خرج آلاف الأتراك إلى شوارع إسطنبول، أمس الأول، للاحتجاج على موقف الحكومة من فضيحة فساد أدت إلى عدة اعتقالات وكشفت شرخاً فى العلاقة بين رئيس الوزراء، طيب أردوغان، وفتح الله جولن، ووُجهت اتهامات رسمية إلى 24 شخصاً، بينهم نجلا وزيرين والمدير العام لبنك «خلق» الحكومى، فيما وصف «أردوغان» فضيحة الفساد بأنها «عملية قذرة» لتقويض حكمه. وتدفق المتظاهرون المناهضون للحكومة إلى ساحة «قاضى كوى»، حيث كان من المقرر تنظيم احتجاج على خطط تمدن حكومية، لكن الشرطة فرقتهم بإطلاق قنابل الغاز ومدافع المياه والرصاص المطاطى، وهتف المتظاهرون: «العدالة والتنمية فى كل مكان.. الفساد فى كل مكان»، فى محاكاة لشعار احتجاجات «تقسيم» الماضية «تقسيم فى كل مكان.. المقاومة فى كل مكان»، وأشارت تقارير فى الصحافة التركية إلى أن المظاهرة كانت مرخصة من قبل السلطات، لكنها تحولت إلى اشتباكات مع رجال الأمن بعد أن بدأت مجموعة من المحتجين برمى الحجارة على الشرطة، فيما قال شهود إن الحشد فى ساحة «قاضى كوى» وصل إلى عشرة آلاف شخص. ومثلما فعل «أردوغان» فى حالة احتجاجات «تقسيم»، قال «أردوغان»: «إنهم ينصبون شراكاً مظلمة وشريرة فى بلدنا باستخدام مخالبهم المحلية لتخريب وحدة تركيا وتكاملها»، وحذا وزيرا الاقتصاد والداخلية اللذان كان ابناهما ضمن 16 اعتقلوا فى القضية حذو «أردوغان»، وقالا، عبر موقع «تويتر» ووسائل إعلام محلية، إن المزاعم جزء من «شرك كبير». وقال «أردوغان»، أمس، إن: «من يطلقون الافتراءات على وزرائى للوصول إلى أهدافهم القذرة، يجب أن يعرفوا أن هذه الأمة ستفسد اللعبة، وسنكسر تلك الأيدى إذا حاولت نصب شراك فى هذا البلد»، مهدداً ب«قطع أيادى» خصومه السياسيين فى حال استعملوا فضيحة الفساد لضرب حكمه، وقال «أردوغان» إنه «يكافح دولة داخل الدولة». فى السياق ذاته، أقالت السلطات التركية 25 مسئولاً كبيراً آخر من الشرطة بعد إقالة 50 فى إطار أكبر فضيحة فساد هزت تركيا، فيما قدم وزير الداخلية التركى معمر جولر، استقالته إلى رئيس الوزراء، رجب طيب أردوغان، ونقلت وكالة أنباء الأناضول عنه، أنه «ينتظر رد أردوغان»، بينما توقعت وسائل إعلام تركية أن يجرى رئيس الوزراء تغييرات جذرية فى حكومته خلال الأيام المقبلة، ستشمل عدداً من الوزارات المهمة، منها وزارة الداخلية ووزارة الاقتصاد. على صعيد آخر، قالت صحيفة «نيزافيسيمايا جازيتا» الروسية، إن تركيا تشهد صراعاً متزايداً على السلطة، مشيرة إلى فضيحة الفساد وتهديدات «أردوغان» لعدد من السفراء الأجانب دون ذكر أسماء بلدانهم، فى حين سارعت السفارة الأمريكية فى تركيا للتأكيد أنه لا صلة لها بهذه الفضيحة، ومشددة على أنها تعمل على تعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين. وذكرت الصحيفة الروسية أن «هيئة مكافحة الجرائم المالية التركية كانت قامت فى 17 ديسمبر الجارى بحملة لمكافحة الفساد، تم خلالها احتجاز نحو 90 شخصاً يشتبه بتورطهم فى جرائم تهريب وتبييض أموال»، لافتة إلى أن هذه أول فضيحة من نوعها فى تركيا منذ وصول «أردوغان» إلى السلطة عام 2002، وهو ما يؤثر بشكل كبير على موقف رئيس الوزراء ويهدد استقرار موقعه. ولفتت «نيزافيسيمايا جازيتا» إلى أن أسباب الفضيحة تعود إلى الملياردير التركى فتح الله جولن، الذى يترأس «حركة جولن» التى تقوم ببناء مدارس وجامعات ومستشفيات خاصة وإنشاء صناديق خيرية ويحتل أنصاره مناصب رفيعة فى الشرطة والمحاكم، وتقول الصحيفة: لقد تصاعد الصراع بين «جولن» وأردوغان فى نوفمبر الماضى بعد أن أعلن الأخير نيته إغلاق المدارس التابعة ل(حركة جولن)، بينما اتهم «جولن» مجلس الوزراء بتجاهل المشاكل القائمة فى تركيا، لافتة إلى أن «جولن» يحاول إضعاف مواقع «أردوغان»، الذى يريد أن يصبح رئيساً لتركيا.