نشرت «الوطن» فى 10 سبتمبر الجارى الوثائق والخرائط المتعلقة «بمشروع تبادل الأراضى الإقليمية» الذى تبنته الولاياتالمتحدة وإسرائيل لإقامة «دولة غزة» فى سيناء، والذى وافقت عليه جماعة الإخوان، ومنذ ذلك التاريخ وردود الفعل والتعقيبات تتوالى من مختلف الأطراف المعنية، إلا أنه من الملفت أنه لم يصدر أى نفى لصحة تلك الوثائق من أى جهة رسمية حتى الآن، كما لا نتوقع أن يصدر مثل هذا النفى نظراً لتناسق المشروع مع الخطوط العريضة الرئيسية لكافة مشاريع التسوية التى طرحت من قبل، فضلاً عن تمشى كافة الإجراءات والسياسات التى قام بها الإخوان خلال العام الذى حكموا فيه البلاد، مع ما يتطلبه تنفيذ المشروع من إجراءات تمهيدية، وقبل أن نتعرض لتحليل أبعاد ودلالات ونتائج كشف «الوطن» لتفاصيل تلك الخطة، فسوف نعيد قراءتها بصورة ملخصة وبسيطة. *** طرح المشروع البروفيسور «يهوشع بن آريه»، الرئيس السابق للجامعة العبرية، بهدف حل قضية الشرق الأوسط، وقد عرضته الولاياتالمتحدة على تركيا وقطر، بعد أن وافق عليه الإخوان قبل وصولهم للحكم، فكانت مكافأتهم تسهيل ودعم وصولهم للسلطة فى مصر ودول أخرى، حتى يتمكنوا من تنفيذ تعهداتهم بشأن المشروع. يرتكز المشروع على صيغة الدولتين على أن يكون الخط الأخضر المحدد من عام 1949 إلى عام 1967 بمثابة أساس للحدود بين الدولتين، لكن ضعف اقتصاد الدولة الفلسطينية وما تعانيه من انفجار ديموجرافى فى غزة لا يسمح لها بالحياة على المدى الطويل، مما يفرض تبادل الأراضى بين إسرائيل ومصر، ولذلك يرتكز المشروع على خمسة مقومات أساسية: 1- ضرورة ضم أراضٍ مصرية إلى الضفة وغزة بما يسمح بقيام دولة فلسطينية كاملة السيادة. 2- أن مساهمة مصر فى حل الأزمة على هذا النحو ينطلق من مسئوليتها عن نزوح اللاجئين لقطاع غزة خلال حرب 48، ومسئوليتها عن إدارة القطاع نفسه لمدة 19 عاماً. 3- أن مساهمة المجتمع الدولى (أمريكا - أوروبا) فى حل المشكلة الفلسطينية ضرورة للتخلص مما تمثله من تهديد لمصالحه فى المنطقة. 4- أن مصلحة إسرائيل إيجاد حل لقطاع غزة لأنه يمثل قنبلة موقوتة وتهديداً لأمنها. 5- أما فى حالة حصول الفلسطينيين على حدود ما قبل 67 التى لا توفر السيادة الكاملة، فإن إسرائيل لن تكون ملزمة بتوفير طريق رابط بين الضفة وغزة ولا باستيراد عمالة فلسطينية!! وحدد الملخص التنفيذى للمشروع مرحلتين للتنفيذ: الأولى: تبادل الأراضى بين الفلسطينيين والإسرائيليين.. حيث يحصل الفلسطينيون على مساحة تقدر بنحو 100 كيلومتر جنوب غربى صحراء النقب مع ممر يربط بين مصر والأردن، مقابل حصول إسرائيل على منطقة مماثلة من أراضى الضفة الغربية. الثانية: ضم مساحة من شمال سيناء إلى فلسطين تمتد من حدود غزة مع مصر إلى مدينة العريش، مقابل حصول مصر على مساحة مقابلة فى جنوب غربى صحراء النقب وممر برى يربط مصر مع الأردن. ووضع المخطط 6 خطوات لتنفيذ المشروع هى: 1- تتنازل إسرائيل عن مساحة 200-500 كيلومتر مربع لمصر جنوب صحراء النقب المتاخمة لمنطقة «فاران ناحال» فى سيناء الواقعة مقابل «الكونتيلة»، على أن تخضع للترتيبات الأمنية المطبقة فى سيناء طبقاً لاتفاقية السلام. 