«سيادة الرئيس، رسالتى حول آمال قطاع الصحة والأطباء والعاملين بالصحة فى حل مشاكل مزمنة، طالما تحدثنا عنها قبل الثورة وبعد الثورة دون مجيب، حيث وصلت الأوضاع فى المستشفيات إلى وضع كارثى؛ تغرق مستشفياتنا فى الفوضى والعجز والقذارة، يكرهها المريض الذى يلجأ إليها مرغماً إذا كان لا يملك القدرة المادية على العلاج الخاص، ونقف فيها نحن الأطباء ومقدمى الخدمة الصحية ليس لنقدم خدمة سامية كنا نتمنى أن نستطيع تقديمها فعلاً ولكن لنكون حائط صد أمام غضب المواطنين المحتاجين لخدمات تعجزنا الإمكانيات المتدنية بالمستشفيات عن تقديمها. بُحت أصواتنا ونحن نتحدث عن هذه المشاكل لسنوات، وعندما لم يجد الكلام آذاناً مصغية، قمنا بعمل مؤتمرات ووقفات ومسيرات واعتصامات، وصل الأمر ببعض الزملاء إلى عمل إضراب عن الطعام، ولكننا لم نجد أى استجابة لمطالبنا التى نشعر بأنها عادلة وبسيطة وممكنة التحقيق، لذلك بدأنا من الاثنين 1 أكتوبر إضرابنا الجزئى المفتوح، للمطالبة بتأمين المستشفيات، ورفع نصيب الصحة من الموازنة العامة، وتطبيق كادر مالى وإدارى للأطباء والعاملين بالصحة يمكنهم من الحياة بكرامة، ومن القيام بعملهم بصورة يرضون عنها». السطور السابقة من رسالة أرسلتها الدكتورة منى مينا إلى السيد رئيس الجمهورية السابق فى 12 أكتوبر 2012، التى تضمنت أيضاًً رفضها لرد رئاسى تقليدى، ومطالبتها له بردود عملية على الأرض تتضمن حتمية توفير تأمين أمنى للمستشفيات، وإصلاحها وتطويرها من خلال رفع نصيبها فى الموازنة العامة للدولة؛ «حتى تصبح المستشفيات أماكن قادرة على تقديم خدمة صحية حقيقية». ثم تستطرد مطالبة بإقرار الكادر المالى والإدارى للأطباء والمهن الطبية، دون التعلل بعدم توافر التمويل اللازم، «فيكفى -والكلام لها- أن بند الأجور والمكافآت فى وزارة الصحة 13.4 مليار تبعاً لبيانات وزارة المالية للعام المالى 2012/2013، وهو يكفى لتمويل الكادر إذا تم إقراره، حيث إن إجمالى العاملين بالصحة، تبعا لآخر إحصاء معلن للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء سنة 2010، هو 227 ألفاً من العاملين، من الطبيب وحتى العامل، وبذلك يكون متوسط أجر أى من العاملين بالصحة نحو 5000 شهرياً، وبذلك نستطيع أن نقر هيكل أجور يبدأ ب1200 كحد أدنى لأجر للعامل وينتهى ب50 ألفاً للوزير، أكثر من 40 ضعفاً للحد الأدنى»، وفى إيجابية تؤكد: «نستطيع أن نمول كادر الأطباء والمهن الطبية بسهولة». لم يكن ما سبق منشوراً انتخابياً وزعته الدكتورة منى مينا فى جولة انتخابات التجديد النصفى لمجلس نقابة الأطباء العامة، ولم يكن خطاباً قدمت به نفسها فى تشكيل المجلس بعد نجاحها الساحق لتحتل فيه منصب الأمين العام للنقابة، فى إشارة واضحة إلى أن التغيير يخطو خطوات جادة على الأرض، بل كان مقالاً على صفحات جريدة مصرية. منى مينا كانت واحدة من أيقونات ميدان التحرير، وأبرز العناصر الفاعلة فى المستشفى الميدانى الذى تولى إسعاف المتظاهرين المصابين فى فعاليات الثورة فى 25 يناير، والمنسق العام لكتيبة «أطباء بلا حقوق»، التى تزعمت الدفاع عن حقوق الأطباء بجسارة وثبات وإصرار، وسبق لها أن فازت بعضوية مجلس نقابة الأطباء ضمن قائمة الاستقلال (انتخابات 2011)، وقبلها وعلى مدى أربع سنوات لم تكن «بنت إيزيس» المثابرة بعيدة عن هموم الأطباء، بل كانت تجوب بها الأرجاء فى إصرار على طرحها ووضع حلول ناجعة لها، فى الميدان وعلى صفحات الجرائد وشاشات الفضائيات وأروقة النقابة ووزارة الصحة والمؤتمرات المهنية والثورية، بلا كلل أو ملل، لذلك استحقت أصوات الأطباء بعيداً عن التصنيفات البالية. نجاح «منى» المصرية هو نجاح للمرأة المصرية، وتكريس لقيم المواطنة.