كل البشر تحلم، لكننا كمصريين نتعامل مع الحلم بشكل مختلف للغاية. فالحلم بمنطق العلم هو تعبير عن رغبات دفينة تسكن دائرة اللا شعور، أما لدينا فهو أمر آخر. فالحلم بالنسبة للمصريين أمارة وبشارة على أشياء سوف تحدث فى الواقع، وعلامة ودليل على أن الله تعالى راض عن الشخص، أو غاضب عليه. الحلم لدينا ببساطة علم (بمعنى التحقق فى الواقع)، لأننا ببساطة شعب بيمشى وهو نايم!. أظن أنك أدركت ما أريد الحديث عنه.. نعم بالضبط: «أحلام الفريق السيسى». السيف المكتوب عليه لا إله إلا الله باللون الأحمر، والساعة الأوميجا التى تجللها نجمة خضراء، ومن جاءوا إليه وقالوا له سوف نعطيك أكثر من أى أحد، ومقابلته مع الرئيس السادات. نبدأ من الآخر بلقاء السادات الذى قال له إننى سأصبح رئيس جمهورية، فرد عليه الفريق: «وأنا كمان حبقى رئيس جمهورية». وهو حلم واضح الدلالة وتفسيره أن «السيسى» سوف يصبح رئيساً للجمهورية، وهو بذلك سوف يحصل على أكثر مما حصل عليه كل أعضاء المجلس العسكرى الذين تولوا السلطة بعد خلع «مبارك»، وأن أمر صعوده للرئاسة (النجمة الخضراء) سوف يكون بميعاد (الساعة الأوميجا)، وأما السيف المجلل ب«لا إله إلا الله» فيعنى أن الله تعالى سوف يمكنه من قهر «الأشكيف» (جماعة الإخوان) والقضاء عليها. الأشكيف -أقصد الإخوان- كان يحلم هو الآخر. لعلك تذكر حلم جبريل الذى نزل فى «رابعة» مع جند من السماء ليهزم أعداء «مرسى»، وأيضاً ذلك الحلم الذى حكاه أحدهم فوق منصتها وذكر فيه أنه رأى الدكتور «مرسى» فى جمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحان وقت صلاة العصر، فقام الجمع إلى النبى ليؤمهم فى الصلاة، فإذا به صلى الله عليه وسلم يقول: بل يؤمّكم الرئيس الدكتور «محمد مرسى»، وأكيد فاكر حلم «الحمامات الثمانى» التى ترمز إلى حكم «المعزول» الذى سوف يمتد لثمانى سنوات، طار منها سبع حمامات وبقيت حمامة واحدة!. طار الحمام والتقط نجمة خضراء من السماء فى ساعة ماركة «أوميجا»، ومنح غيره سيف الملك، ببركة «لا إله إلا الله». ليس فى الأمر شىء.. الكل يحلم، ونحن كمصريين نهتم كثيراً بالأحلام لأنها تشكل بالنسبة لنا مصابيح هدى نقرأ بها كف المستقبل كما ذكرت. وإذا لم أكن أبالغ فإننى أستطيع أن أقول إن كل المصريين دراويش أحلام. وهم يهتمون كل الاهتمام بأحلام الملوك ويرون أنها فى أغلب الأحوال أكثر صدقاً من أحلام البسطاء، حتى ولو كان الملك يحلم وهو «صاحى» بأن تصبح بلاده «أد الدنيا»، رغم عجزها عن حل أبسط المشكلات، لا يهم، فكل حقائق الواقع بدأت كأحلام فى نفوس القادة العظام!. المصريون مفرطون فى الإيمان بما يعتقده الملوك، حتى لو كان الملك يعتقد فى ذاته، حتى لو كان يعتقد فى عجل!.. كذلك تعلم المصرى الدرس من آبائه وأجداده الذين قالوا له: لو دخلت بلد بتعبد العجل حش وارميله.. حش وارميله يا مواطن يا اللى بتمشى وانت نايم!.