هللت الأم فرحاً، انتظاراً لقدوم نجلها، عبدالرحمن حسينى أبوالفتوح المتطوع بالقوات المسلحة فى سيناء، الذى لم يمر على خُطوبته سوى خمسة عشر يوماً، ملأت أرجاء المنزل ب«الزغاريد» وقضت ليلتها تخبر الجميع: «ابنى جاى بكره»، استيقظت الأم من نومها مبكراً، تحدث نفسها: «أكيد ركب الأتوبيس وجاى فى الطريق»، وبعد مرور عدة ساعات تبدل الحال، من بهجة انتظار قدوم نجلها، إلى حزن لحظة وداعه، فقد صعقت الأم بخبر استشهاده فى حادثة سيناء، على يد إرهابيين لا يعرفون الرحمة.. سلبوا فرحتها، فخرجت تهرول فى الشوارع لا تدرى إلى أين تذهب، قلبها ينزف دماً، والدموع تتحجر فى عينيها، تتشبث بجيرانها مرددة: «هاتولى ابنى، ابنى مامتش»، ثم يغمى عليها وتستلقى على الأرض لتفيق وسط تأكيدات ممن حولها: «ابنك شهيد فى الجنة يا حاجة» تنهض الأم المكلومة تحاول لملمة جراحها وتأبى أن تنتظر فى المنزل ليصل جثمان نجلها لتهرول مع أفراد أسرتها وأهالى قريته «المنسترلى» التابعة لمحافظة الشرقية، إلى مطار ألماظة لاستقبال جثمان الشهيد وتوديعه لمثواه الأخير بمقابر القرية. «ابنى قالى أنا نازل أجازة وجاى بكره مكنتش أعرف إنى هروح أجيبه جثة»، بهذه الكلمات بدأت الحاجة فاطمة عبده 55 عاماً، والدة الشهيد «عبدالرحمن» حديثها ل«الوطن»، وتابعت قائلة: «حسبى الله ونعم الوكيل فى اللى قتله وحرق قلبى عليه، ده عريس جديد، كان نفسى أفرح بيه والناس تهيننى فى فرحة، مش تعزينى فيه، صحيح كنت قلقانة عليه، وخايفة إن الإرهابيين يموتوه زى زمايله وكان الخوف بيقتلنى ميت مرة فى اليوم بس كنت بحاول أنسى وأستناه فى كل إجازة زى هلال العيد، بس خلاص راح والفرحة راحت معاه». وتساءلت والدموع تنهمر من عينيها: «هو إية الذنب اللى عمله، قتلوه بدم بارد ليه؟ ده عمره ما أذى حد يا ناس، أما خطيبة الشهيد، فلم تتحمل صدمة الخبر وأُصيبت بحالة انهيار فور علمها بما حدث، وقالت «جارة» الشهيد عبدالرحمن: «كل لما كنا نسمع أن فيه تفجير ولا فيه إرهابيين ضربوا مجندين بالنار كنا نجرى على بيت «أم عبدالرحمن» عشان نطمن عليه وكنا بنلاقيها تعبانه وبتموت من الخوف وتستمر على الحال ده لحد ما تسمع صوته».