انتظام أعمال امتحانات الفصل الدراسي الأول بجامعة قنا    توقيع اتفاقية جديدة للبحث عن البترول والغاز مع شركة "Terra Petroleum" الإنجليزية    تشكيل مجلس إدارة غرفة الصناعات الغذائية لدورة 2025-2029    الجيش الإسرائيلي: نحقق في مقتل فتى فلسطيني في الضفة الغربية    «أطباء بلا حدود»: معظم سكان غزة فقدوا منازلهم بسبب الحرب    وزير الخارجية يستقبل رئيس الهيئة الوطنية للاعلام ومذيعي التليفزيون    كريم فؤاد يواصل تنفيذ برنامجه التأهيلي على هامش مران الأهلي    تموين الإسكندرية تشن حملات على أحياء المدينة    جنايات الإرهاب تقضى بالمؤبد والسجن المشدد ل5 متهمين بخلية التجمع    «عروس الجنة».. أول تعليق ل أحمد الفيشاوي بعد وفاة والدته سمية الألفي: هعيش باقي أيامي حزين عليكي    يضم 950 قطعة أثرية.. محافظ المنيا يتفقد متحف آثار ملوي    تبدأ 10 يناير، ننشر جداول امتحانات الفصل الدراسي الأول للنقل ببني سويف    قائد أوغندا قبل مواجهة تونس: لن نكون لقمة سائغة لمنافسينا في أمم إفريقيا    برلمانية الشيوخ ب"الجبهة الوطنية" تؤكد أهمية الترابط بين لجان الحزب والأعضاء    طعن قضائي جديد ب المحكمة الإدارية العليا يطالب بإلغاء انتخابات مجلس النواب    في مشهد مهيب.. الأزهر ينجح في إخماد فتنة ثأرية بالصعيد    مدبولي لسفير الإمارات: العلاقات بين القاهرة وأبوظبي نموذج للتعاون العربي    الدنمارك تستدعي السفير الأمريكي على خلفية تعيين مبعوث لجرينلاند    مفتي الجمهورية يبحث مع نظيره الماليزي سبل تعزيز التعاون المشترك    قبل بدء التصوير ..أيتن عامر تعتذرعن ظروف خاصة «حق ضايع»    باحث بالأزهر يوضح فضل شهر رجب (فيديو)    مجلس الوزراء يؤكد: أدوية البرد والأمراض المزمنة متوفرة بشكل طبيعي في الأسواق    طوارئ مستشفى الفكرية بالمنيا تنقذ طفلًا من أزمة تنفسية حادة    الاثنين 22 ديسمبر 2025.. البورصة تعاود الهبوط    فرحة وحيدة لمنتخب مصر في الاستضافة العربية لأمم أفريقيا    قصة قصيرة ..بدران والهلباوى ..بقلم ..القاص : على صلاح    مدير تعليم الجيزة يواصل سياسة العمل الميداني بزيارة مفاجئة لإدارتي «العياط والصف»    حداد ودموع في طابور الصباح.. مدرسة بمعصرة صاوي تنعى تلميذين لقيا مصرعهما في حادث الطريق الإقليمي    مصدر من الأهلي يكشف ل في الجول تطورات ملف المحترفين والراحلين.. وموقف توروب    هل طلب بيراميدز ضم ناصر ماهر من الزمالك ..مصدر يوضح    فابريزو رومانو: مطالب الأهلي تعطل انتقال جمزة عبد الكريم إلى برشلونة    الخطيب يبحث مع وزير التجارة الكوري تعزيز العلاقات الاستثمارية    شهد أمين : جوائز قرطاج ل "هجرة" هي إنجاز جديد للسينما السعودية    إطلاق حملة "ستر ودفا وإطعام" بالشرقية    وزارة شئون القدس تطالب بتدخل دولي عاجل لوقف هدم منازل المقدسيين    حكم المسح على الشراب الخفيف أثناء الوضوء.. دار الإفتاء توضح    الانتقام المجنون.. حكاية جريمة حضرها الشيطان في شقة «أبو يوسف»    السيطرة على حريق بسوق عرفان فى محرم بك بالإسكندرية دون إصابات.. صور    مدبولي: توجيهات من الرئيس بإسراع الخطى في تنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل    محافظ المنوفية يتفقد مركز خدمة عملاء مركز معلومات شبكات المرافق بقويسنا.. صور    كنز بطلمي يخرج من باطن الأرض محافظ بني سويف يتفقد أسرار معبد بطليموس الثاني بجبل النور بعد أكثر من عقد على اكتشافه    غرف دردشة الألعاب الإلكترونية.. بين التفاعل الرقمي وحماية الأطفال    جامعة قناة السويس تكرّم قياداتها الإدارية بمناسبة التجديد    المصري يواجه دكرنس اليوم في بطولة كأس مصر    الحقيقة الكاملة لسحب الجنسية من البلوجر علي