تُعرف محافظة سوهاج بطيب أهلها، وسعيهم وراء الرزق الحلال، وتعد المحافظة من أكبر المحافظات التى تقدم شبابها للعمل فى المحافظات الأخرى، كما أنها وقود للخلافات السياسية والصراعات الأيديولوجية. وتاريخاً فإن سوهاج تتكون من 273 مدينة وقرية، منها 50 قرية كانت قبل الفتح الإسلامى، كجرجا، والمراغة وطهطا وشطورة ومشطا وساقلتة وجزيرة شندويل وبنى هلال والعرابة المدفونة وباصونة، و223 قرية حديثة منها: أم دومة والأحايوة والعتامنة وإقصاص والصوامعة شرق وتل الزوكة والحريقة (تغير اسمها للحديقة)، والسوالم.وقد اعتنى كثيرون بالتراجم لسوهاج ومدنها فكتب السيد أبوضيف: «تاريخ إقليم سوهاج»، وعبدالله عثمان «البلدان السوهاجية»، وفى تراجم علماء المراغة كتب محمد حامد الجرجاوى: «فتح الوصيد فى تراجم علماء مراغة الصعيد»، وله: «مراقى البلاغة فى تراجم علماء المراغة»، وفى تاريخ طهطا وقرية شطورة كتب الدكتور محمد سلمان عبيد «تاريخ طهطا»، وله: «شطورة بين ماضٍ وحاضر»، وللشيخ أسامة الأزهرى فى موسوعته: «أسانيد المصريين» جزء فيمن ترجموا لأعلام سوهاج. وأما جرجا فهى قاعدة الصعيد، ونشأ بها المعهد العتيق، الذى عُرف ب«الأزهر الثانى»، وكان دوره لا يقل إجلالاً عن دور الأزهر الشريف بالقاهرة، وقد عنى الدكتور أحمد حسين النمكى بالأزهر الثانى، حتى أفرد له تأليفاً مستقلاً سماه: «الأزهر الثانى تاريخه وحضارته»، وللعلامة محمد حامد المراغى كتاب: «تعطير النواحى والأرجا فى علما جرجا». هذه الخلاصة بمناسبة المؤتمر الأول لاتحاد شباب سوهاج الذى عُقد الأربعاء الماضى، والذى حضره عدد من شباب ورموز المحافظة كالدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، والدكتور إسحاق عبدالعال مدير مستشفى الحسين الجامعى، واللواء أيمن عبدالله، والشيخ أسامة السيد الأزهرى، والفقيه الدستورى د. رمضان بطيخ، وكان على رأس الحضور من أبناء المحافظة حرم اللواء الشهيد نبيل فراج وحرم العميد الشهيد أحمد أبوالدهب، ومجموعة من الفضلاء من الدكاترة والصحفيين ورجال الأعمال وأكابر المحافظة، مما لا يسع المقال لذكرهم، فضلاً عن عدم ذكر أسماء أبناء المحافظة المتغلغلين فى الجامعات والصحف والفضائيات والأزهر والشرطة والجيش، مما لم تستفد منهم المحافظة فى شىء، إذ لا يُعقل أن تكون سوهاج برجالها، متعثرة فى إقامة سور على قطعة الأرض المخصصة لجامعة الأزهر بسوهاج، وفى حالة التأخير سيتم سحب القطعة المخصصة، مما يضيع على أبناء المحافظة فرصة لا تعوض، ومجالاً للتوظيف، صحيح هناك جهود مشكورة فى هذا الموضوع نرجو أن تثمر، لكن التقصير قائم. سوهاج التى قدّمت العقول العبقرية والمراتب الفذة والقامات العالية لبناء الوطن الكبير «مصر» من أمثال المراغى، وهارون وابنه المحقق عبدالسلام، ومحمد شاكر وابنيه محمود وأحمد، ورفاعة الطهطاوى وغيرهم، ومن المفارقات أنها كانت من أكبر المحافظات التى دعمت «مبارك»، وأيدت «مرسى»، ووقّعت على استمارات «تمرد»!! بحثاً عن الاستقرار وليس تقلباً فى المواقف، ومع ذلك لم ينظر إليها بعين الاهتمام رئيس ولا مسئول. إن الحكومات المتعاقبة خاصمت المحافظة، ونظرت إليها كأنها من مدغشقر، ولهذا فالأمل فى المخلصين الأبرار من أبناء المحافظة، فهم قادرون على فعل ما لم تفعله الحكومات، ولن يرحم التاريخ أبناء المحافظة النافذين، وهم كثيرون إذا لم يمارسوا نشاطاً فعّالاً ويضطلعوا بتمثيل حقيقى لضعفاء المجتمع فى مجالات التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية والمساعدات العينية والمالية والثقافية فى وقت تزداد فيه معاناة أبناء المحافظة ويئن أهلها من ارتفاع الأسعار، وانتشار البطالة، والأمية، وزيادة معدلات الفقر، وندرة الاستثمار، ونقص الخدمات الصحية، والتعليمية، والاجتماعية، والثقافية، مع شوارع متهالكة، ووجوه عابسة قتلها الجوع والفقر، وأمية تنخر فى جدرانها. فهل يتحرك أبناؤها؟