أصبح المواطن المصرى المسيحى فى حيرة.. ودعنا نستعرض وضع المسيحيين فى مصر من أيام محمد على حتى اليوم فى سرد بسيط وسريع: منح محمد على الأقباط رتبة البكوية، وعين أقباطا حكاما للمدن (أى محافظين)، مثل بطرس أغا أرمانيوس، وفرج أغا ميخائيل (أحدهما حاكما على دير مواس والآخر محافظا على الفشن)، ورئيس الديوان المعلم وهبة إبراهيم. وتم اختيار سعيد باشا القبطى حاكما على قُطر السودان، كما تبوأ الأقباط أغلب الوزارات بما فيها وزارة الحربية. وبعد ثورة 19 ووزارة سعد زغلول الأولى 1924 تم انتخاب رئيس مجلس النواب ويصا بك واصف. والأهم فى عام 1929 كان السائد أن أقدم لواء جيش يصطحب المحمل إلى مكة وكان فى هذا العام أقدم لواء مسيحيا وهو نجيب مليكة باشا، وذهب الرجل ولم يحتج أحد من مصر ولا السعودية. فى وزارة على ماهر تم تعيين خمس وزارات سيادية (الحربية، التجارة، الصناعة، الزراعة، المالية)، والأكثر من ذلك أن ثلاثة أقباط تبوأوا رئاسة الوزارة (نوبار باشا، بطرس غالى، ويوسف وهبة). وإذا تابعنا النواب فى المجلس سوف تجد أن عام 1942 تم انتخاب 27 قبطيا من 264 نائبا.. فى عام 1957 لم يفز مرشح واحد من عدد 350 ولم يتم تعيين أى قبطى وكان البرلمان خاليا من الأقباط. فى عام 1986 لم يفز أى مرشح قبطى وتم تعيين 8 أعضاء. وفى عام 90 فاز واحد فقط وتم تعيين ستة، وعام 95 لم يفز أى مرشح وتم تعيين ستة.. وهكذا مرت الدورات بين واحد واثنين حتى عام 2011 وكانت قوائم حزبية لم يفز أكثر من خمسة من عدد خمسمائة وعشرة. وبعد كل هذا السرد لا أجد حلا إلا وجود دستور يحترم حقوق المواطنة ويتم تقلد المناصب على أساس الكفاءة بغض النظر عن الدين أو الانتماءات السياسية.. ومن هنا يقع المواطن المصرى المسيحى فى حيرة: هل يطلب تمثيلا نسبيا حتى يكون داخل منظومة الوطن أم يرفض التمثيل النسبى حتى لا يقسم المجتمع إلى مسيحى ومسلم وتكون زريعة لتقوية الفتن؟ ونحن فى ظل دستور يتكلم عن المساواة بين جميع أبناء الوطن الواحد. فيجب على العقلاء من أبناء هذا الوطن أن يجدوا حلا لعدم تهميش الأقباط والأخذ بمبدأ الكفاءة لأبناء الوطن الواحد. ونفس الشىء مع المرأة التى تم تهميش دورها بشكل واضح. ومن هنا أناشد كل الشرفاء من القائمين على لجنة الدستور أن يجدوا حلا لهذه المشكلة حتى يخرج لنا دستور يمثل ويعبر عن كل فئات المجتمع ويساوى بين أبناء الوطن الواحد دون تمييز أو تقسيم فعليكم أن تسهموا فى تغيير الثقافات التى أصبحت تمحو الهوية المصرية بكل أصالتها وتسامحها وتقبلها للآخر.. ولن نتقدم إلا إذا أدركنا أهمية أن يكون الإنسان الكفء فى المكان المناسب له بغض النظر عن دينه أو انتمائه. والله يحمى مصر من شر التقسيم والتفتيت.