الريس «مرسى» أصدر قراراً بالعفو عن 26 من أفراد التيارات الإسلامية، من المحكوم عليهم فى قضايا مختلفة، من بينهم ثمانية من أفراد «الجماعة» المدانين فى قضية «التنظيم الدولى للإخوان»، بالإضافة إلى 18 من قيادات تنظيم الجهاد والجماعة الإسلامية، وبسرعة بالغة غادر المساجين السجون وعادوا إلى بيوتهم. فالعفو من شيم الكرام، والرئيس رجل كريم يعفو عند المقدرة. وكرم «الريس» بلا حدود، ومؤكد أن دائرة عفوه تتسع لكل الأحباب، وكل ما أخشاه أن تتسع أكثر وأكثر لتشمل من يصنفون فى خانة الأعداء، لنفاجأ -خلال الأيام القادمة- بصدور قرار بالعفو عن «المخلوع» ورجاله المتهمين فى قضية قتل المتظاهرين!، وقد يتم أيضاً التصالح مع اللصوص المتهمين بنهب مال هذا الشعب، بما فيهم أنجال «المخلوع». ووقتها سوف يخرج علينا الرئيس وإخوانه متحدثين عن هدى النبى صلى الله عليه وسلم فى العفو عن أهل مكة من الكفار، حين قدر عليهم، وعاد إليهم بما لا قبل لهم به، فلم يعمل فيهم السيف، بل قال لهم: اذهبوا فأنتم الطلقاء. سوف يذكرنا الإخوان أيضاً بالحديث النبوى الذى يقول «ارحموا عزيز قوم ذل». ومبارك كان «عزيز» مصر حتى أذلته الثورة. وللإنصاف فإن مرسى لن يكون أول رئيس يفعل ذلك، فقد سبقه إليها السادات، ففى نهاية السبعينات، وبالتحديد عام 1979، قامت الثورة الإسلامية فى إيران -بقيادة آية الله الخمينى- وهرب الشاه «محمد رضا بهلوى» من بلده، ولم يجد دولة تؤويه -بعد أن تخلت عنه الولاياتالمتحدةالأمريكية- سوى مصر برئاسة السادات. فقد فتح له ذراعيه ومنحه حق اللجوء السياسى لمصر، ليعيش فيها عدة شهور حتى لقى وجه ربه ودفن فى ترابها، وقتها ثارت ثائرة الإسلاميين، وعلى رأسهم الإخوان المسلمون، وفتحوا نيران هجومهم على السادات وسلقوه بألسنة حداد، وخرج الرئيس حينها يذكر لهم الأيادى البيضاء للشاه على مصر خلال حرب أكتوبر 1973، ويذكرهم بحديث النبى صلى الله عليه وسلم: «ارحموا عزيز قوم ذل»!. إذن أمر العفو عن مبارك وارد، والتبريرات جاهزة، فمهما كانت شدة عداوة «المخلوع» لجماعة الإخوان، فلن تكون أشد من عداوة أبى سفيان بن حرب للرسول، حيث تآمر على طرده من مكة، وقاد الحروب ضده، ومع ذلك عفا عنه صلى الله عليه وسلم عندما أصبح بين يديه. فالإخوان يتمتعون بقدر كبير من المرونة التى تصل فى أحيان إلى درجة «الطراوة»!، وإذا كان «مرسى» قد وعد بالأمس بالبحث عن أدلة جديدة لإعادة محاكمة المخلوع ثم تناسى الأمر، فقد يخرج علينا فى الغد معلناً العفو عنه تحت شعار: «العفو عند المقدرة.. أحسن كتير من البهدلة»!