2- تتنازل إسرائيل لمصر عن ممر من أقصى المنطقة التى سيتم ضمها إلى سيناء من جهة حدود الأردن بما يسمح بإقامة طريق سريع متعدد للسيارات والسكك الحديدية وخطوط أنابيب بترول ومياه. 3- تتنازل مصر فى المقابل عن مساحة للفلسطينيين تعادل ضعف المساحة التى تنازلت عنها إسرائيل (من 500 إلى 1000 كيلومتر مربع) وتقع تلك المنطقة جنوب مدينة رفح فى قطاع غزة على طول الحدود بحوالى 20-30 كم وعلى الساحل من الحدود المصرية - الإسرائيلية الحالية تجاه مدينة العريش وتمتد إلى داخل سيناء. 4- يتنازل الفلسطينيون -مقابل المنطقة التى سيحصلون عليها من مصر- عن مساحة مماثلة لإسرائيل فيما وراء الخط الذى تحدده اتفاقية الهدنة التى وُقعت بين إسرائيل والأردن 1949 وهو فى الواقع حدود 4 يونيو 1967. 5- تحدد الخرائط التفصيلية التى تشكل جزءا من هذا الاتفاق الآتى (حجم وحدود المنطقة الإسرائيلية التى سيتم التنازل عنها لمصر فى النقب والطريق السريع والممر بين مصر والأردن -ترسيم حجم وحدود المنطقة التى ستتنازل عنها مصر للفلسطينيينجنوب قطاع غزة - مساحة الأراضى التى سيتم ضمها لإسرائيل فى الضفة الغربية وما وراء خطوط 4 يونيو 1967). 6- وكنتيجة طبيعية يتم ترسيم الحدود الدائمة بين إسرائيل والفلسطينيين، شاملة ما يتم إقراره بشأن مدينة القدس وضواحيها، وذلك كجزء من خطوات إضافية يتم الاتفاق عليها مسبقاً قبل التوقيع على اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين. 7- حدد الملخص التنفيذى الشكل النهائى لخريطة المنطقة من حيث المنافع (إنشاء شبكة طرق تخدم التجارة البينية - توصيل المياه والغاز والبترول - إنشاء مطار دولى فى غزة بعد توسعتها وميناء بحرى فى مصر وآخر فى الأراضى الفلسطينية - دعم التجارة العربية البينية). الفوائد المتبادلة لمختلف أطراف المشروع إسرائيل: ضم أراضٍ تعادل 40 - 60% من مساحة الضفة الغربية يقطنها 196 ألف مستوطن إسرائيلى مع الحصول على الشرعية الدولية لها، مقابل التنازل عن منطقة غير مأهولة بالسكان، وإيجاد حل نهائى للمشكلة الفلسطينية يسمح بالتطبيع مع العالم العربى والإسلامى. مصر: التنازل عن أراضٍ غير مأهولة مقابل أراضٍ لها أهمية استراتيجية!! (وهذا غير حقيقى لأن مصر ستحصل على مناطق صحراوية داخلية مقابل مناطق ساحلية) - ممر برى إلى الأردن - طريق أسهل للحجيج إلى مكة - مد خط أنابيب نفط - تنشيط التجارة - توفير التمويل الدولى للاقتصاد المصرى - تسريع وتيرة مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية - الحفاظ على المساعدات العسكرية الأمريكية وتبنى خطة «مارشال» دولية للتنمية الاقتصادية فى قناة السويس «ضخ استثمارات بقيمة 150 مليار دولار» - حل الضغوط الاقتصادية والديموجرافية فى قطاع غزة بما يقلل من الضغوط الداخلية على الحكومة المصرية فيما يتعلق بحدودها مع القطاع. فلسطين: ضم أراضٍ ذات أهمية استراتيجية ومنطقة ساحلية مقابل التنازل عن أراضٍ ذات كثافة سكانية إسرائيلية عالية - تخفيف الضغط السكانى عن غزة - بناء ميناء فى عمق البحر - تنشيط الصادرات والواردات وإقامة خط أنابيب