رغم أنه كان أصغر إخوته الأربعة، فإنه كان دائماً يشعُر بالمسئولية عن إخوته، تخلى عن حلمه الدراسى لمساندة والده فى تكاليف المعيشة «الصعبة»، من واقع شعوره بالمسئولية كان لا يعتبر فترة تجنيده مجرد «تأدية واجب» بل كان يراها «واجباً يستحق أن يضحى بحياته من أجله». فى منزل بسيط، ليس فيه من ترف العيش «حصيرة وغطاء ومسند» داخل غرفة صغيرة فى الطابق الأرضى له ولأبيه ولأمه المريضة بالسرطان وإخوته سيد ومحمد ورشا ورانيا، ما يجعل الإنسان يتمسك بالحياة، إلا أن ثروت سليمان، ابن قرية أم عجرم فاقوس بالشرقية، كان محباً للحياة، يملك شخصية طموحة: «كان بيقولنا على طول أنا عاوز أبقى حاجة كبيرة أوى فى البلد، وأرفع راس أبويا وأمى»، كما يقول أخوه. الصدفة، هى التى جعلت الحاج سليمان، والد الشهيد ثروت يعرف بخبر مقتل ابنه ثروت، «لما سمعت إن فى ضرب فى رفح من أهل البلد، سألت ولاد أخويا، وهما كانوا عرفوا إن ثروت مات، بس قالولى هنتأكد هو حصله إيه ونقولك»، الاتصال بابنه الأوسط سيد كان التصرف الأول الذى خطر على بال الحاج سليمان كى يطمئن على ابنه. «قوم يا سيد دوَّر على أخوك شوفه عايش ولا ميت»، كلمات استيقظ عليها سيد الأخ الأوسط لثروت، وانتهت مكالمة الحاج سليمان، ليبدأ سيد فى البحث عن أخيه بين المستشفيات، «رحت المستشفى العسكرى فى المقطم، قالولى مش عندنا ورحت مستشفى الطيران وبعدين مستشفى كوبرى القبة» كانت هذه رحلة سيد للبحث عن الخبر اليقين حول مصير أخيه الأصغر ثروت. «ثروت كان طيب أوى وكان عسكرى على الحدود مع فلسطين وبيحب الجيش أوى»، استمر سيد فى تذكر العديد من المواقف، التى كانت تؤكد له دائماً أن خدمة أخيه فى الجيش لم تكن بالنسبة له «مجرد تأدية واجب»، بل كان يحب الخدمة فى الجيش وكان يراها واجباً يستحق أن يضحى بحياته من أجله، «آخر أجازة ليه مكملهاش للآخر، ورجع الجيش قبل ما تخلص بيومين عشان كان خايف يحصل أى حاجة على الحدود وهو مش موجود». ثروت أو كما هو معروف بين أهل قريته «تايجر»، كان بطل محافظة الشرقية فى الكونغ فو وحافظاً للقرآن، رغم تفوقه؛ فإنه لم يكمل دراسته، ففضل الحصول على «دبلوم صنايع»، ومساعدة أبيه. «قبل وفاته ب3 أيام كلمنى وقالى إنت واحشنى أوى يا خويا وهننزل سوا فى العيد عشان أجيب هدوم جديدة وإنت اللى هتحاسب» كان هذا الحوار الأخير الذى دار بين سيد وأخيه الشهيد ثروت، لم يستطع سيد إحصاء المواقف التى دائماً ما يتذكرها لثروت «اتكلم عن ثروت العيل الصغير اللى كان بيلعب فى الشارع ولا عن الأخ اللى ماكنشى بيزعل حد منه». كان ثروت بطبيعته شخصية هادئة جداً، ويؤكد والده أنه لم يكن مصدراً للمشاكل منذ صغره، بل العكس، فبالرغم من كونه الابن الأصغر؛ فإنه كان يساعد فى حل مشاكل إخوته الأكبر منه، «قاللى إنه نازل يوم 25 رمضان ومكدبش عليا هو نزل برضه بس نزل وهو عريس». لم يعقب الحاج سليمان على وفاة ابنه بأكثر من «حسبى الله ونعم الوكيل»، وطالب الرئيس محمد مرسى بالقصاص لثروت وغيره من الشهداء الذين ماتوا فى أحداث رفح، «طول ما ابنى فى الجيش هو مش ابنى هو ابن مرسى ولازم مرسى ياخد حق ابنه اللى مات». أما أخوه الأكبر «محمد» فكان منهاراً تماماً منذ أن علم بخبر وفاة أخيه الأصغر ياسر، «أخويا مات عشان مفيش قيادات فى البلد، القيادات قاعدة فى المكاتب والتكييفات وسايبين اللى يموت يموت»، لم يتوقف محمد عن الصراخ فى وسط القرية مردداً: «حق أخويا هيجى بالذوق أو بالعافية بالأدب أو بقلة الأدب، المهم إنه ييجى».