قالت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية، إن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، حاولت أن تستهين بالغضب المثار حول برنامج التجسس الخاص بوكالة الأمن القومي الأمريكية، ولم تنفجر غاضبة إلا بعد أن طالت مزاعم التجسس على الهواتف مكالماتها شخصيا. وقالت الصحيفة الأمريكية في تقرير أوردته اليوم، إن الرئيس الأمريكي قال في كلمة له: "لو أردت أن أعرف ما تفكر فيه ميركل فسوف أتصل بها" ولكن يبقى السؤال هل كان أوباما جادا في كلمته التي أدلى بها منذ شهرين أم كانت كلمات ضمنية ساخرة". وتابعت "ساينس مونيتور" لم يعد كلام أوباما يهم كثير من الألمان لأن تسريبات التنصت على مكالمات ميركل الهاتفية قد أثار حالة من التوتر بين البلدين، ونقلت الصحيفة عن عضو البرلمان عن حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطى الحاكم ورئيس لجنة الشؤون الأوروبية في البرلمان الألماني جونتر كريشباوم قوله: إنه لو كانت هذه الفضيحة صحيحة فإنها تعد خرقا لروابط الثقة بين البلدين، ولكن لا تبدو صورة أوباما هي الوحيدة السيئة في هذا الشأن فقد قضت ميركل والعديد من وزراء الحكومة فترة الصيف قبل انعقاد الانتخابات محاولين تجاهل قصة تجسس وكالة الأمن القومي الأمريكية. وأوضح كريشباوم أن هذه القضية حساسة جدا بالنسبة لميركل نظرا لنشأتها في شرق ألمانيا حيث جهاز الخدمة السرية "ستاسي" الذي كان منتشرا في ذلك الوقت في كل مكان قد جعلها على إدراك تام بقضية الخصوصية، مشيرا إلى أنه "لو سلمنا بأن هذا هو الأمر فسوف يتساءل كثير من الألمان لماذا لم توجه ميركل انتقادها الشديد لأمريكا إلا بعد ذيوع أخبار التنصت على مكالماتها ولماذا وضعت العلاقات بين أمريكاوألمانيا قبل قضية الحقوق المدنية لمواطنيها". ومن جانبه، قال جوشن شتات، مؤرخ بجامعة برلين الحرة، إنه نظرا إلى اعتقاد ميركل بأن المعلومات القليلة التي تم جمعها كانت جيدة ولكنها لم تستهدفها بعينها فإنها لم تر تأثير أنظمة المراقبة العشوائية ولذا لم تحرك ساكنا، منوها إلى أن العديد من الألمان تأثروا بهذه الفضيحة جدا.. وأن الميزان بين الحاجة إلى الأمن والحاجة إلى الخصوصية تختلف معاييره بين ألمانيا من جانب وبريطانيا وأمريكا من جانب آخر والمخاوف المتزايدة حول مسألة الخصوصية قد أججت حدة الغضب على الإدراة الأمريكية. ولن يستطيع الساسة الألمان التغاضي عن المشكلة أكثر من هذا لأن قضية حماية المعلومات، أصبحت واحدة من القضايا التي ستناقش في الحكومة الائتلافية الجديدة حيث قال زيجمار جابريل زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني الذي سيكون الشريك الأصغر في الحكومة الألمانية إذا تم توقيع اتفاق بشأن تشكيل حكومة ائتلافية خلال الأسابيع القليلة القادمة "لن نعمل على حماية خصوصية ميركل وحدها في المستقبل ولكننا سنطالب بهذا الحق ل82 مليون مواطن ألماني". ويقرأ الملايين من الألمان من مستخدمي الإنترنت يوميا أن اتصالاتهم أصبحت واحدة من أهداف الاستخبارات الأمريكية ويريدون من ميركل أن تتقدم بشكوى لدى الحكومة الأمريكية ولكن بدلا من ذلك أرسلت وزير داخليتها هانزبيتر فريدريك إلى واشنطن الذي أعرب لدى عودته عن ثقته في الإدارة الأمريكية وطالب الألمان بأن يكونوا ممتنين لحمايتهم من أي هجوم إرهابي، ومن المفارقات أن نفس الوزير يطالب الآن باعتذار رسمي من الولاياتالمتحدة على قضية التجسس على ميركل.