تناقش لجنة الخمسين مواد الدستور لإصدار أول مسودة بعد انتهاء اللجان النوعية من أعمالها، ومع مناقشة المواد الأولى رفض كلٌّ من ممثلى حزب النور وحزب الوفد النص فى المادة (11) على توفير الحد الأدنى لتمثيل المرأة فى المجالس النيابية والمحلية المنتخبة، حيث جاء فى نص هذه المادة: «تلتزم الدولة بتحقيق المساواة للمرأة فى كافة الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الواردة فى هذا الدستور، وتمكينها من التوفيق بين واجباتها نحو أسرتها وعملها فى المجتمع وحمايتها ضد كل أشكال العنف، والالتزام بتوفير الحد الأدنى لتمثيلها فى المجالس النيابية والمحلية المنتخبة. وتلتزم الدولة بتوفير رعاية خاصة للأمومة والطفولة والمرأة الفقيرة والمهمشة والتى تعول، والنساء الأكثر احتياجاً». ويبدو هنا أن شىء عجيب يجمع ما بين حزب النور وحزب الوفد، رغم أنه على المستوى النظرى لا يمكن أن يجمع بينهما شىء، فحزب النور من المفترض أنه أحدث حزب محافظ دينياً، وحزب الوفد من المفترض أنه أقدم حزب ليبرالى سياسياً. وحزب النور يختلف عن حزب الوفد على مستوى الخطاب المعلن أو الأدبيات المكتوبة ولا سيما فيما يتعلق بالمرأة، حيث حزب النور يرى فى مشاركة المرأة السياسية مفسدة وأن ترشيحه للمرأة فى انتخابات 2011 كان ترشيح المضطر نظراً لنص القانون على ضرورة وجود امرأة واحدة على القائمة، لذا وضعها فى ذيل القائمة حتى يضمن عدم نجاحها، أما حزب الوفد فيعلن دائماً عن اعتداده بدور المرأة، ووضع ثلاث نساء فى صدارة قوائمه، ما ساهم فى دخولهن البرلمان. لكن ورغم هذا الاختلاف جمع بين الحزبين أمران كلاهما مخزٍ؛ الأول نسبة ترشيح كلا الحزبين للنساء فى انتخابات برلمان 2011، حيث كانت ترشيحات حزب النور «المضطر» 13.1%، وترشيحات حزب الوفد «الداعم للمرأة» 13.7%!! الأمر الثانى أنه عند مناقشة المادة (11) الخاصة بالمرأة رفض كلٌّ من الحزبين المحافظ والليبرالى ضمان مشاركة المرأة فى المجالس المنتخبة، وهو أمر قد يبدو متسقاً مع حزب النور فهو ضد الثورة بالأساس، وشارك فى خريطة الطريق مشاركة «المضطر»، لكن الأمر يبدو غريباً من حزب الوفد الذى يشيد دائماً بمشاركة المرأة بالملايين فى 30 يونيو، وجاء على لسان قيادته عدة مرات أنه لولا المرأة ما كانت نجحت الموجة الثانية من الثورة، لذا من المفترض أن يكون حزب الوفد من أشد الداعمين لترجمة هذه المشاركة إلى إجراءات تضمن وجود المرأة فى صناعة القرار ولا تقتصر على الشوارع والميادين. أما حزب النور، ففى الوقت الذى يدافع فيه ممثلو حزب النور بلجنة الخمسين بشراسة عن نسبة 50%، كوتة العمال والفلاحين، لأسباب سياسية تمكنهم من حشد الأصوات الانتخابية - يرفض إعطاء المرأة كوتة لتحسين مشاركتها السياسية فى مصر، وهذا يدل على أن الرفض ليس للكوتة فى حد ذاتها، لكنه موقف رافض ومعادٍ للمرأة، ويلعب دوراً فى تعطيل مسيرة التطور والتنمية منذ تصدره للعمل السياسى، حيث ساهم فى تخلف ترتيب مصر بين دول العالم، فقد احتلت المركز 139 من 142 على مستوى مشاركة المرأة فى المجالس النيابية بنسبة 2%، فى حين وصلت الجزائر إلى المرتبة 27 على العالم بعد أن وصلت النساء إلى 30.6% فى البرلمان. لذا أرجو أن ينتبه حزب الوفد ويعود إلى رشده السياسى ويلتزم ببرنامجه المكتوب، أو يندمج مع حزب النور ليكونا حزباً واحداً باسم «الوفد النورى»، حتى تعرف النساء مَنْ ستضع على القائمة السوداء، وضد مَنْ ستخرج فى الانتخابات المقبلة.