"قتلته بحديدة على رأسه عشان أسرق الفلوس".. هكذا اعترف المتهم "فوزي خليل" الذي يعمل خادما، أمام النيابة العامة بارتكاب جريمة قتل "مخدومه الكهل" في منطقة بولاق الدكرور، قبل أن تأمر بإحالته لمحكمة جنايات الجيزة برئاسة المستشار محمد علاء الدين عباس، والذي أصدر اليوم حكما بإعدامه شنقا. الواقعة كانت قبل عام ونصف من اليوم، شهدت مراحلها مفارقات عدة منذ اللحظة الأولى، مرورا بارتكاب "فوزي" جريمته في 18 دقيقة، ليصدر الحكم بإعدامه بعدها ب 18 شهرا، مرورا بشهادة من اشترى منه هاتف محمول خاص بالمجني عليه، وصولا إلى الحكم بإعدامه شنقا. المتهم "فوزى خليل محمد دسوقي" 31 سنة، يعمل حارس عقار ويقيم بحي السيدة زينب الشعبي، كان دائم الوقوع في أزمات مالية، وكثيرا ما يدركه المجني عليه "محمد محمد عبدالخالق" بالمساعدة، فالعلاقة بينهما كانت "خادم ومخدوم"، فالمجني عليه يقيم بمفرده في منزل مملوك له، واستعان بالمتهم "فوزي" لخدمته وشراء متطلباته اليومية وحراسته، قبل أن يغدر بيه الأخير "غدر الذئاب"، كما وصفته النيابة العامة في تحقيقاتها. 21 يونيو 2017، لم يكن يوما عاديا في حياة المتهم والمجني عليه، فقد كان بداية نهاية الأول ونهاية الثاني الأبدي، مساء يوم 20 يونيو من العام ذاته، جلس "فوزي" يفكر ويبحث عن مهرب من أزمة مالية ألمّت به، نفد دخان سيجارته، وسلّم نفسه لشيطانه فسولت له نفسه قتل مخدومه العجوز.. "أيوه أنا أقتله وأخلص منه وهو مش هيقدر يقاومني" هكذا بدأ فى إقناع نفسه بالتخطيط للجريمة والمضي قدما في تحقيق غرضها، والتي كان هدفها إزهاق روح المجنى عليه وسرقة ما خف وزنه وزاد ثمنه، ولتنفيذ المخطط، جهّز "فوزي" قطعة حديدية ليقضي بها أفكاره الشيطانية. أسدل الليل ستائره، وقصد "فوزي" منزل "مخدومه" المجني عليه محمد عبدالخالق، ودلف إلى الداخل، الأمور تسير بشكل طبيعي في ظاهر الأمور، أما باطنها فقد اختمرت فكرة الخلاص من العجوز، مشاعر مختلطة انتابت الخادم "فوزي" ما بين التخلص من المجني عليه والحصول على ما يجده من أموال أو التراجع عن قتل من كان يساعده، إلا أن كفة الخيار الأول رجحت لديه. فتح "فوزي" باب غرفة مخدومه بهدوء، اطمأن أنه في سبات عميق، وبدأ جريمته التي استغرقت 18 دقيقة، حيث عاجله بضربات عدة قاتلة على رأسه حتى سالت دماؤه، ولفظ أنفاسه الأخيرة، ومات مغدروا، ثم استولى على مبلغ مالي وهاتف محمول وجهاز ريسيفر واطمئن أن أحدا لا يراه .. ولاذ بالفرار قاصدا شارع عبدالعزيز، وباع الهاتف المحمول بسعر زهيد، وأبقى على جهاز الريسيفر بحوزته، وكذا جزء من المبلغ. اكتشف الأهالي جثة المجنى عليه، فأبلغوا الشرطة، والتي انتقلت إلى هناك بقيادة العقيد أشرف فايز عبدالكريم، وكيل مفتش مباحث بولاق الدكرور والجيزة السابق، وحرر محضرا أوليا بتفاصيل ما وجدوا، وأحاله للنيابة العامة التي انتقلت بدورها للمعاينة. المستشار محمد الحمزاوي، وكيل نيابة حوادث جنوبالجيزة السابق، أمر بانتداب الطب الشرعي، وطلب تحريات المباحث حول الواقعة، وسرعة تحديد وضبط القاتل. تقرير الطب الشرعي أثبت وجود إصابات عبارة عن جرح رضّي غير منتظم أعلى وحشية الحاجب الأيمن للمجنى عليه، محاط بكدمة بلون أحمر وبضع سحجات غير منتظمة الشكل، وعزى وفاة المجنى عليه إلى مجموع إصاباته وما صاحبها من غلق المسالك الهوائية ونزيف بالمخ وتهتك بالكبد ونزيف بالتجويف البطني، أدى إلى صدمة نزيفية غير مرتجعة والوفاة. بدأت الشرطة في البحث عن المترددين على المجنى عليه، حتى توصلت التحريات السرية المكثفة، إلى أن آخر الأشخاص المترددين عليه هو خادمه "فوزي"، وأُلقي القبض عليه داخل منزله بالسيدة زينب. لم يصمد "فوزي" كثيرا، واعترف تفصيليا بارتكاب واقعة القتل، وأرشد الشرطة عن باقي المسروقات، وأقر أنه باع الهاتف المحمول فى شارع عبدالعزيز، وأمام النيابة قال إنه قتل المجني عليه بسبب مروره بضائقة مالية ورغبته في الحصول على أموال، وأجرى محاكاة تصويرية لكيفية ارتكابها. كما تمكنت الشرطة من التوصل إلى "عربي.ر" عامل من منطقة منشأة ناصر، وقال إنه اشترى هاتف من "فوزي" وتبين أنه ملك المجني عليه. اليوم، ظهر "فوزي" جالسا في قفص الاتهام، وجهه بين كفيه لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا، فلقد قُضي الأمر ولم يعد من الفائزين.