قبل 10 سنوات تقريبا، كتبت أنتقد المستشار محمود أبوالليل، محافظ الجيزة الأسبق، بشدة، بسبب اهتمامه الزائد على الحد بشارع الهرم؛ ذلك أنه فى هذا العام أنفق ما يقرب من 23 مليون جنيه على تطويره وإعادة رصفه أكثر من مرة، ويومها وصفت أبوالليل بأنه محافظ شارع الهرم، وهو ما أغضبه كثيرا، واتصل بى يؤكد أن ما أنفق على الشارع لم يكلف الدولة شيئا، وأن رجال الأعمال هم الذين تحملوا كل شىء. واليوم وبعد 10 سنوات، تغير خلالها محافظ الجيزة أكثر من مرة، تحولت شوارع المحافظة كلها إلى مقلب كبير للزبالة مثلها مثل كل الميادين والشوارع الكبرى فى مصر، وهذا أمر نكاد نكون قد اعتدنا عليه، لكن الذى لا يمكن السكوت عنه هو أن تتحول هذه الشوارع إلى برك للمجارى، ونحن فى شهر أغسطس؛ لأن هذا يعنى انتشار الأمراض والأوبئة، فضلا عن انتشار الحشرات والروائح الكريهة. ومن يدخل شارع الهرم هذه الأيام لن يشعر بوجود مشروع «وطن نظيف» الذى أطلقه الرئيس محمد مرسى؛ لأن الشارع السياحى تحول إلى عشوائى، «التوك توك» يسير فيه عكس الاتجاه، ومن أمام قسم شرطة العمرانية، و«عربات الكارو» أصبحت تحتل المساحة الأعظم من نهر الطريق، دون أى تدخل يذكر من رجال المرور، هذا إذا كانوا موجودين أصلا. والأمر لا يتوقف على هذه العشوائية؛ فالأخطر هو تحول معظم الشوارع الجانبية المتفرعة من الهرم إلى برك من مياه المجارى، والأمر يمكن أن يستمر أسابيع قبل أن يضطر الأهالى إلى تحمل نفقات كسح المياه التى تكاد تدخل عليهم بيوتهم. وهكذا لم تنته الفوضى التى فُرضت علينا منذ مظاهرات 25 يناير، عند حد البلطجة، وانتشار جبال القمامة فى كل مكان، وتفاقم أزمة نقص الخبز والوقود والكهرباء، بل وصل الأمر إلى أن نعيش فوق مياه المجارى، وفى كل مرة تظل الدولة غائبة، تعتمد على قيامنا نحن بمهامها، ليبقى السؤال: مقابل ماذا ندفع أموال الضرائب؟ ومقابل ماذا يحصل العاملون فى الكهرباء والنظافة والصرف الصحى على رواتبهم الشهرية من جيوبنا؟ لا شك أن فى الدولة العميقة من أنصار النظام السابق الفاسد من يسعى لاستمرار الفوضى، ويقف بقوة لإعاقة أى جهود يبذلها النظام الجديد، لحل مشاكل الناس أو إعادة الانضباط إلى الشارع، ويعمل على إلقاء القمامة فى كل مكان وافتعال أزمات الخبز والبنزين والكهرباء، وكلنا سمعنا عن حالات إلقاء بنزين وسولار فى الصحراء، وبعلم أكبر مؤسسة فى الدولة حاليا، دون أن نسمع تفسيرات أو ردودا من أحد، كل هذا معروف، لكن الذى لا نعرف له تفسيرا إذا كان المحافظون والمسئولون فى الهيئات الخدمية المختلفة مثل البترول والصرف الصحى ومياه الشرب والكهرباء والطرق والمرور وغيرها لا يقومون بعملهم الذى بسببه يتقاضون المرتبات، فما جدوى استمرارهم؟ ومن الذى يساعدهم على الإساءة للمواطنين كل يوم دون حساب؟ أعتقد أنه على الحكومة الجديدة، التى لم نشعر بوجودها بعد مرور 4 أيام على بدء عملها، أن تكون أكثر فاعلية فى محاسبة هؤلاء الذين ينشرون الفوضى منذ نحو 20 شهرا، وعلى الرئيس أن يبدى حسما أكبر فى مواجهة أى سلطة فى مصر تساند الفوضى، مهما كانت هذه السلطة، ومهما كان وضعها، وإن لم يفعل فهذا يعنى أنه يخشى هؤلاء ليحافظ على كرسيه، وبذلك يكون غير جدير بحكم مصر.