النفط ومحطات كهرباء وتحلية المياه ومطار دولى وعدد من المدن الجديدة - تنشيط السياحة وصيد الأسماك - الحصول على أراضٍ تعادل 100% من مساحة الضفة وغزة قبل عام 1967- سيصبح قطاع غزة مناسباً لتحقيق تنمية طويلة الأمد علاوة على مكاسب اقتصادية. الأردن: مكاسب ديموجرافية لأن استقرار غزة يحد من تدفق السكان على الأردن - الحصول على مخرج إلى البحر الأبيض المتوسط - الاستفادة من زيادة حركة التجارة والدخول والخروج عبر حدوده. *** أولاً: كانت فكرة تسوية المشكلة الفلسطينية على حساب سيناء -وستظل- حجر الزاوية فى كل المشاريع التى تم طرحها منذ إنشاء الدولة الفلسطينية حى الآن (مشروع وكالة غوث اللاجئين 1954 - مشروع وزير الخارجية الأمريكى جون فوستر دالاس 1955 - مشروع وزير الخارجية الإسرائيلى، إيجال آلون 1967 - مشروع رئيسة الوزراء الإسرائيلية، جولدا مائير 1971 - مشروع جاى نجور، رئيس قسم دراسات الأمن القومى بمركز هرتزليا 2006 - مشروع غزة الكبرى ل«جيورا إيلاند»، رئيس مجلس الأمن القومى السابق فى إسرائيل 2008) وبالتالى فإن قضية التنمية، وتوفير فرص عمل تسمح بتوطين مليون مواطن بمنطقة شمال شرق سيناء على نحو عاجل تعتبر مسألة أمن قومى تحظى بأولوية أولى عن كل ما عداها، ويتزامن ذلك مع اعتماد الحكومة مؤخراً لمبلغ 188٫5 مليون جنيه فى إطار الخطة الشاملة لتنمية سيناء لتوفير الاحتياجات العاجلة لمحافظتى شمال وجنوبسيناء (100 مليون للشمال والباقى للجنوب) وهو اعتماد بالغ التواضع قد يكفى بالكاد لتدعيم بعض المرافق والخدمات العاجلة، إلا أن ذلك أبعد ما يكون عن مواكبة احتياجات المنطقة التى ينبغى أن تتحول تنميتها إلى مشروع قومى ضخم يحظى بالأولوية. ثانياً: أن مشرع تبادل الأراضى سبق عرضه على مبارك عام 2006 -بعد أن بلورت الولاياتالمتحدة تصورها للشرق الأوسط الجديد- إلا أن مبارك رفضه تماماً، ثم أعيد عرضه مرة أخرى عام 2010 بعد خطاب الرئيس أوباما الشهير بجامعة القاهرة والذى دعا فيه إلى («تنازلات مؤلمة» من أجل السلام فى الشرق الأوسط)، وكانت ملامح القلق المصرى من تأثير إنشاء إثيوبيا لسد النهضة على حصتها من مياه النيل قد بدأت فى الظهور، إلى حد تهديد مبارك بضرب السد، والغريب أن يضاف للمشروع تعهد بإقامة واحدة من أكبر محطات تحلية المياه فى العالم بمدينة الشيخ زويد، بتمويل من البنك الدولى، بقدرة إنتاجية تفوق النقص فى مياه النيل، بما يسمح لمصر ببيع الزائد منها، وذلك بخلاف دعم اقتصادى إضافى لمصر فى حدود 12 مليار دولار، إلا أن نظام مبارك قد تمسك برفضه، ليتضح أن مشروع سد النهضة الإثيوبى كان واحدة من الأدوات التى تخدم الترتيبات الإقليمية لإنجاح مشروع الشرق الأوسط الجديد -الذى قبله الإخوان- وهو ما يفسر رخاوة وهزلية رد فعل مرسى تجاه هذا المشروع، إلى حد التواطؤ، رغم خطورته البالغة على أمن مصر المائى. ثالثاً: وافق الإخوان على هذه الخطة خلال لقاءاتهم مع الأمريكان فى بروكسل قبل سقوط مبارك، وقد شارك فى هذه الاجتماعات كل من محمد مرسى بحكم مسئوليته عن الاتصالات الخارجية للجماعة، وأحمد عبدالعاطى بحكم ارتباطاته التقليدية