ميسي يعود إلى ميامي استعدادًا لمواجهة الأهلي في افتتاح كأس العالم للأندية    تامر حسنى وديانا حداد نجوم أحدث الديوهات الغنائية    وزير الثقافة يفتتح المعرض الاستعادي للفنان الراحل أشرف الحادي "الفنان النبيل".. صور    تصادم دموي بوسط الغردقة.. إصابة 5 أشخاص بينهم طفل في حالة حرجة    الثانوية العامة 2025.. 6451 طالبا يؤدون الامتحانات داخل 18 لجنة ببورسعيد    20 مليون جنيه مخدرات وسقوط 5 خارجين عن القانون.. مقتل عناصر عصابة مسلحة في مداهمة أمنية بأسوان    خلال لقائه مع مبعوثة الاتحاد الأوروبى.. وزير الخارجية يؤكد على ضرورة الحفاظ على استقرار الممرات الملاحية الدولية    سوريا: مقتل شاب واعتقال 7 آخرين في توغل إسرائيلي بريف دمشق    «ماضيين إيصالات أمانة».. المجلس القومي للطفولة والأمومة يُعلق على واقعة زفاف الشرقية    شروط القبول بالمدارس الرياضية وموعد اختبارات المتقدمين 2025    منظمة الصحة العالمية: رصد متحور كورونا جديد بصورة متقطعة في ألمانيا    صينية تحاول اقتحام منزل جونجكوك بعد ساعات على تسريحه من الخدمة العسكرية    إسرائيل تدّعي استعادة جثتي أسيرين من خان يونس    بعد واقعة عريس متلازمة داون.. طبيب نفسي يوضح الحالات التي يُمنع فيها الزواج    الغفوة الصباحية بين الراحة الوهمية وتشويش دورة النوم.. ماذا يقول العلم؟    أقرب رفيق.. برقية تهنئة من زعيم كوريا الشمالية لبوتين بمناسبة يوم روسيا    وزير الخارجية والهجرة يبحث مع نظيره النرويجى تعزيز العلاقات بين البلدين    كل ما تريد معرفته عن نظام المنافسة فى كأس العالم للأندية 2025    أمين الفتوى يوجه رسالة لمن يفوته صلاة الفجر    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 12 يونيو 2025    مراد مكرم ساخرًا من الأوضاع والنقاشات في الرياضة: بقى شغل عيال    أنغام تدعو بالشفاء لنجل تامر حسني: «ربنا يطمن قلبك وقلب أمه»    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



م الآخر| ماذا لو
نشر في الوطن يوم 19 - 01 - 2014


الكادر الأول:
(صورة بعيدة تجمع بين ثناياها أشلاء الموقف ككل، اللون الأزرق هو اللون الوحيد المضطرب في المشهد)
رجل مجنون يجلس على الرصيف المجاور لجسدها الخاوي من أي تركيز، إلا تركيز الوصول إلى العمل بأسرع وقت ممكن، لتلافي أكبر قدر من التوبيخ، بينما يُسلي هو وقته برشق الطريق بكسر زجاج أزرق اللون!، لا يمكن إنكار مدى نجاحه في تكوين لوحة لطيفة على أرض الطريق مستغلًا صفحته الرمادية الرتيبة!، لم تُفهم وجهة نظره في ذلك، ولكنه ولحظه الوافر، غير مضطر لتقديم أي تبريرات، يكفيه كونه مجنون!
كان واجبها اليومي غير المحبب لعملها بالبناية المجاورة له يحتم عليها المرور أمامه في سلام وسكينة ودون لفت لانتباهه المشتت بالأساس، لكن هذه المرة وعلى غير العادة، تملكها الخوف من أن يرشقها بزجاجه الملون الأخآذ، وينقل لوحته الزرقاء إلى جسدها المرهق.
