بينما كانت أنظار أهالى قرية «العور» بمحافظة المنيا تترقب وصول رفات 20 مسيحياً من أبناء القرية، قتلتهم يد الإرهاب الغادر أثناء سعيهم وراء «لقمة العيش» فى ليبيا، قبل 3 سنوات، وفى الوقت الذى انطلق آذان الفجر من المآذن دقت أجراس الكنيسة دون توقف، ووقتها أيقن الجميع أن «الشهداء» وصلوا إلى موطنهم الأصلى، أصوات «الزغاريد» علت تعبيراً عن فرحة الأهالى بعودة جثامين أبنائهم، بينما انخرط آخرون من آباء وأمهات وأقارب «الشهداء» فى نوبات صراخ وعويل، تتخللها عبارات «وحشتونا يا أبطال»، حينما تذكروا اللحظات الأخيرة لأبنائهم، التى قضوها معهم قبل سفرهم. الكنيسة تشكر «السيسى».. و«تواضروس»: أرادوا تغييب وحدة المصريين ليسقطوا فى الصراعات ولكن المجتمع ازداد وحدة وازداد الأقباط شجاعة وما إن دخل النعش الأول إلى كنيسة «شهداء الإيمان والوطن»، التى أمر الرئيس عبدالفتاح السيسى بإنشائها تخليداً لذكراهم، إلا وسقطت بعض النساء على الأرض مغشياً عليهن من هول الموقف، حينما شاهدن ما تبقى من أجساد أبنائهن داخل النعوش، محمولة على الأكتاف، يتقدمها عدد من الأطفال حاملين صلباناً خشبية، ووقفوا فى صفوف منتظمة، لاستقبال رفاتهم، قبل أن تتوافد أعداد كبيرة من نساء القرى والعزب المجاورة، للمشاركة فى مراسم استقبال رفات «شهداء» قرية «العور». وشارك المئات فى صلوات «تمجيدات تسابيح»، داخل المزار المخصص لوضع رفات الشهداء بداخله، استمرت حتى الساعة السادسة من صباح اليوم، بينهم عدد كبير من الشباب والسيدات، وأيضاً أطفال وأسر الشهداء، ولم تتوقف أجراس الكنيسة طوال إقامة الصلوات، التى حرص العديد من القساوسة على المشاركة فيها، واستمرت لما يقرب من ساعتين كاملتين. وأرسل عدد من أسر الشهداء طلباً إلى «الأنبا بفنوتيوس»، مطران مركز سمالوط بمحافظة المنيا، وجهوا من خلاله الشكر لاهتمامه برفات «شهداء الإيمان»، وعمل مزار لهم داخل الكنيسة، التى تم بناؤها عقب استشهادهم، وناشد الأهالى المطران وضع رفات جميع الشهداء داخل المقصورة، التى أعدت لهذا الغرض، وعدم السماح للآباء الكهنة، داخل وخارج المطرانية، بأخذ جزء من الرفات، لأن أصحابها استشهدوا معاً، ويجب أن يظلوا داخل مكان ومزار واحد فى الكنيسة التى تحمل أسماءهم، وتخلد ذكراهم بقرية «العور»، مسقط رأس 13 من الشهداء. وضمّت قائمة «الشهداء»، الذين تم تعليق لافتات لهم داخل وخارج الكنيسة، كلاً من: «لوقا نجاتى ونيس»، 24 سنة، و«ملاك إبراهيم سنويت»، 29 سنة، و«مينا فايز عزيز»، 23 سنة، و«ملاك فرج إبرام»، 23 سنة، و«ماجد سليمان شحاتة»، 40 سنة، و«عصام بدار سمير»، 32 سنة، و«كيرلس شكرى فوزى»، 23 سنة، و«أبانوب عياد عطية»، 22 سنة، و«ميلاد صبحى مكين»، 24 سنة، و«عزت بشرى نصيف»، 27 سنة، و«سامح صلاح فاروق»، 25 سنة، و«يوسف شكرى يونان»، 24 سنة، و«جرجس سمير مجلى»، 26 سنة، و«بيشوى إسطفانيوس كامل»، 24 سنة، و«صموئيل إسطفانيوس كامل»، 22 سنة، و«جابر منير عدلى»، 29 سنة، و«تواضروس يوسف تواضروس»، 34 سنة، و«صموئيل ألهم ويلسن»، 35 سنة، و«جرجس ميلاد سنويت»، 22 سنة، و«بيشوى عادل طلعت»، 31 سنة. مناشدات لمطران سمالوط بعدم نقل الرفات خارج كنيسة «الإيمان والوطن».. ومطران و4 أساقفة يترأسون صلوات التجنيز التى