حسن    وكيل الأزهر يحذِّر من الفراغ التربوي: إذا لم يُملأ بالقيم ملأته الأفكار المنحرفة    وزير الصناعة والنقل يصل العاصمة العمانية مسقط على رأس وفد رجال أعمال للمشاركة في منتدى الأعمال المصري العماني    وزير قطاع الأعمال: نحرص على تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي    الداخلية تفتتح قسمًا جديدًا للجوازات داخل مول بالإسكندرية    وزير الثقافة ورئيس صندوق التنمية الحضرية يوقّعان بروتوكول تعاون لتنظيم فعاليات ثقافية وفنية بحديقة «تلال الفسطاط»    روائح رمضان تقترب    نائب وزير الصحة والسكان يعقد اجتماعاً مع وفد رفيع المستوى من دولة ليبيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    مواعيد مباريات الإثنين 22 ديسمبر والقنوات الناقلة.. مصر تبدأ مشوارها في أمم أفريقيا    أسعار السمك اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    رئيس جامعة القاهرة يجري سلسلة لقاءات رفيعة المستوى بالصين لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي    ويتكوف: روسيا لا تزال ملتزمة تماما بتحقيق السلام فى أوكرانيا    أكسيوس: لا توجد مؤشرات حتى الآن على هجوم إيرانى وشيك ضد إسرائيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الحاوى» الأمريكى
نشر في الوطن يوم 26 - 11 - 2013

(1) ذكرتنى كلمة جون كيرى، وزير الخارجية الأمريكى، التى قالها مؤخراً: «إن الإخوان سرقوا الثورة»، يقصد طبعاً ثورة 25 يناير، بشخصية «الحاوى» الذى كنا نشاهده ونحن صغار فى الأربعينات من القرن الماضى، إذ كان يتمتع بمهارات مذهلة ومبهرة فى إخفاء الأشياء وخطف الأبصار.. فهو تارة يخرج حمامة من كمه، وتارة أخرى يخرج من فمه شريطاً طويلاً من المناديل المعقودة.. وهكذا، وقد ابتدع الشعب المصرى بعض الأمثال التى تعبر عن هذه الشخصية وأمثالها، فيقال إن فلاناً «يلعب بالبيضة والحجر»، فالبيضة هشة وسهلة الكسر، والحجر صلب، ومع ذلك هناك من يستطيع أن يلعب بهما معاً، كناية عن الفهلوة والشطارة والمكر والدهاء والقدرة الفائقة على التعامل مع المتناقضات فى وقت واحد. أو يقال إن فلاناً «يسرق الكحل من العين»، أى يتميز بخفة يده وكفاءته العالية على سلب ما لدى الآخرين، سواء كان مادياً أو معنوياً.. هكذا يظهر جون كيرى وغيره من الساسة الأمريكيين فى كل عصر، الذين ما برحوا يضحكون على عقولنا ويحاولون استغفالنا وخداعنا. وحقيقة الأمر أن السياسة الأمريكية لا تعدو هذه الأساليب، ولا يتورع أهلها عن استخدامها المرة تلو الأخرى. والمفترض أن نكون على بينة وحذر منها، وألا نقترب من شراكها، حتى لا نؤخذ على غرة، نعم يقال: «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين»، لكن لأننا شعب طيب وعاطفى فإننا نلدغ من الجحر، أو من نفس الجحر، مرات!
(2) «الحاوى» الأمريكى لا مانع عنده بل من أبجديات عمله أن يوظف جماعات أو دولاً لتحقيق أهدافه ومآربه، يفعل ذلك بمهارة يحسد عليها، خاصة أنه يجد من يتطوعون للقيام بالمهام نيابة عنه ولو لم يطلب منهم ذلك، والأمثلة على ذلك كثيرة وأكثر من أن تحصى.. نسق مع تنظيم القاعدة والمجاهدين الأفغان وهم يخوضون معركتهم ضد الاحتلال السوفيتى لأفغانستان، لأنه كان يحارب الشيوعية، ونسق أيضاً مع شيعة العراق فى الجنوب، برضا من إيران، ومع أكراد العراق فى الشمال، لغزو العراق واحتلاله، ونسق مع الإخوان للفوز فى انتخابات الرئاسة، لتحقيق أمن «إسرائيل» وضمان توسعها، فضلاً عن إيجاد محور سنى تقوده مصر فى مواجهة آخر شيعى إيرانى، وذلك لخلق نزاع طائفى جديد فى المنطقة -إضافة لما هو قائم- لصالح المشروع الأمريكى/الصهيونى، ونسق مع تركيا وقطر لدعم الإخوان بعد الإطاحة بحكمهم.