بالمخابرات الأمريكية من خلال مكتبها فى تركيا، أما بعد نجاح الثورة، فقد تمت تلك الاتصالات فى واشنطن بمعرفة كل من عصام الحداد وعصام العريان، وتلك المرحلة من الاتصالات رصدتها السفارة المصرية فى واشنطن، لكنها لم تتمكن من معرفة الهدف منها أو تفاصيل ما جرى، لأن ترتيب هذه المقابلات قد تم بمعرفة ممثلى الإخوان فى الولاياتالمتحدة متجاوزين السفارة تماماً، وبعد وصول مرسى للرئاسة، تم توسيع تلك الاتصالات بمشاركة ممثلين للمخابرات الإسرائيلية بهدف الانتقال إلى مرحلة تفعيل إجراءات تنفيذ المشروع. رابعاً: وإذا كان مبدأ الإنكار والتقية هو السائد فى سلوكيات الإخوان تجاه ما يتورطون فيه من أمور تثير الجدل، فإن التنصل من مسئوليتهم تجاه الموافقة على هذا المشروع تعتبر مستحيلة نظراً لوجود العديد من القرائن المؤكدة لتورطهم الكامل فى الموافقة عليه والشروع فى تنفيذه: 1- خطاب الرئيس المعزول إلى الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز فى يوليو 2012 والذى حمل من الود ما يفوق علاقات التحالف بين طرفين. 2- ضمان مرسى لاتفاق حماس مع إسرائيل فى نوفمبر 2012 على إنهاء كافة الأنشطة المعادية لإسرائيل. 3- تصريحات عصام العريان فى يناير 2013 الخاصة بحق اليهود فى العودة لمصر والتعويض عن ممتلكاتهم. 4- إصرار الإخوان -رغم المعارضة الواسعة، خاصة من جانب القضاة- على أن تسمح صياغة الفقرة الثانية من المادة 145 من دستور 2012 بتنازل رئيس الجمهورية عن أراضٍ وطنية «وتجب موافقة المجلسين بأغلبية ثلثى أعضائهما على معاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التى تتعلق بحقوق السيادة»، ولعل ذلك يفسر استماتة الإخوان على استمرار مجلسى الشعب والشورى اللذين يتمتعون فيهما بالأغلبية اللازمة، والذين أدركوا عن يقين أن تلك الأغلبية غير قابلة للتكرار فى أى انتخابات تالية. 5- قيام الرئيس المعزول بمنح الجنسية المصرية لحوالى 50 ألف فلسطينى، مع السماح بالدخول والإقامة لكافة الفلسطينيين بمن فى ذلك المدرجون على قوائم الممنوعين. 6- تقدم «حماس» بمشروع إقامة منطقة تجارية حرة فى رفح 2012 والذى أعقبه تقدم شركة بريطانية بطلب لمحافظ شمال سيناء لإنشاء مدينة تتسع لمليون نسمة، رغم أن عدد سكان سيناء 300 ألف فقط، وهو ما استنكره الرأى العام ورفضته القوات المسلحة. خامساً: ومما يؤكد صحة الوثائق والخرائط وترتيبات التنفيذ من الجانب الأمريكى، أنه فى يناير 2008، ومع تولى هيلارى كلينتون وزارة الخارجية، أصبحت هوما عابدين مساعدة لوزيرة الخارجية الأمريكية -وهى المعروفة بعلاقات والديها وشقيقها الوثيقة مع الإخوان- كما كانت تتمتع بوضع خاص فى البيت الأبيض الذى كانت تشغل فيه منصب نائب رئيس الموظفين لوزيرة الخارجية، فضلاً عن اتصالاتها الوثيقة مع مجلس الشيوخ، فإذا أضفنا إلى ذلك تعيين داليا مجاهد عام 2009 كأول مستشارة مسلمة ومحجبة فى البيت الأبيض لأدركنا مدى استعداد الرئاسة الأمريكية ووزارة خارجيتها للتعامل مع الإخوان باعتبارهم أدوات المرحلة الجديدة فى إقامة «الشرق الأوسط الجديد»، خاصة أن كافة التعاملات الأمريكية معهم