أمين عام النقابة: كادر الأطباء أول معارك المجلس الجديد.. ومصرون على تنفيذ الإضراب أول يناير المستشفيات وصلت إلى حال «كارثى» وغارقة فى الفوضى والعجز والقذارة.. والعلاج لمن يدفع الثمن
طبيبة ثائرة.. النضال ضد الظلم هو منهج حياتها، إنها الدكتورة منى مينا، التى تمتلك وجهًا طيبًا مثابرًا، تعمل من أجل الآخرين، فلا توجد مشكلة لدى أى طبيب على مستوى الجمهورية إلا وتسانده، بل وتسعى جاهدة لحلها بالتفاوض مع المسؤولين تارة، وبالضغط تارة أخرى، كما أنها تسعى جاهدة لخدمة المرضى وتحسين المنظومة الصحية دون أن تسعى إلى منصب.
منى مينا امرأة قبطية هزت عرش نقابة الأطباء عدة سنوات من أجل انتزاع الحقوق النقابية والمهنية.. لديها قدرة على مواجهة الاختلاف والصراع دون صدام، وهو ما تمثل فى تعاملها مع التيار الإخوانى المسيطر على النقابة أكثر من 28 عامًا.. وقد فازت منذ أيام بمنصب أمين عام نقابة الأطباء بعد معركة نضال طويلة ضد الإخوان المسيطرين على النقابات المهنية وتسيسها لخدمة الجماعة.
مينا ما زالت تؤمن أن نضالها لم يؤدِ الواجب المطلوب لنجاح أهداف الثورة، كما ترى أنها تحتاج إلى كثير من العمل الجاد حتى تخرج النقابة من الهوة التى وقعت فيها خلال السنوات الماضية. آمالها حل مشكلات مزمنة فى المنظومة الصحية، تلجأ إلى كل السبل للضغط من أجل تنفيذ مطالب الأطباء التى طال تجاهل المسؤولين لها، رغم كثير من صور الاحتجاج قبل الثورة وبعدها.
أول معركة تخوضها منى مينا بعد أن أصبحت أمينًا عامًا لنقابة الأطباء هو الإضراب الجزئى المقرر له أول يناير المقبل بجميع المستشفيات على مستوى الجمهورية، خصوصًا بعد وصول الأوضاع فى المستشفيات إلى وضع كارثى، قائلة إن «المستشفيات تغرق فى الفوضى والعجز والقذارة، ويكرهها المريض الذى يلجأ لها مرغمًا إذا كان لا يملك القدرة المادية على العلاج الخاص».
منى مينا فى بداية حوارها ل«الدستور الأصلي» حرصت على التأكيد أن المجلس الجديد ليس له أى موقف سياسى معاد تجاه تيار أو فصيل سياسى معين، كما هدفه ليس السيطرة على المجالس النقابية إنما هدفه الأساسى هو تحسين أوضاع الأطباء والمنظومة الصحية.
مينا، حرصت خلال زيارة الدكتورة مها الرباط وزيرة الصحة للمجلس النقابى الجديد لتهنئته بالفوز الساحق فى انتخابات النقابة، على فرض أزمتى الكادر وإضراب الأطباء، متسائلة: لماذا لم يستجب أى من المسؤولين لمطالبتنا بإعطائنا البيانات الخاصة بأعداد الأطباء والتمريض والعاملين على رأس العمل فى وزارة الصحة، مع البيانات الدقيقة بتوزيع باب الأجور فى وزارة الصحة، 17 مليار جنيه؟ موضحة أنهم يتعهدون بتقديم خطة تفصيلية لكيفية تمويل الكادر، أو على الأقل 70% منه، لافتة أنهم ما زالوا عند تعهدهم، قائلة أعطونا المعلومات.. نعطكم طريقة تنفيذ الكادر.
وزيرة الصحة وعدت بتحديد لقاء مع وزارة المالية والصحة وممثلى نقابة الأطباء لبحث مدى الاستجابة فى توفير المعلومات حول الحد الأدنى والاقصى للأجور داخل وزارة الصحة لإعادة توزيعها مرة أخرى دون إهدار لمخصصات الصحة الضعيفة فى دهاليز فساد ليس له أول ولا آخر -على حد وصفها- وتوجيه تلك المخصصات فى رفع الظلم الواقع على الأطباء وباقى مقدمى الخدمة الصحية، بدءًا من الأجور التى تقل عن خط الفقر، وحتى الاضطرار للعمل دون وجود أى نظم حقيقية لمكافحة العدوى. وأكدت مينا أنه بالتزامن مع أول معركة تخوضها فى ملف الكادر تم الاتفاق مع وزيرة الصحة على بدء تفاوض حقيقى وجاد لتنفيذ مطالب الأطباء فى حدود الإمكانيات المتاحة، دون أن نحمل أى عبء على ميزانية الدولة، موضحة أنه خلال الأسبوع القادم سيبدأ مناقشة الاستجابة لمطالب الأطباء فى حدود المخصصات المالية التى وفرتها الوزارة كمرحلة أولى.
