لم أخجل من نفسى أو أشعر بالعار لأنى جئت -كمصرية- فى قاع قائمة الدول العربية، التى أعلنتها دراسة لمؤسسة «تومسون- رويترز» الأسبوع الماضى وانتهت فيها إلى أن مصر -التى وقف الخلق ينظرون جميعاً كيف أبنى قواعد المجد وحدى- هى أسوأ مكان لحياة النساء!! خجلت وحزنت وشعرت بالانكسار لأن اسم مصر جاء فى ذيل القائمة بلا منازع.. أحسست بالهزيمة وتساءلت عن جدوى تلك الأغانى والقصائد التى نرددها فى حب الوطن، وعن الشعب العظيم الذى قام بثورتين فى أقل من ثلاثة أعوام، وعن مستقبل واعد لأن أغلب أبنائه من الشباب، ثم يقبع هذا الوطن فى القاع، تسبقه الصومال، فلسطين، موريتانيا و.. و.. وتأتى جزر القمر -تلك الدولة الصغيرة الفقيرة- فى المقدمة!! وطنى هو الأسوأ كى تحيا النساء فيه، وطنى تسكنه الجاهلية الأولى، وطنى يئد البنات أحياء، حتى ولو كبرن، وصارت بطونهن تحمل كل رجال الوطن.. حتى ولو قادت حناجرهن الثورات، وتعرضن للضرب والسحل وكشوف العذارى.. حتى لو تعلمن وجُبن الأرض شرقاً وغرباً، نحن الأسوأ، نحن الأجدر بالبقاء فى القاع، فى ذيل القائمة!! لماذا نحلم أن تكون المرأة فى المقدمة، وكل شىء فى بلدى يسكن القاع! فى ظل أنظمة فاسدة أو بعد ثورتين، تبقى أنبوبة البوتاجاز حلماً، والموت على الطريق أو أسفل قضبان القطارات طقساً يومياً ألفناه، وفساد التعليم وفوضى الشوارع وإرهاب الإخوان وخيبة الساسة وعجز القضاة عن الاتفاق عادات نمضغها كما نمضغ رغيف الخبز الجاف «المكرمش» الذى يصعب مضغه فنبتلعه صاغرين، مستسلمين لقدر يبدو أنه من نصيب المصريين فقط!! فى وطن يقتل الناس بعضهم البعض من أجل بناء المساجد، ويدفع الملايين سنوياً من أجل الحج والعمرة، ويرتفع الزبيب فى جباه المصلين، وتعلو أجراس الكنائس! فى وطن لا يتحدث سكانه إلا إذا قالوا: بإذن الله، إن شاء الله، ولا يدخلون مكاناً إلا بالقدم اليمنى، ويبدلون شعاراتهم من «الصحوة الإسلامية» إلى «الإسلام هو الحل»، ويصبح إطلاق اللحى وارتداء النقاب، قضيتين أهم من الذين يموتون جوعاً ويقتاتون على بقايا الطعام فى صناديق القمامة!! فى مثل هذا الوطن ليس غريباً أن يصبح التحرش بالنساء هو الأعلى فى العالم، وأن 99٫3٪ من النساء فى مصر تعرضن للتحرش بصوره المختلفة -كما قالت الدراسة- ومن المفهوم ودون اجتهاد، المتحرش قولاً وفعلاً رجل.. 91٪ من نساء مصر تعرضن للختان قهراً، تنفيذاً لفهم الرجال للدين وللأخلاق، هم نفس الرجال الذين يرتكبون جريمة التحرش!! نفس الرجال هم الذين يقاومون تعليم المرأة، حتى أصبح ثلث المصريات أميات، حتى تظل المصرية جاهلة بحقوقها، ذليلة للرجل، تابعة له، فليس مهماً أن تتعلم لتعلم الأجيال الجديدة، فليذهب الجميع إلى الجحيم وليبقَ الرجل، أحسن الرجال، أكثرهم فحولة ومروءة ونخوة، هكذا دائماً يرى الرجل المصرى نفسه!! فإذا عرفنا أن الدراسة ترصد أيضاً أن مصر من الدول التى تتاجر بالنساء، من خلال تزويجهم قاصرات لأثرياء الخليج، أو بانتشار جرائم الدعارة بسبب الفقر والبطالة، فهمنا لماذا جئنا فى قاع القائمة!! لذا أيها الرجل المصرى، صاحب «الشنب» الكثيف، واللحية مترامية الأطراف.. يا مدّعى التدين، أيها المدافع عن الأخلاق، يا سيد الرجال، يا سبع، ألا تخجل من نفسك، هل أنت سعيد بما وصلت إليه ابنتك وأختك وأمك وزوجتك؟! هل أنت جدير بهذا «الشنب» وهذا الدين؟ صدّقنى، لو كنت رجلاً وقبلت هذا الوضع فالأكرم لى أن أحلق «شنبى» وأنتحر، ولكنك لن تفعل لأن «الرجالة ماتوا فى الحرب»!!