* رحلة «العسكريين» فى مصر بدأت مع «بدر الجمّالى» ثم «محمد على» ثم «عبدالناصر» وعادت إلى المشهد مع ظهور «السيسى» * هاجس الزعامة يدفع العسكريين إلى الوصاية على الشعب فيحتكرون السلطة ويسخّرون المواطن والوطن لأهدافهم ويعسكرون مؤسسات الدولة * فى ظل الأنظمة العسكرية.. عبر الإنسان المصرى بأميته ومرضه وفقره وانسحاقه من عصر إلى عصر دون أن يجدّ عليه جديد * «عسكرة» الدولة تلون الحياة باللون الميرى فيصبح تعمير الصحراء «غزواً».. ورؤية الوزارات «استراتيجية».. والكرة التى يصوبها اللاعبون فى الملاعب «قذيفة» أو «قنبلة»! * مطلوب من القوى المدنية أن «تنفطم» وتتخلص من تبعيتها للمؤسسة العسكرية وأن تكون لديها الثقة فى قدرتها على النهوض بالحكم وألا تسمح بتحول أى مؤسسة إلى «دولة داخل الدولة» من القوانين الثابتة فى قصة «حكم مصر» أن العسكريين لا يقفزون إلى السلطة إلا عندما تصاب الدولة المصرية بالرخاوة، فيسودها الاضطراب، وتعجز السلطة القائمة عن السيطرة على الأوضاع الأمنية وتأمين الاحتياجات المعيشية للمواطن، بسبب غرق البلاد فى الفتن والقلاقل. فى هذه اللحظة يظهر أحد أمراء الجيوش ليقدم نفسه كبديل موضوعى للحاكم الضعيف الذى يجلس على الكرسى. وقد جرت العادة أن «العسكرى» إذا وصل إلى السلطة فإنه يظل متشبثاً بها سنين عدداً، ويشق عليه كل المشقة أن يتركها فى لحظة. وقد أنصف الفريق أول عبدالفتاح السيسى حين دعته القوى السياسية -قبل 30 يونيو- إلى النزول إلى الشارع، فقال لهم: «الجيش لو نزل اتكلم على مصر كمان 40 سنة»! من «الجمالى» إلى ابن «الجمالية» ربما كان «بدر الجمالى» هو أول «عسكرى» استغل اضطراب الأوضاع فى مصر، بسبب ضعف خلفاء الدولة الفاطمية، للقفز إلى السلطة، فاستثمر حالة المجاعة التى ضربت مصر لمدة سبع سنوات (الشدة المستنصرية)، وما خلفته من فوضى، فسيطر على السلطة وأصبح الحاكم الحقيقى للبلاد (عام 1074م)، وتخليداً لذكراه شيد «بدر الجمالى» مشهد «الجيوشى» فوق قمة جبل المقطم (عام 1085) ليظل شاهداً على الحكم العسكرى. كان «الجمالى» شديد الثقة والافتتان بنفسه ودوره، وكثيراً ما كان يردد الآية الكريمة التى تقول: «وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ»، ويقصد إسقاطها على نفسه ووصف الدور الذى قام به فى نصرة المصريين وانتشالهم من براثن الفتن والاضطرابات والمجاعات. جاءت التجربة التالية الأبرز لانقضاض العسكريين على السلطة عام 1805 على يد الوالى محمد على، وهو ضابط ألبانى مسلم وفد إلى مصر ضمن القوات العثمانية التى تدفقت إليها لمواجهة الحملة الفرنسية. وقد سعى إلى التقرب للمصريين فى فترة سيطر فيها الاضطراب على حياتهم بسبب الضرائب التى أرهقتهم وارتفاع الأسعار واستبداد الولاة العثمانيين وطغيان الأمراء المماليك. وقد تضافرت هذه العوامل معاً فأدت إلى قيام الشعب بثورة عارمة قادها المشايخ والعلماء -على رأسهم الزعيم عمر مكرم- عام 1805، واختاروا الضابط الألبانى الذى «ركب الثورة» ليكون والياً