هذا الاحتمال الأوحد كان كافيًا ليصيبها بشلل دماغي مؤقت، فلا تنجح في التركيز على أي شيء سوى هذا الاحتمال الوارد وبشده، وما جعل الأمر جديرًا بالارتياب هو ارتدائها اللون الرمادي، ولكن بدرجة أكثر عمقًا، ولا تعلم إن كان في منظوره سيفرق بين درجة لون ملابسها والأرضية، أم سيرى به خامة جيدة كخلفية للوحته الزرقاء.
لم تكن مجنونة يومًا، فعقلانيتها تلك جعلت منظورها قاصر لتوقع فاعليات الحدث بعقله، وبالتبعية توقع ردود أفعاله، وهذا كاف ليصيبها باضطراب أكبر وأكبر!.. في كل الأحوال لن يلومه لائم، فهو مجنون وهي عاقلة، وإن كان هنالك ملام في هذه اللقطة، فلا هروب من أن يكون هي بعقلها البراق، هذا فكيف لها مواجهة مجنون دون احترام مشتقات عقله غير الملم بعالمنا.
الكادر الثانى:
(صورة مقربة ليديها المرتعشتين، ولازال اللون الأزرق هو اللون الوحيد المضطرب في المشهد، هذه المرة هو لون طلاء أظافرها مصري الصنع ردىء الهيئة)
كانت مضطرة للمرور احترامًا لقوانين عملها، بينما كان هو مضطرًا لأن يرشق الطريق بالزجاج، لسببٍ ما لا تعلمه ولن تعلمه، ولكنه سبب عميق الصدق بداخله ليعينه على كل هذا الحزم والوتيرة المنتظمة في فعل الرشق هذا.. خوفها من نهايات المشهد المتوقعة جعلها تستحضرها بعين حية، وتعيش لقطاتها بصدق بالغ، جميعها كانت احتمالات مرعبة وجميعها كانت تندرج تحت قانون "ماذا لو"!
ماذا لو رشقها بزجاجه الملون
*ستصاب معدتها لأن هذا هو مستوى يديه الأفقي، بينما هو جالس على ركبتيه على أرض الشارع
*ستصاب راسها لو قرر لسبب غير ملمه به، أن يرفع زاوية ذراعه لأعلى قليلًا
*ستصاب عيناها.. وهذا احتمال ضعيف لكونها تواجهه بنصف ملامحها، لكن إن حدث فستودع جراء هذا القرار عينها اليسرى، باركها الله وبارك حارسها.
*ستصاب قدماها لو قرر بلحظة ما لا أعلم متى، أن يرشقها بزاوية منفرجة البداية حادة النهاية ماسة للأرض.
وهذا الاحتمال الأخير كان الأكبر توقعا، وهذا من الدراسة التحليلية لزاوية غضبه، والتي توصلت لها في الدقيقة السابقة لمواجهته، بينما كانت في أول الطريق وهو في منتصفه، فهي دراسة قليلة المدة غير جديرة بالثقة، ولكن هذا ما تملكه وستتعامل معه على أي حال.
الكادر الثالث:
(صورة مقربة لعينيها ترمقانه بتوسل، واختفت هذه المرة اللون الأزرق من الصورة، فعيناها رماديتان تقتربان من السواد)
ماذا لو لم يرشقها بزجاجه
*ستمر بسلام داعية له
*ستمر بسلام مبتسمة له وستحمد ربها كثيرًا
* ستمر بسلام و.. الأهم كونها ستمر بسلام
نظرت له برعشة خوف كونها غير أكيدة من أي توقع سابق، لكن الغريب كونه ابتسم لها ورفع يده ليحييها بود.. رفعت يدها بالتبعية الفطرية وحيته، وببسمة بسيطة مرت بسلام
الكادر الرابع:
(صورة بعيدة لها تلتفت إليه بعد أن مرت، ولازالت تقبض بيدها ذات الطلاء الأزرق على حقيبتها في توتر)
كانت النتيجه لكل احتمالتها السابقة أن تصب عليه كامل غضبها رغم احترامها من كونه مجنون، لكن ما حدث جعلها تصب لعناتها على عقليتها المحللة السمجة تلك، فها هي تتلوى نفسيا وتتعذب تحت وطأة احتمالاتها، تلك التى لم يحدث أي منها بالأساس، لكن اللوم لم يتملك منها طويلًا تلك المرة، فهو لم يكن متوقعًا لكونه مجنونًا، وابتسامته لها قبل عبورها بثوان نجحت في رفع احتمالاتها أن يلعب دور المجنون بحق، ويفعل الشيء ونقيضه في نفس الوقت، فربما يبتسم لها ويرشقها بالزجاج في آنٍ واحد.
