سواء اختلفت أو اتفقت معه، تحبه أو تكرهه؟، أهلاوى أو زملكاوى أو تشجع فريقاً آخر؟، فمحمد أبوتريكة أثبت أن الأخلاق والمبادئ لا تتجزأ بعد قيامه بتقديم واجب العزاء فى فقيد «وايت نايتس» عمرو حسين، فاللاعب توجه لتقديم واجب العزاء متجاهلاً كافة سهام النقد التى وجهت له بعدها، سواء من هجوم إدارة أو من إعلاميين ولاعبين زملاء له وصفوه بأنه «ميّاس» ويتلون لكسب تعاطف الجماهير. وعلى خلاف كل ما قيل أرى أن أبوتريكة لم يتلون، وإنما واصل مسلسل مواقفه المشرفة التى تحدى بها الجميع متحملاً كافة العواقب، فأبوتريكة رفع عام 2008 قميصه معلناً عن شعار «تعاطفاً مع غزة» وتحدى لوائح الاتحادين الدولى والأفريقى تنديداً بالهجوم الإسرائيلى على غزة، وتعاطف معه العالم أجمع وأصبحت تلك الصورة أيقونة له. وبعدها كان أبوتريكة هو اللاعب الوحيد من نجوم منتخب مصر الذين طالما هتفت لهم الجماهير ونزل إلى ميدان التحرير للتضامن مع المطالب الشعبية بإسقاط النظام فى ثورة يناير 2011، وأبى أن يشارك فى أى مظاهرة أخرى على الرغم من انتمائه المعروف لكيان الإخوان المسلمين، الذى أرفض حتى وصفه بالجماعة. كما تمسك أبوتريكة بموقفه وتحمل عقوبات الأهلى عندما رفض المشاركة فى مباراة السوبر المصرى أمام إنبى انصياعاً لرغبة الجماهير التى تهتف باسمه اعتراضاً على عدم القصاص لشهداء بورسعيد، وأعلى شعار أن الجماهير هى من تصنع النجومية وليس الأندية، وحتى عندما ذهب إلى الإمارات ارتدى القميص رقم 72 تكريماً للألتراس. ووقف أبوتريكة صامداً أمام حملات الهجوم عليه فى أعقاب سقوط نظام الإخوان المسلمين، ولم يكن خائناً أو رفض اللعب لمنتخب مصر، ولم يذهب إلى رابعة العدوية، ولم يقل مثل آخرين إن مباراة لعبها فى الشارع هناك أهم مما لعبه لمنتخب مصر، وأقصد هنا سمير صبرى الذى لم يتخط تاريخه اللعب لمنتخب الكرة الخماسية. وبعد كل هذا يقال على أبوتريكة إنه «ميّاس» أو منافق ويسعى إلى كسب تعاطف الجماهير، ولكن من يقول ذلك يتجاهل القيم التى يعليها أبوتريكة ويزرعها فى عقول أطفال يشاهدون تلك المواقف ويرونها بعين بريئة، بدون اتهام أنه منافق، ولا يفهمون من الأساس معنى كلمة «ميّاس» التى يرددها إعلاميون ولاعبون للتشويش أو لغيرتهم من زيادة شعبية أبوتريكة. كفانا حملات التشكيك والتشويه للرموز، فأبوتريكة عندما وجد أن اتخاذه اتجاهاً سياسياً معيناً فى فترة ما سيسبب أزمة، خرج وصرح لقناة النادى الأهلى مع الزميل إيهاب الخطيب بأنه لن يتحدث فى السياسة مجدداً لأنه لا يفهم فيها، فهو لاعب كرة، وبالتالى لا يجب أن نأخذ منه موقفاً سلبياً، خصوصاً أن مصر مقبلة على مرحلة تاريخية للتأهل إلى نهائيات كأس العالم 2014 عندما نواجه غانا. لم أكن يوماً أحب أبوتريكة ولا من مجاذيبه، ولكن مواقفه تجبر أى شخص على احترامه، خصوصاً أن ما فى قلبه -سواء كان متمسكاً بمبادئه أو منافق- فهذا سيحاسبه عليه الله، أما موقفه الحالى ومواقفه السابقة يجب أن نستفيد منها ونعلى شأنها؛ لتكون قدوة لأطفال صغار يعتبرونه نجماً ويقتدون به، وفقاً لمبدأ «اللى ييجى منه أحسن منه».