عليهم، وأجبروا السلطان العثمانى على إصدار فرمان بذلك، وكان لهم ما أرادوا، وقد حكم محمد على مصر خلال الفترة من 1805 إلى 1848. ومن بعدُ كانت التجربة التى تشكل جوهرة التاج فى الحكم العسكرى لمصر الحديثة والمعاصرة، وأقصد بها تجربة الضباط الأحرار الذين قفزوا إلى الحكم عام 1952. ولعلك تعلم حالة الاضطراب التى سادت مصر طيلة الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضى، واشتعال المظاهرات ضد الاحتلال الإنجليزى، والصراعات السياسية العنيفة التى سيطرت على المشهد المصرى بسبب التنازع ما بين الأحزاب السياسية والجماعات الفاشية والقصر. ومع مطلع الخمسينات كان الشعب قد وصل إلى قمة اليأس والتململ من الأوضاع التى تسود البلاد، فحمل الشباب السلاح لإخراج الإنجليز من القنال، وتتابعت المظاهرات التى نددت بعجز الأحزاب والتقصير فى تحقيق أحلام المصريين، ووقع حريق القاهرة فى 26 يناير عام 1952، وأصبحت الظروف مهيأة تماماً لقفزة عسكرية جديدة إلى الحكم، فظهر فى المشهد حينذاك تنظيم الضباط الأحرار الذى أسسه وتولى قيادته الرئيس جمال عبدالناصر، وفى صباح 23 يوليو عام 1952 كان صوت «البكباشى» محمد أنور السادات يعلن أن «الأحرار» قاموا بحركة لتطهير البلاد وتخليصها من الحكم الملكى. أما التجربة الرابعة الحالية فلست بحاجة إلى الخوض فيها كثيراً؛ لأنك عاصرت أحداثها بشكل كامل منذ 25 يناير وحتى الآن، وقد بدأت بقفز المجلس العسكرى برئاسة المشير محمد حسين طنطاوى إلى الحكم فى 11 فبراير 2011، ثم كان ما تعلمه من انتخاب «محمد مرسى» رئيساً وتسليمه السلطة فى 30/6/2012. وفى ظل حالة الاضطراب وتتابع المظاهرات التى تنادى بسقوط حكم المرشد، وتندد باتجاه جماعة الإخوان إلى الاستحواذ على السلطة، وعجز «مرسى» عن التعامل الجاد والحاسم مع المشكلات التى يعانيها المصريون، نزلت حشود المصريين فى 30 يونيو 2013، فكان أن اتخذ وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسى (ابن حى الجمالية) قرارات «3 يوليو» وعلى رأسها عزل «محمد مرسى» من الحكم. إحياء المكان وقتل الإنسان للحكم العسكرى العديد من الإيجابيات، وقد تمتع كل من محمد على وجمال عبدالناصر، على وجه التحديد، برؤية بنائية وحاولا تأسيس دولة مصرية قوية تستطيع أن تقود المحيط الإقليمى الذى تعيش فيه. تبنى محمد على مشروع مصر الكبرى القادرة على وراثة عرش الخلافة العثمانية، ولتحقيق هذا الهدف طوّر الزراعة والصناعة وأسس المدارس وابتعث الطلاب المصريين للدراسة بالخارج، كل هذا بهدف توفير قاعدة اقتصادية وعلمية قادرة تؤسس لمشروعه. أنجز «محمد على» العديد من الخطوات فى رحلة إنجاز هذا المشروع حتى تحطمت ذراعه العسكرية واضطر إلى قبول اتفاقية «لندن» عام 1840 التى أوقفت توسعاته العسكرية، وقد دخل الوالى بعدها فى مرحلة مرض وهذيان حتى مات عام 1849. أما جمال عبدالناصر فقد عاش حلم «القومية العربية»، واجتهد فى أن تكون مصر زعيمة للدول العربية فى مواجهة الاستعمار والصهيونية، فأصدر