الكادر الخامس:
(صورة بعيدة لهما، لا زال اللون الأزرق هو اللون الوحيد المضطرب في المشهد)
بالجهة الأخرى للطريق رجل يعمل على سرفيس لنقل الركاب، لم يبدأ عمله بعد وهذا واضح لكون سيارته لا زالت فارغة.. تطوع من الفراغ وتدخل في أبعاد المشهد المنحصر به وبها ونهر مجنونها، وقال له: يا مؤذي بتأذي الناس ليه حرام عليك.. لم تجد تبريرًا لموقفه هذا، فهي أيًّا كان تدخلها فهو مبرر بكونها في محيط خطره!، هو غاضب من الطريق وهذا شيء يخصه، وإن كان يؤنبه على جهله بقانون واجب إزاحة الأذى عن الطريق فهو مجنون، والرب رفع عنه الحرج سابقًا، فمن هو ليحاسبه.
جالت بخاطرها تداخلات كثيرة قد ترفع عن مجنونها الحرج لنهر هذا الآخر له، إن كان شعر بهذا الحرج مجنونها من الأساس، فهو قد أحسن إليها ومن حقه في المقابل أن ترفع عنه حرج إهانة لا يستحقها، فقد مرَّرها في سلام وصحبها بابتسامة وتحية! وإن كان ليس على وفاق تام مع الطريق، فلازال هذا شىء يخصه ولن تعلم به وإن حاولت.
فقط لو علمت أسبابه لكان من الممكن أن تتدخل لترفع عنه حرج اللحظة إن كان شعر بها أو بهذا الحرج أو بهذا الرجل السرفيسي الصباحي المعتاد أو حتى أدرك أبعاد الموقف ككل كما تراها هي!
مشاعرها الساخطة على عدم تدخلها جعلها تستحضر تدخلات مختلفة بعين حية وتعيش لقطاتها بصدق تام، كلها كانت احتمالات ايضا مرعبة من قانون "ماذا لو"!
ماذا لو..
ماذا لو...
ماذا لو....
حينها فقط اختلط حبل فكرها بفكره، وحاولت أن تفكر بمنظوره وتتسائل عن ما يناسبه في تلك اللحظة.. لم تعرف حينها من بينهما المجنون ومن العاقل، فعلى الأقل هو قرر ونفذ، أما هي، فلا زالت تدرس تحليلات عقيمة لا حصر لها، لن تدفعها لخطو ولو سنتيمترًا واحدًا للأمام كان أو للخلف!
ماذا لو..
ماذا لو...
ماذا لو....
ماذا لو.....
علمت حينها ولأول مرة كم هي تستحق الشفقة وليس هو إطلاقًا,هي العاقلة المحصورة داخل احتمالات تضيع فيها وقتها، وتكسبها مخاوف فوق مخاوف، بينما هو يقرر ليفعل دون التفات للنتائج، هو أقوى منها يفعل ويتحمل نتيجة أفعاله، بينما هي تستكين في صمت قاتل عند خط البداية، ترى هل ستموت عند خط البداية هذا أم ستجن يوما ما مثله؟!.
أصبح بين ليلة وضحاها مثلها الأعلى، ولم تقتنع يومًا ما أن يكون مثلها الأعلى مجنونًا، يقبع بشارع متفرع من آخر رئيسي قميء!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.