الإهمال يسأل عنه النظامان البائد والحالي فكيف يعقل أن يكون حال تراث أم كلثوم بهذا الشكل. كوكب الشرق وسيدة الغناء العربي أم كلثوم امتعت جماهير العالم بصوتها وحصلت على تقدير فناني العالم احتراما وإجلالا لفنها. أم كلثوم ابنة محافظة الدقهلية وقرية طماي الزهايرة مركز السنبلاوين ولدت في منزل ريفي متواضع لأسرة مصرية ريفية بسيطة من محدودي الدخل، وبدأت حياتها كمنشدة دينية إلى أن سافرت القاهرة، واحترفت الغناء ولمع بريقها إلى أن تسيدت عرش الفن العربي. كان لدى أم كلثوم استراحة في طماي الزهايرة تأتي دائما إليها كلما زارت بلدتها أو حينما كانت تذهب لقضاء عطلتها في رأس البر. استراحة كوكب الشرق تعاني الآن من الإهمال، فالجدران منهارة، والسقف تهالك تماما، علاوة على الشقوق الموجودة داخل المنزل وخارجه، ذلك المنزل الذي طالب الكثير من أهل الثقافة والإعلام تحويله إلى متحف، الآن أصبح مسكننا غير لائق حتى بالطيور التي تسكنه، فبداخل الاستراحة غرفتان مغلقتان، إحداهما يوضع بها الطيور، والأخرى يوضع بها الأشياء غير المرغوب بها بالمنزل، وكم من الطلبات للاهتمام بالمنزل، ولكن ولا حياة لمن تنادي. أما الخطر الأكبر فهو يتلخص في الحالة الاجتماعية والمادية والثقافية التي يعانيها أحفاد أم كلثوم، وما تبقى من ذكراها في قرية طماي الزهايرة. فالموضوع لا يمكن سرده إلا في تحقيق صحفي موسع، لكن كل ما يسعنا قوله إن الأسرة تعيش ظروفا صعبة وحياة متردية. وأخيرا لا يسعنا القول إلا أن ما شوهد في طماي الزهايرة هو حلقة في مسلسل الإهمال وغياب الوعي، وعدم تحمل المسؤولية، ونموذج لحالة التأخر الفكري والثقافي، التي وقعت بها البلاد، وقد تقودنا إلى الظلمات. فالإهمال هذا يسأل عنه النظام البائد وأيضا النظام الحالي، فكيف يعقل أن يكون تراث أم كلثوم حاله هكذا؟. على وزارة الثقافة ومحافظة الدقهلية ضرورة التحرك من أجل ترميم المنزل.