بعد فض اعتصامى رابعة والنهضة، وأثناء سعى بعض القوى الدولية لتدويل الأزمة فى مصر وطرحها على مجلس الأمن، اتصل به وزير الخارجية نبيل فهمى، وقال له: «أنا أعرفك جيداً كصديق، كيف ستتمكن من النوم وضميرك مرتاح، وأنت تعلم الحقيقة». إنه جون كيرى وزير خارجية الولاياتالمتحدة، الذى أدلى قبل يومين بتصريح اعتبره المراقبون هو الأكثر حدة من الإدارة الأمريكية تجاه الإخوان المسلمين، والأكثر دعماً لثورة يونيو، عندما أكد «كيرى» أن «الإخوان سرقوا ثورة الشباب التى اندلعت فى الخامس والعشرين من يناير». لم يكن هذا التصريح مفاجئاً للمراقبين داخل الولاياتالمتحدة، إذ انشغل الرأى العام الأمريكى فى الأيام الماضية بالانفراد الذى حققته صحيفة «ديلى بيست» الإلكترونية الأمريكية بعدما كشفت عن الأزمة الدائرة بين البيت الأبيض والخارجية الأمريكية بسبب المنهج الأمريكى تجاه مصر، خصوصاً بين مستشارة الأمن القومى سوزان رايس، وبين وزير الخارجية جون كيرى، الذى تجاهل تعليمات البيت الأبيض أثناء زيارته للقاهرة فى الأيام الأولى من نوفمبر الحالى، وقبل يوم من محاكمة المعزول مرسى، وهى المحاكمة التى لم يتحدث بشأنها مع أى من المسئولين المصريين الذين التقاهم على نحو ما كشفت «ديلى بيست». يصنّف «كيرى» بين رجال السياسة الأمريكية بأنه صاحب ثروة ويحمل اعتزازاً خاصاً لنفسه وآرائه. لم ينسَ السيناتور الديمقراطى أنه كان على بُعد خطوة من الجلوس على مقعد الرئاسة الأمريكية، وأنه خسر بصعوبة الانتخابات أمام بوش الابن. ظهر «كيرى» على المسرح المصرى بوضوح بعد 25 يناير، وقام بزيارة القاهرة، وكان على تواصل بشباب الثورة ومنظمات المجتمع المدنى، فضلاً عن الأحزاب والكيانات الرئيسية فى المشهد آنذاك، ومن ضمنهم «الإخوان المسلمين»، والذين كانوا يتمتعون بشراكة مختلفة داخل الكونجرس الأمريكى فى القطب الجمهورى السيناتور جون ماكين. ظل «كيرى» فى واجهة السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط من موقعه فى الكونجرس الأمريكى إلى أن تم تعيينه وزيراً للخارجية، خلفاً لهيلارى كلينتون فى فبراير الماضى. ترسم سيرته الذاتية بعضاً من ملامح شخصيته، فوالده ريتشارد كيرى كان قائداً عسكرياً فى سلاح الجو الأمريكى، وكانت ولادته فى ولاية كولورادو عام 1943. تخرج «كيرى» فى جامعة «بيل» عام 1966، والتحق بعدها بالجيش الأمريكى ليشارك فى حرب فيتنام، وفى نهاية السبعينات بدأ «كيرى» العمل فى المحاماة، وانتخب حاكماً لولاية ماساتشوستس عام 1983، بعدها بعام تم انتخابه للمرة الأولى فى مجلس الشيوخ، وأعيد بعد ذلك انتخابه أكثر من مرة إلى أن خاض انتخابات الرئاسة الأمريكية ممثلاً عن الحزب الديمقراطى فى مواجهة بوش الابن فى عام 2004، التى انتهت بخسارته، واليوم يعيد «كيرى» صياغة نفسه سياسياً من جديد فى موقع وزير الخارجية.