فى الأسبوع الماضى عرضت على حضراتكم دراسة موثوق فيها بتقول إن الخساير الاقتصادية لأزمة المرور فى القاهرة الكبرى بس 56 مليار جنيه مصرى كل سنة. الناس فاكرة إن المشكلة هى مشكلة أخلاقيات السائقين وعدم التزامهم لكن الحقيقة أن المسئولية مشتركة بين الحكومة، اللى أهملت المواصلات والتخطيط السليم، وما بين شرطة المرور اللى محتاسة ما بين ضعف الإمكانيات، والتطنيش، وما بين السواقين الجهلاء أو السواقين البلطجية. نبتدى بالحكومة.. والكلام هنا على جهات التخطيط وتنظيم المواصلات العامة، مش على وزارة الداخلية، لأن دور الداخلية يستاهل مقال لوحده. فى كل دول العالم: حل أزمة المرور فى المدن المزدحمة يتركز فى محورين: الأول إنشاء وسائل مواصلات محترمة تناسب جميع الفئات، والثانى رفع تكلفة التنقل بالسيارات الخاصة. ولأن الحلول دى بتاخد وقت فهناك مجموعة حلول مؤقتة مبتكرة الدولة ممكن تعملها تخف حدة الزحام. طيب بالنسبة للمواصلات المحترمة موجودة فى القاهرة؟ لأ مش موجودة للأسف.. ليه؟ إهمال شديد من الوزراء ورئيس الوزراء اللى قاعدين على مكاتبهم وعندهم أولويات تانية. دايماً فى حاجة عندهم أهم من المرور. كنت فى إسبانيا مؤخراً فى إجازة. وإسبانيا معروف عنها أن نظام المواصلات فيها سيئ بالنسبة لدول أوروبا. لكن أول ما توصل محطة الأوتوبيس: تجد مقعدا أو مكانا لك فى الظل، تشوف شاشة توضح الزمن المتبقى على وصول الأتوبيس القادم، وخريطة لخط سير المواصلات. لو الأتوبيس زحمة: نظرة إلى الشاشة تعطيك فرصة اتخاذ القرار بانتظار أتوبيس آخر. فى القاهرة: إمتى آخر مرة رحت المحطة والأتوبيس وقف فيها؟ طيب جرب تاخد خط مترو المرج.. يا حفيظ! لا يمكن تركبه فى الصيف. كتمة وحر. تكدس على الرصيف وتأخر المترو. إيه اللى حوّل المترو النضيف المكيف إلى علبة سردين سيئة التهوية؟ الإهمال وغياب الرقابة. كان عندنا من عشر سنوات أتوبيسات مكيفة بتذكرة اتنين جنيه. خط 356 و799 وغيرهما. رغم بطئها فإنها كانت مفيدة جدا لجمهور الطلبة والموظفين. راحت فين؟ موجودة. بس كل الشبابيك باظت، والتكييف مش شغال، والكراسى اتقطعت. ليه؟ إهمال ومال سايب! بنتكلم عن مواصلات محترمة تراعى إنسانية الناس وسايبين التحرش بالسيدات على عينه. إحدى الزميلات الصحفيات تروى مشهدا عن فتاة شدوا طرحتها من على شعرها فى محطة المترو، وعن تحرش متكرر على رصيف مترو فى محطات وسط البلد فى غياب شبه كامل من البوليس. حضرتك متخيل إنك تنزل من بيتك فى حدايق القبة توصل شغلك فى القرية الذكية بالمواصلات؟ إذا كانت الحكومة عايزة المواطن يركب المواصلات، لازم المواصلات تتحول من أداة تعطيل وإهانة وتحرش، إلى وسيلة تنقل منضبطة ومريحة وآمنة. توصل فى موعد محدد: كل عشر دقايق مثلا. لازم يكون فيها مكان للجلوس أو الوقوف المريح. لازم تكون مؤمنة وتخلو من التحرش. لازم توصل مختلف أنحاء العاصمة. طيب هل المواصلات هى مفتاح الحل لوحدها؟ لأ مش لوحدها. فى دور للدولة لتقديم حلول مبتكرة هنتكلم عليها.. وما زال للحديث بقية عن دور رجل المرور الحاضر الغائب فى دهاليز القاهرة الكبرى.