(3) «الحاوى» الأمريكى -كما هو معلوم- لا مبدأ ولا عهد له، المصلحة ولا شىء غيرها، وهو من ثم على استعداد لأن يضرب بعرض الحائط أى اتفاقات أو تعهدات أو صفقات أبرمها مع آخرين فى لحظة ما، لا بأس عنده من تغيير جلده كل يوم وليلة، ولا يشعر بأى حرج، فعل ذلك مع رؤساء دول وأنظمة حكم كان يتعامل معها. أقرب مثال لذلك «مبارك»، إذ ظل يدعمه فى استبداده وفساده نحو ثلاثين عاماً، وعندما تغير ميزان القوى لغير صالحه قلب له ظهر المجن. نفس الشىء فعله مع الإخوان، إذ بعد التأييد والدعم والمساندة والموقف المضاد لثورة 30 يونيو، ثم المتردد، إذا به يولى وجهه شطر قبلة أخرى، بل جاء سفير الاتحاد الأوروبى فى القاهرة، جيمس موران، ليقول: «30 يونيو ثورة كبرى وليست انقلاباً عسكرياً». (المصرى اليوم، 25/ 11). من المؤكد أن الموقف التركى (المرتبط استراتيجياً بأمريكا وإسرائيل) سوف يتغير تبعاً لموقف «الحاوى» الأمريكى، بخاصة بعد القرار المصرى الحازم بطرد سفيرها من مصر. ولا شك فى أن «أردوغان» الذى أراد أن يلعب دوراً محورياً على مستوى المنطقة (بخاصة بعد غياب دور مصر) قد افتقد الحكمة والرشد السياسى إزاء ثورة 30 يونيو، لكن يبدو أن هناك فى تركيا (جول وأوغلو) من يحاول كبح جماح الرجل، وبخاصة فيما يتعلق بالعلاقة مع مصر. أعتقد أن نفس الشىء سوف يتكرر مع قطر قريباً.
(4) أظن أن هناك أموراً ثلاثة وراء تغير الرؤية أو موقف «الحاوى» الأمريكى حالياً تجاه مصر؛ أولها: ثبات الدولة فى مواجهة العنف والإرهاب والفوضى، ثانيها: موقف السعودية، ثالثها: التقارب بين مصر وروسيا. بالنسبة للعامل الأول، أستطيع أن أقول إن الإدارة الأمريكية بعد ثورة 30 يونيو وعزل «مرسى» إن لم تكن ضالعة ولها دورها وراء العنف والإرهاب والفوضى فهى كانت تأمل وتتمنى أن تفشل الدولة فى مواجهته، إذ معنى الفشل أن تسقط الدولة، أو على الأقل تكون هناك فرصة لعودة «مرسى» والإخوان، وبالتالى فشل ثورة 30 يونيو التى أطاحت بأحلامها ومشروعها. أما بالنسبة للعامل الثانى، فغنى عن البيان أن موقف السعودية (ومعها الإمارات والكويت) المؤيد والداعم بشكل قوى وحاسم لمصر عقب زوال حكم الإخوان، كان له الأثر الأقوى فى ضرورة تغيير موقف «الحاوى» الأمريكى الذى يرتبط معها بعلاقة استراتيجية خاصة. أما بالنسبة للعامل الثالث، فلا شك فى أن التقارب بين مصر وروسيا كان له أثره الكبير فى دعم ومساندة مصر، سياسياً واقتصادياً، وهذا يعنى قدراً من الانفكاك وعدم الدوران فى فلك أمريكا، أو بمعنى أدق استقلال مصر عنها. ثم إن «الحاوى» الأمريكى لا يريد للروس أن يضعوا أقدامهم فى المنطقة كمناوئ له، بخاصة أن موقف روسيا كان مناهضاً ومانعاً -مع آخرين- لأمريكا فى توجيه ضربة عسكرية إلى سوريا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.