قانون الإصلاح الزراعى ووزع الأرض على الفلاحين، واجتهد فى بناء قاعدة صناعية فى مصر، ثم أصدر قوانين يوليو الاشتراكية لحماية العمال، وتراكمت أرصدة شعبيته فى بنك الفقراء المصريين، وبدأ مسيرته فى بناء القومية العربية بالتجربة الفاشلة للوحدة مع سوريا، ودعم ثورة اليمن بالمال والجند المصريين، ثم كان ما كان من هزيمة جيشنا فى يونيو 1967، ثم حرب الاستنزاف التى استنزفت معها صحة الرجل فمات مقهوراً عام 1970. كانت معادلة محمد على فى بناء مصر الحديثة بسيطة تقوم على «بناء المكان على حساب الإنسان» فانسحق الإنسان فى عصره، أما «عبدالناصر» فقد كانت معادلته «منح الإنسان الفقير وإهدار المكان»، فتآكلت الأرض الزراعية واحتُلت الأرض المصرية وفشلت تجربته الصناعية التى تأسست على الرغبة فى زيادة شعبيته لدى العمال أكثر مما استندت إلى فكر صناعى حقيقى. بتكوينته التى تتأسس على «هاجس الزعامة» يبدو «العسكرى» -فى الأغلب- صاحب رؤية لا يرضى أن ينازعه أو يختلف معه فى تفاصيلها أحد، وهنا مكمن الخطر -وكذلك الفشل- فى أنظمة الحكم التى قادها عسكريون مصريون. وتتسم تجارب الحكم العسكرى فى مصر بمجموعة من السمات تتحدد فى: احتكار السلطة، وتسخير المواطنين لصالح الأهداف الكبرى التى يتبناها الحاكم، والتخلص من الخصوم السياسيين بأقصى درجات القسوة، وعسكرة مؤسسات الدولة. وأولى هذه السمات -المتمثلة فى الاحتكار- ترتبط بطبيعة العقلية العسكرية التى تنظر إلى نفسها كمصدر لإصدار الأوامر، وإلى الآخرين كمجموعة من الجنود المطالبين بالتنفيذ الدقيق للأمر، سواء كان مقنعاً أم غير مقنع. ولا يستطيع أحد أن يقلل من أهمية هذه الفلسفة فى نظرة العسكرى إلى ذاته عندما يرتبط الأمر بميادين القتال التى يتعامل فيها مع جنود رسميين، لكن الوضع يختلف عندما يخرج العسكرى إلى حياة مدنية لها طبيعتها الخاصة، فيحاول أن يطبق الفلسفة نفسها مع مواطنين عاديين، ليس له عليهم سلطة الأمر والنهى، ولهم عليه حق الاستماع إلى آرائهم وإشراكهم فى صناعة القرار. ويبرر «العسكرى» لنفسه فكرة احتكار السلطة والنظر إلى ذاته كمرجعية لإصدار الأوامر بأن فكره الاستراتيجى يساعده على صناعة القرار بشكل أنجح، حتى لو عارضه الجميع. هل يستطيع أحد أن ينفى أن نظرية «الاحتكار» هى التى مكنت محمد على من بناء مصر الحديثة فبنى المصانع وشق الترع والمصارف وطوّر الزراعة وشيد المدارس وأرسل البعثات إلى الخارج، والأهم من ذلك أنه أسس الجيش المصرى الحديث؟ لكن من يجادلون بهذا الكلام ليس بإمكانهم نفى أن محمد على حقق كل ذلك بالاعتماد على مبدأ «السخرة». وتسخير المواطنين لصالح الأهداف الكبرى التى يتبناها الحكام هو السمة الثانية من سمات تجربة الحكم العسكرى، لقد كان محمد على يجبر المصريين إجباراً على العمل فى مشروعاته الصناعية والزراعية، وكان يعتقلهم فى هذه المشروعات، ويقرر عقوبة السجن على من يحاول الهرب منهم. كان محمد على يحاول أن يسحب مبدأ السخرة الذى اعتمد عليه فى تجنيد المصريين فى صفوف جيشه الناشئ على الحياة المدنية ليجعل منهم أدوات فى مشروعه الطموح. قد يقول قائل: ألم تنفع مشروعات محمد على مصر فى حينها، وما زال نفعها يتواصل حتى اليوم؟ وهو كلام صحيح ولا ريب، لكن على دعاة الحكم العسكرى الذين يطرحون هذا السؤال باستهجان أن يجيبوا عن سؤال آخر ملخصه: ما القيمة فى أن تحيى المكان وتقتل الإنسان؟ أو بعبارة أخرى: ما القيمة فى أن تبنى المصانع وتدعم المزارع وتنظم الشوارع وتبنى الجيوش مقابل أن تسحق الإنسان؟ هذا الإنسان المصرى الذى يعبر بأميته ومرضه وفقره وانسحاقه من عصر إلى عصر دون أن يجدّ عليه جديد! لا يستطيع أحد أن ينكر أن جمال عبدالناصر عمل الكثير من أجل الفقراء، بهدف صناعة ظهير شعبى وجماهيرى مؤيد له، لكنه سحق أى إنسان كان يتجرأ على نقده داخل السجون، والأدهى من ذلك أنه ساق جيلاً بأكمله من الشباب فى حروب غير محسوبة فى اليمن (عام 1961) ثم كانت حربه ضد إسرائيل فى يونيو 1967، حين استشهد آلاف الشباب المصرى فى صحراء سيناء، وخرج «عبدالناصر» بعدها يقول للمصريين الحزانى على أولادهم: «الأعمار بيد الله». وقد عبر أحمد فؤاد نجم عن هذا الموقف بسطور شعرية لطيفة يقول فيها: «هتقول لى سينا ومسيناشى.. ماتدوشناشى.. ما ستوميت أتوبيس ماشى.. شاحنين أنفار.. إيه يعنى لما يموت مليون.. أو كل الكون.. العمر أصلاً مش مضمون.. والناس أعمار». ولكى يمهد الحاكم العسكرى لاحتكار السلطة والاستفراد بالمواطن، فإنه يسارع بمجرد وصوله للحكم إلى التخلص من القوى والأشخاص الذين صعدوا به إلى الكرسى، كذلك فعل محمد على حين أعمل السيف فى رقاب المماليك فى مذبحة القلعة الشهيرة، وحين تخلص من المشايخ والزعماء الشعبيين وعلى رأسهم عمر مكرم، وكاد يقتل ابنه «إبراهيم باشا» عندما تمددت سلطته داخل الجيش المصرى وخشى أن ينقلب عليه. ولعلك تعرف الكثير من الحقائق عن تاريخ الرئيس جمال عبدالناصر فى التخلص من منافسيه من الضباط داخل مجلس قيادة الثورة، منذ اللحظة التى أطاح فيها باللواء محمد نجيب، وحتى اللحظة التى تخلص فيها من المشير عبدالحكيم عامر، بالإضافة إلى إلغاء الأحزاب السياسية التى ورثها عن العصر الملكى، والتنكيل بمعارضيه من الشيوعيين والإخوان. فكل شىء يجب أن يتلون بلون «العسكر» حين يحكم العسكريون وتختفى كل الأطياف الأخرى، وفى هذا السياق يتحدد مفهوم «عسكرة الدولة»، ليس من خلال تسكين اللواءات والعمداء والعقداء على رأس المؤسسات والوزارات والهيئات فقط، بل من خلال صبغ الحياة بمجملها باللون «الميرى»، حتى لو اتصل الأمر بالزراعة، فيصبح تعمير الصحراء «غزواً»، وتصبح رؤية الوزارات «استراتيجية»، والكرة التى يصوبها اللاعبون فى الملاعب «قذيفة» أو «قنبلة»! سؤال مشروع سؤال مشروع يطرحه مؤيدو «الحكم العسكرى» عن البديل الذى يمكن أن يحل محل «العسكريين» لو تركوا الحكم. ثم ماذا إذا كان الشعب نفسه ينظر إلى «الحاكم العسكرى» كمخلّص أو كشخص قادر على قيادة البلاد بدرجة أعلى من الكفاءة والانضباط؟ لقد قام الشعب بثورة 1805 ثم سلم الحكم للضابط محمد على، ولم يجد زعيم مثل «عمر مكرم» فى نفسه الثقة والقدرة على النهوض بمسئولية الحكم، والأمر نفسه حدث عام 1952 عندما قام الضباط الأحرار بحركتهم ووعدوا بالعودة إلى الثكنات وتسليم الحكم لسلطة مدنية، فإذا بالقوى المدنية نفسها تسلمهم الحكم، وتكرر ذلك فى 25 يناير 2011 عندما هتف الشعب للجيش، وعندما ترك الجيش الشعب لنفسه إذا به يأتى بالإخوان ليحكموا البلاد، وبعد عام من التجربة، نزل المواطنون إلى الشوارع يدعون الجيش إلى العودة ويسلمونه مقاليد السلطة من جديد فى 3 يوليو 2013. الوقائع السابقة لا يمكن القفز عليها، لكن من المهم أن يلتفت من يردد هذا الكلام إلى أن المؤسسة العسكرية منذ عصر محمد على حرصت على أن تتغذى على حساب جميع المؤسسات الأخرى، فكبرت وتضخمت إلى حد التورم، فى حين أصاب القوى المدنية ضمور وهزال، فالمسألة لا تعود إلى كفاءة مؤسسة بقدر ما ترجع إلى التغول على المؤسسات الأخرى. لقد كانت كل مؤسسات الدولة فى عهد محمد على تعمل لحساب الجيش، وتدور فى فلكه، وهو ما حدث أيضاً فى ظل تجربة يوليو 1952. ولست بحاجة إلى الإشارة إلى ما تعرفه عن استحواذ المؤسسة العسكرية حالياً على نسبة لا بأس بها من اقتصاد المصريين؛ فمشروعات الجيش تحاصرك من جميع الجهات، بداية من «البنزينة» التى تمون منها على الطريق، ومروراً بالسلع الأساسية التى يحتشد بها أى «سوبر ماركت» كبر أم صغر، وانتهاءً بالنادى الذى تعقد فيه قرانك أو قران أنجالك! ولعلك تتابع «كراتين» السلع التموينية التى توزعها القوات المسلحة على الفقراء فى القرى والنجوع والأحياء العشوائية هذه الأيام، وربما تذكر أن توزيع هذه السلع كان مدخلاً أساسياً من المداخل التى اعتمدت عليها جماعة الإخوان فى حشد الأصوات فى أى انتخابات. إن الخطوة الأولى على طريق تمكين القوى المدنية تتعلق بهذه القوى نفسها، فمن الضرورى أن تكون لديها ثقة بنفسها وبقدرتها على النهوض بأعباء الحكم، وأن تسعى إلى وضع كل مؤسسة من مؤسسات الدولة فى حجمها الحقيقى، بحيث لا تتحول واحدة منها إلى دولة داخل الدولة. وفى تقديرى أن أولى خطوات ضبط الأوضاع تتعلق بالدستور الذى تتم صياغته حالياً؛ إذ من الضرورى ألا يسمح بتغول مؤسسة معينة على باقى مؤسسات الدولة. مطلوب من القوى المدنية أن تفض عرى اعتمادها على المؤسسة العسكرية فى تغيير الأوضاع، عليهم أن يفهموا أن هذه المؤسسة التى أنبتتهم فى حضنها منذ عصر محمد على لا ترى فيهم أكثر من أداة وواجهة للحكم. مطلوب من القوى المدنية أن «تنفطم» وتتحرر من تبعيتها، وتستوعب أن ثورة الشعب فى 25 يناير لم تستهدف التمكين للإخوان؛ لأننا لم نكن نطلب دولة دينية بل دولة مدنية، أو التمكين للحكم العسكرى، لقد خرج المصريون رافعين شعار «التمكين للشعب» ليس إلا. آن الأوان لكى تنظم القوى المدنية نفسها وتهضم معطيات ومقتضيات اللحظة التاريخية التى تعيشها، وتجمع هذا الشعب تحت مظلة واحدة، حتى تتمكن من خوض معركتها من أجل التغيير والإصلاح.