استمرت ساعتين وحرص عدد من القساوسة والكهنة على الوجود أثناء وصول الرفات، واحتشد أسر الشهداء حول سيارات الإسعاف التى تقلهم، فى الوقت الذى توافد مئات الأهالى من كل أرجاء المركز، لمتابعة وصول الشهداء إلى مثواهم الأخير، داخل مزار خاص بالكنيسة، ولم تمر دقائق معدودة إلا وتوافد المئات من أهالى قرى «العور، والجبالى، وسمسون، ومنقريوس، والسوبى»، على كنيسة «شهداء الإيمان والوطن»، وافترشوا أرضيتها يتابعون نعوش الشهداء واحداً تلو الآخر أثناء دخولها إلى ساحة الكنيسة. وشهد محيط الكنيسة إجراءات أمنية مشددة، حرص مدير أمن المنيا، اللواء ممدوح عبدالمنصف، ومساعد وزير الداخلية لمنطقة شمال الصعيد، اللواء محمد الخليصى، على متابعتها لحظة بلحظة، داخل وخارج الكنيسة، بحضور عدد من القيادات الأمنية، كما التقى عدداً من القساوسة ومسئولى الكنيسة، للاطمئنان على سير إجراءات نقل رفات الشهداء، وإيداعها المزار الخاص المعد لها، بعد وصولهم من ليبيا، كما تم وضع المتاريس والصدادات الأمنية فى مدخل الكنيسة، بالإضافة إلى توسيع دائرة الاشتباه، وتفتيش حقائب جميع المشاركين فى أداء الصلوات، ومنع توقف أى سيارة بالقرب من الكنيسة. وترأس مطران سمالوط و4 أساقفة بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، اليوم، صلوات التجنيز على رفات الشهداء الأقباط ال20 الذين تم ذبحهم على يد تنظيم داعش الإرهابى فى 2015، وذلك عقب القداس الإلهى الذى أقيم بكنيسة «شهداء الإيمان والوطن»، بقرية العور فى مركز سمالوط بمحافظة المنيا، مسقط رأس معظم الضحايا. أصوات المآذن تختلط بأجراس الكنائس فى جنازات الأقباط ضحايا الإرهاب وألقى الأنبا أرميا، كلمة خلال القداس الإلهى، قدم خلالها الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسى، والقوات المسلحة، وقيادات الدولة والسلطات الليبية على جهودهم فى إعادة رفات الشهداء إلى مصر، كما قدم الشكر للشرطة على تأمين الصلوات ونقل الرفات وكذلك هيئة الإسعاف التى نقلت الرفات من مطار القاهرة إلى المنيا. وكانت النعوش التى تحوى رفات الشهداء ال20 وصلت مطار القاهرة مساء أمس وكان فى استقبالهم البابا حيث أقيمت الصلوات وسط ألحان الفرح ثم حملتهم سيارات الإسعاف إلى مسقط رأسهم بقرية العور حيث الكنيسة التى بنيت على اسمهم بقرار جمهورى من الرئيس عبدالفتاح السيسى. وأصدر البابا بياناً باسمه وباسم المجمع المقدس للكنيسة، قدم فيه الشكر للرئيس السيسى ولأجهزة الدولة وكذلك للسلطات الليبية على جهودهم المخلصة فى العثور على رفات الشهداء وإعادتها إلى وطنها. وقال البابا فى كلمته خلال تجنيز الشهداء: «نحن نعلم دائماً أن عصور الشهداء هى عصور زاهية وعصور مقوية، والله رأى فى قلوبهم نقاوة، فأعطاهم إكليل الإيمان والشهادة، حيث حمل الشهداء إكليلين، إكليل الوطن، وإكليل الإيمان». وأضاف البابا: «فى لحظات الوداع، نتذكر أن الموت أولاً هو انتقاء، وما أشهى أن ينتقل الإنسان، وعلى فمه وفى لسانه اسم الله، ونحن أمام الموت لا نملك إلا ثلاثاً، أن نؤمن أن نرضى وأن نشكر»، وتابع: «أرادوا تغييب وحدة المصريين ليسقطوا فى صراعات وحروب ونزاعات طائفية، أما شعب مصر العظيم، فقد ازداد وحدة وتلاحماً وازداد الأقباط شجاعة وإقداماً».