تعددت في الآونة الأخيرة جرائم الرشوة المتهم فيها مسئولين كبار بمواقع مختلفة، ومعها كشفت التحقيقات عن وقائع مثيرة حصل فيها المتهمون على أموال وأشياء عينية على سبيل الرشوة وصلت عشرات الملايين من الجنيهات كما في قضية محافظ المنوفية هشام عبدالباسط وحتى ملابس وعضويات أندية رياضية، كما في قضية "صلاح هلال" وزير الزراعة الأسبق وحتى الحصول على مبالغ مالية شهرية بالعملة الأجنبية (الدولار) كما في قضية جمال عبدالعظيم رئيس مصلحة الجمارك المقبوض عليه مؤخرا بتهمة الحصول على رشوة. ومع تعدد قضايا الرشوة ووصولها لمحاكم الجنايات يبرز إفلات الراشون والوسطاء من العقوبة واحدًا من أهم الموضوعات المرتبطة بتلك القضايا، فوفقًا للقانون يعفى مقدم الرشوة والوسيط فيها من العقوبة في حالة اعترافه بالجريمة وتفاصيلها وهو ما حدث في أغلب قضايا الرشوة الشهيرة التي اتهم فيها مسئولين كبار خلال السنوات الماضية، ففي قضية رشوة وزارة الزراعة أعفت المحكمة الراشي والوسيط من العقوبة المقررة عليهما قانونا وأدانت صلاح هلال الوزير السابق، وكذلك في قضية "رشوة مجلس الدولة" التي أدين فيها مدير مشتريات المجلس جمال اللبان في حين تبقى باقي القضايا قيد المحاكمة ولم تصدر فيها أحكام. يقول مصدر قضائي: "الاعفاء من العقوبة للراشي والوسيط عند الحكم في قضايا الرشوة، وجوبيا بقوة القانون كما تشير المادة 107 مكرر من قانون العقوبات، والإعتراف الذي يعول عليه للإعفاء في هذه الحالات يجب أن يكون تفصيليا متطابقا متضمنا كل الوقائع موضوع القضية وهو الأمر الذي يدركه محامو المتهمين بتقديم الرشوة والتوسط فيها فيعملون على استفادة موكليهم من النص القانوني أثناء المحاكمة". ويشير نص المادة 107 مكرر من قانون العقوبات إلى: "يعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي ومع ذلك يعفي الراشي أو الوسيط من العقوبة إذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها". وعلى الرغم من النقد الذي يوجه لهذا النص من بعض القانونيين نظرا لكونه بابا لإفلات المتهمين بتقديم الرشاوى والتوسط فيها من العقوبة إلا أن بعض المصادر القضائية ترى أن النص مفيد جدا للسلطات القضائية في الوصول إلى إدانة المسئولين والموظفين العموميين المتهمين بتلقي رشاوى وعطايا مقابل أداء عملهم أو الإخلال بواجبات وظائفهم، موضحة أن هذا النوع من القضايا يكون معقدا جدا ويساعد اعتراف الوسطاء والراشون في الوصول إلى معاقبة المتهمين بتلقي الرشاوى نظرا لكون الإعتراف دليلا يقينيا على ثبوت جريمة الرشوة بحقهم.