فى تركيز شديد يأخذ الشيخ الخضر حسين، التونسى الذى تولى موقع شيخ الأزهر، على كتاب «الإسلام وأصول الحكم» للشيخ على عبدالرازق ما يراها مثالب ونقائص واضحة فاضحة هى: 1- ينظر عبدالرازق إلى الإسلام فى قضية الدولة أو علاقته بالسياسة بالمنظار نفسه الذى رأت به النهضة الأوروبية المسيحية الكاثوليكية، ومن ثم فإن كتابه ينطوى على تغريب وليس على تجديد. 2- ما كتبه ليس نابعاً من قصور الفهم، إنما من إرادة واضحة ترمى إلى قلب الحقائق. 3- بنى استدلاله على أن سلطة الخليفة مستمدة من سلطان الله، أى ليس على ما جاء به الفقه، لأن مثل هذا غير موجود بالمرة، إنما على ما جاد به الأدب العربى، شعراً ونثراً. 4- الإحالة إلى الغربيين وكتب المستشرقين فى الاستدلال الفقهى والشرعى، وهذا أمر معيب، إذ إن من الممكن قبوله فقط فى الاستدلال على التاريخ والثقافة. 5- على عبدالرازق مفتتن بزخرف الحياة الإفرنجية. 6- يقع عبدالرازق فى التعميم التاريخى الخاطئ بتصوير الخلافة على أنها نظام قهر دائم، واستبداد مقيم. 7- الاحتجاج بالخلافة العثمانية كنموذج تنسف به الخلافة عامة هو أمر قاصر، لأن التصور السياسى فى الإسلام حجة على هذه الخلافة وليس تعبيراً عنها. 8- إن استدلال عبدالرازق فى رفضه للخلافة على أن القرآن لم يذكرها أو يشير إليها هو أمر جانبه الصواب، فالفقهاء يعتبرون الخلافة من فروع الدين، وليس بالضرورة أن ينص القرآن على الفروع، وهو المعنى بالأصول. وقد أراد الخضر ألا يحصر المشروع السياسى للإسلام فى شكل «الخلافة»، وذلك فى هذا محاولة لتطويق رؤية عبدالرازق بطريقة ذكية، فها هو يقول: «لم يدع أحد قط أن صلاح شأن الرعية، وصيانة شعائر الدين مربوطان باسم الخلافة، وأن لقب الخليفة كالرقية النافعة، يذهب بها كل بأس، أو الدعوة المستجابة ينزل عندها كل خير، والذى نعلمه ويعلمه أشباه العامة من المسلمين أن الخلافة لا تريك آثارها، وتمنحك ثمارها من منعة وعزة وعدالة إلا إذا سارت على سنة العزم فى الأمور والحكمة فى السياسة.. والقوة المشروعة للخليفة لا تزيد على القوة التى يملكها رئيس دولة دستورية، وانتخابه فى الواقع إنما كان لأجل مسمى، وهو مدة إقامة قاعدة الشورى على وجهها، وبذل الجهد فى حراسة حقوق الأمة، وعدم وقوفه فى سبيل حريتها.. وشكل بعض الحكومات القائمة على خليفة ووزراء ومجلس نيابى يجرى انتخابه تحت ظلال الحرية التامة، لا يخالف الشكل الملائم للخلافة الحقيقية بحال».