مينا أكدت فى حوارها ل«الدستور الأصلي» أنه فى حالة عدم التوصل إلى نتائج مُرضية عن طريق التفاوض مع وزارتى الصحة والمالية وتنفيذًا لقرار الجمعية العمومية المنعقدة يوم الجمعة 6/12/2013 يبدأ إضراب جزئى محدود المدة وتصاعدى من يوم 1 يناير 2014 فى مستشفيات وزارة الصحة والهيئات التابعة لها، الذى لا يشمل الطوارئ والرعاية المركزة والحالات الحرجة، موضحة أنه تم تشكيل لجنة الإشراف على الإضراب، التى تضم هيئة المكتب وأعضاء المجلس عن القطاعات، وأن تكون فى حالة انعقاد مستمر، بحيث يكون مهامها تقييم الأسبوع الأول من الإضراب، الذى يبدأ يوم الأربعاء الأول من يناير المقبل وحتى 8 يناير، وبناءً عليه يتم اتخاذ خطوات تصعيدية وفقًا لمدى استجابة الحكومة لمطالب الأطباء.
وأشارت مينا إلى أن المجلس الجديد منوط به بتوفير كل أنواع الحماية القانونية والمادية والأدبية للأطباء الملتزمين بتنفيذ قرارات الجمعية العمومية، وكذا تحويل أى طبيب يحاول التعسف مع الأطباء المضربين إلى التحقيق، إضافة إلى القيام باتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة لبدء الإضراب، حيث يتم إخطار وزارة الصحة ورئاسة الوزراء رسميًّا كما ينص القانون.
مينا أضافت أنها تأمل انتهاء المفاوضات إلى نتائج مرضية فى ملف الكادر، حتى لا يتم تنفيذ الخطوات التصعيدية، التى تبدأ بالإضراب الجزئى، قائلة: «أنجح الإضرابات ما لا يدخل منها فى حيز التنفيذ، بمعنى أن تتوافر كل مقومات النجاح إلا أن يتم الاستجابة لمطالب الأطباء»، مؤكدة أن الإضراب وسيلة وليس غاية.
وترى مينا أن الحق فى الصحة أحد الحقوق التى تنتهك فى بلادنا جهارًا نهارًا دون أن يحرك هذا ساكنا عند أى من المسؤولين، مضيفةً أن هذا الحق كان ينتهك قبل الثورة، وما زال ينتهك بعد الثورة، والأفظع -على حد تعبيرها- أنها لم ترَ أى خطط أو مشاريع تمنحها أملًا فى أن تنتهى هذه المعاناة، ملقيةً اللوم على نصوص الدستور الخاصة بالصحة شديدة العمومية، التى لم تمنع التدهور التدريجى للمستشفيات الحكومية، ولم تمنع انهيار وضع الصحة عمومًا، حتى بعد الوصول للوضع الكارثى الحالى، حيث المستشفيات خرابات، والحق فى العلاج أمنية عزيزة المنال إلا لمن يملك ثمنها الباهظ.
مينا أشارت إلى أنها قدمت مقترحات لنصوص تفصيلية، الغرض منها ضمان ألا يصبح النص الدستورى الخاص بالحق فى الصحة نصًا جيدًّا على الورق، بينما الواقع الحقيقى للصحة شديد التردى، لذلك قدمت مقترحات محددة بأن ينص الدستور على أن لا تقل ميزانية الصحة عن النسب التى تلتزم بها مصر فى المعاهدات الدولية «النسبة الحالية للإنفاق على الصحة فى مصر 4% بينما النسبة التى تلتزم بها مصر طبقا للاتفاقيات الدولية 15% من الموازنة العامة للدولة»، وبأن تضمن الدولة توفير الخدمة الصحية لجميع المواطنين دون تمييز، على أن تتميز هذه الخدمة بالإتاحة والجودة والمقبولية، وبأن تلتزم الدولة بضمان حق مقدمى الخدمة الصحية فى أجور عادلة كضمان أساسى لجودة الخدمة المقدمة.
مينا أوضحت أن هناك عديدًا من مطالب الأطباء يتم دراستها دون أن نكلف الدولة أى أعباء إضافية طالما تستطيع النقابة اتخاذ قرارات بشأنها، لذا كان أول قرار للمجلس الجديد هو ضم العضوية المنتسبة لأطباء الامتياز بالنقابة حتى يمكن ربطهم بالنقابة وتشكيل لجنة لمناقشة مشكلاتهم، إضافة إلى بحث مدى قانونية اشتراكهم فى الخدمات المختلفة التى يقدمها اتحاد المهن الطبية.
واختتمت مينا حوارها بأنه حان الوقت بعد عودة النقابة إلى مسارها الطبيعى لبناء نقابة قوية للدفاع عن حق الأطباء والمرضى فى الصحة، لتحقيق أحلام الأطباء والمرضى فى منظومة صحية محترمة.