صدمنى هذا الأسبوع أمران.. كلاهما يدل على أن العقل قد غاب عن مصر.. هذا هو الموجز وإليكم الأنباء بالتفاصيل:- أولاً: عجباً لجماعة «أنصار بيت المقدس» الذين لا يعرفون الطريق إلى بيت المقدس إلا عبر أشلاء وجثث جنود وضباط الجيش المصرى أو مروراً على جثث وأشلاء ضباط وجنود الشرطة المصرية.. وكأن الطريق إلى بيت المقدس لا يمر إلا عبر تفجير مبنى مديرية أمن الدقهلية. بيت المقدس قريب من غزة وسيناء التى جئتم منها.. ونحن لم نرً أحداً يحب بيت المقدس يذبح ويفجر ويدمر فى بلاد المسلمين.. ويقتل أبناءهم ويريد تدمير الجيش الوحيد المتماسك والباقى فى المنطقة العربية والإسلامية. ولم نرَ أحداً يحب بيت المقدس ويريد تحريره يكفر ثلث الشعب المصرى.. ويفجر جيشه وشرطته تقرباً إلى بيت المقدس. هؤلاء لم يتعلموا شيئاً من العز بن عبدالسلام الذى دعم وأيّد وتحالف مع جيش المماليك ومع «قطز» و«بيبرس» -رغم ما فى المماليك من هنّات- لأنه أدرك أن هذا الجيش هو الوحيد القادر على صد التتار.. وقد صدق حدسه وتوقعه.. فانتصر «قطز» على التتار فى «عين جالوت».. وكان ل«بيبرس» الفضل الأكبر فى ذلك.. ثم تولى «بيبرس» الحكم بعد قتله ل«قطز» فأذل التتار والصليبيين معاً ودوخهم وأذاقهم ويلات الهزيمة.. ولم يتعلموا شيئاً من «ابن تيمية» ذلك الفقيه العظيم الذى قال عن جيش المماليك «إنهم الطائفة المنصورة» رغم ما فى المماليك من مظالم وهنّات لأنهم استطاعوا إذلال التتار.. ووقف «ابن تيمية» خلف السلطان الأشرف بن قلاوون وهو مملوكى وابن مملوكى وهو السلطان «قلاوون».. وهو الذى كان قائداً عسكرياً ل«بيبرس» قبل ذلك وسلطاناً بعده. إن هؤلاء يقلدون الخوارج الذين قال النبى صلى الله عليه وسلم عنهم: «يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان» فلم نسمع فى حياتنا أبداً نكاية من «أنصار بيت المقدس» فى الجيش الإسرائيلى وفى الأرض المحتلة وما أوسعها.. ولكن هؤلاء يريدون السير إلى القدس عبر جثث الآلاف من جنود مصر الذين قال عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم: «إنهم خير أجناد الأرض» مطلقاً ولم يقل حتى 2013 إنهم فى كل زمان خير أجناد الأرض مهما كانت هنّاتهم. ثانياً: كنت وما زلت من محبى أ.د/ محمد مختار المهدى، إمام الجمعية الشرعية والأستاذ بجامعة الأزهر.. وكنت كلما قابلته قبّلت يده قائلاً: لا تظن أنى أقبّل يدك من أجل علمك أو فقهك.. فمثلك كثيرون فى ذلك لا أقبّل يدهم.. ولكنى أقبل يدك إجلالاً لدورك ودور الجمعية الشرعية فى رعاية وتربية قرابة ثلاثة أرباع مليون يتيم على مستوى الجمهورية.. فأنتم داخلون ضمن الحديث النبوى الرائع «أنا وكافل اليتيم فى الجنة كهاتين» فيبتسم ثم يحتضننى فى حب. تذكرت ذلك بعد أن صدمنى قرار تجميد أرصدة الجمعية الشرعية مع جمعيات أخرى مماثلة. لم أتصور أن يصدر مثل هذا القرار البائس فى مصر.. فلم يحدث ذلك فى عهد «عبدالناصر» ولا «السادات» ولا «مبارك». فالجمعية الشرعية هى مأوى الفقراء واليتامى والمساكين فى كل مكان.. وهى لا تفرّق بين مسلم ومسيحى إذا احتاج إلى عونها.. ولا تسأل عن دين الطفل المبتسر الذى يريد أن يدخل الحضانة. فكم قال لى آباء الأطفال المبتسرين إنه لولا الجمعيات الخيرية مثل الجمعية الشرعية التى اشتهرت مستشفياتها بالحضّانات ما وجد الفقير له مكاناً فى الوقت الذى تتعطل فيه بعض حضّانات المستشفيات الحكومية عمداً أو إهمالاً بالأسابيع والأشهر مع ارتفاع تكلفة الحضّانات الخاصة.. فهناك أكثر من عشرة آلاف حضّانة لدى الجمعية الشرعية وحدها ولديها 30 مستشفى متخصصاً على أعلى مستوى فى معظم محافظات الجمهورية.. وهى التى كانت دوماً تتحمل مسئولية الدعوة الوسطية فى ظل الظروف الصعبة التى كانت تمر بها مصر. فالجمعية تعطى قرابة 2200 درس دينى وسطى فى العام الواحد بعيداً عن الحزبية المقيتة والتعصب أو التطرف. أيتها الحكومة أين عقلك؟.. فلا تكونى مثل الدّبة التى قتلت صاحبها.. وإياكم واليتيم والفقير والمسكين والأرملة.. لأنهم أحباب الله وأولياؤه.. وحذارِ من سخطهم فقد يكون فيه سخط الله.