كابتن فيليبس.. المعادله العبقرية ل"توم هانكس"

فيه بعض الأدوار في الأفلام في ظاهرها سهلة وبسيطة ومش معقدة ما عدا في مشاهد قليله جدا. الممثلين الشاطرين بيختلفوا في طريقه تعاملهم مع الأدوار دي. فيه منهم اللي بيتعامل معاها ببساطة ويخلي نفسه تلقائي ويعيش المشهد بكل تفاصيله، وفيه منهم اللي بيحاول يدي طاقة وقوة ويطغى بأدائه على الشخصية ويديها حقها في الشغل. بس الممثل العبقري هو اللي بيخلي الدور سهل وبسيط وواضح، من غير ما تحس انه عامل مجهود قوي، رغم ان كل نظرة من عينه وحركه من إيده مدروسة ومعموله بقصد، ورغم كده تحس انه بيمثل بتلقائيه تامة. الممثل العبقري ده هو اللي في المشاهد الدرامية في الفيلم بيديك قمة الأداء وبتصدقه فعلا.
النوعية دي من الممثلين في النوع ده من الأدوار، هي الاختيار المثالي اللي بيختاروا أعضاء أكاديمية فنون السينما في أمريكا علشان يرشحوهم لجائزة الأوسكار. والممثل اللي قدر يحقق المعادله دي في 2013 كان توم هانكس في فيلم كابتن فيليبس.
شخصيه كابتن فيلبس في الفيلم كانت واضحه جدا، مفيهاش انفعالات كتير ومفيش غير مشهد درامي واحد، بس في الفيلم مدته أقل من دقيقتين، شخصية بكل وضوح بارده جدا في ردود أفعالها وفي طريقه كلامها، شخصيه زي دي بتقدر في وسط المواقف الصعبه تركز وتعمل اختيارات منطقيه جدا وذكيه جدا، ورغم الأحداث المتوترة الكتير في الفيلم، بتحس بنفسك بقمة القلق والتوتر اللي في كابتن فيليبس من غير ما تشوف ده بعينك.
المعادله العبقرية اللي قدر يعملها هانكس في الدور ده، إن في قمه التوتر والقلق مش بتشوف عينه ولا ايده بيتحركوا كتير أو نبرة صوت مرتعشه، رغم كده بتحسه فعلا من الكلام العادي كأن اللي بيحصل قدام عينيك مباشرة، وإن الشخص ده علي ارتباط شخصي بيك وانت بتحس بيه.. حاجه كده زي حد وحبيبته، وبيعرف إنها مخبيه عليه حاجه من غير ما يبان عليها، أو ابن كدب علي باباه وأبوه قفشه من ولا حاجه.. هو ده بالظبط اللي عمله هانكس، من غير ما تشوف بعنيك بتحس بده فعلا،
بس عبقريه هانكس بتتجسد بالكامل في مشهد درامي صغير في آخر الفيلم، ومدته دقيقتين بالظبط، لأن القلق والتوتر وشدة الاعصاب اللي عايشها كابتن فيليبس طول الفيلم وانت عايشها معاه بتنتهي.. وبيحصل انهيار كامل لجبل الجليد ده في الشخصيه وبينهار كابتن فيليبس.. بكل صدق وبدون أي نوع من أنواع الانفعالات المبالغ فيها، واللي أي ممثل تاني ممكن يقع فيها بسهوله.. هانكس بيعمل الانهيار ده من غير ما تحس إن شخصيه كابتن فيليبس اتغيرت.. انت بنفسك بتتوقع الانهيار ده بالطريقه دي، ومش هتقدر تتخيل كابتن فيليبس بينهار أي انهيار غيره.. مشهد زي ده هو اللحظة الذهبية اللي بيستناها أعضاء الأكاديميه علشان يرشحوا ممثل لجايزة الأوسكار.
هو اللي خلاهم يدوا جايزة الأوسكار لناتالي بورتمان عن فيلم "بلاك سوان" في أوسكار 2011، لمشهد واحد فقط بتنهار فيه وبتبكي من كتر الفرحة، وهو برضه اللي خلاهم يدوا جايزه الأوسكار لمونيك عن فيلم "بريشيوس" في السنة اللي قبليها، لمشهد واحد برضه انهيارها قدام بنتها، وبتغير من نظرتك تماما للشخصيه الكريهة طول الفيلم.
وهو ده اللي هيخليهم يرشحوا هانكس السنه دي عن دوره في فيلم كابتن فيليبس، بجانب إني أتوقع ترشيح الفيلم لنفسه لجوايز تانيه كتير، يمكن أبرزها أفضل فيلم وأفضل سيناريو.