من قبل كانت تتم من خلال وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، والغريب أن الأمريكيين كانوا يعلمون أن توجه سياستهم نحو الإخوان لن تستمر طويلاً، لتقديرهم بأنهم لن يتمكنوا من الاستمرار فى حكم البلاد وسيفشلون سريعاً، الأمر الذى يفسر مشاركة أمريكا فى الضغط على المؤسسة العسكرية المصرية لتحييد دورها فى مواجهة الإخوان، فضلاً عن تشجيعهم للإخوان للإسراع فى تنفيذ مخططات التمكين، والتعجيل بإجراء التغييرات الكفيلة بما تم الاتفاق عليه معهم بشأن ترتيبات الشرق الأوسط الجديد، وهى العملية التى أدت إلى استنفار وسخط شعبى واسع ضد الإخوان، وأدت فى النهاية إلى الإطاحة بهم قبل أن يتمكنوا من تمرير المخطط الأمريكى. سادساً: وقد أدى تعجل الإخوان -تحت ضغط الإلحاح الأمريكى الإسرائيلى الحمساوى- فى تنفيذ هذا المخطط، إلى ارتكاب أخطاء استراتيجية أفقدت الرئيس مرسى وبسرعة ولاء القوات المسلحة والمخابرات، وكان أبرز هذه الأخطاء ما يلى: * وعد السودان بالنظر فى التنازل عن حلايب وشلاتين، وسرعة الترويج لخرائط نزعت فيها المنطقة من داخل الحدود المصرية لتضاف على نحو استفزازى إلى داخل الحدود السودانية. * سرعة تمرير قانون الصكوك -رغم رفض الأزهر له- حتى يتسنى الإعلان عن مشروع «إقليم قناة السويس» الذى كانت نصوصه المعلنة تعنى فصله تماماً عن أرض وسلطة الدولة، وتحوله إلى منطقة عازلة تفصل بين سيناء والوادى بما ييسر عملية نزعها من الوطن. * تشجيع الإرهابيين المصريين بالخارج على العودة للبلاد مرة أخرى، والسماح بدخول العناصر المتطرفة من مختلف الجنسيات، بمن فى ذلك المدرجون على القوائم الذين ينتمى معظمهم إلى «القاعدة»، والإفراج عن العشرات من العناصر الإرهابية الخطيرة المتورطة فى عمليات قتل، وكذا أعداد من المهربين وتجار المخدرات الذين اتجهوا لتعزيز وضعية الجماعات الإرهابية فى سيناء، التى تحولت تدريجياً إلى مركز تجمع وتدريب لقرابة (30) من التنظيمات الإرهابية والتكفيرية، كما كرس الإخوان جهودهم لتيسير وصول كميات ضخمة من الأسلحة الثقيلة والصواريخ المهربة لسيناء تعزيزاً لقوة هذه الجماعات. ومع تلمس الجيش لخطورة تلك الظاهرة التى عرضت 16 من رجاله فى أغسطس 2012 للشهادة، حاول شن حملة تطهير لسيناء «العملية نسر» إلا أن مرسى أمر بوقفها، كما وجه بعدم هدم الأنفاق!! * تهميش دور المؤسسات التى تدير سياسة مصر الخارجية، وعلى رأسها وزارة الخارجية والمخابرات العامة، وتفويض الدكتور عصام الحداد فى تلك المهمة، لأنه من المشاركين فى الاتفاقات السرية مع الولاياتالمتحدة، ولذلك فإنه خلال عام واحد هدم الإخوان الأسس التى تقوم عليها سياسة مصر الخارجية وأمنها القومى منذ عشرات السنين (تبنى دعوة الجهاد ضد سوريا رغم أن أمن مصر تاريخياً يبدأ من هناك -محاولة قلب نظم الحكم فى الإمارات والكويت بتنشيط الخلايا النائمة التابعة للتنظيم الدولى للإخوان- الحرص على البعد الطائفى فى سياسة مصر تجاه المنطقة العربية.. فالعلاقات المصرية السعودية تنطلق من انتماء مشترك للمذهب السنى.. والعداء لسوريا وحزب الله ينطلق من موقف مضاد للشيعة، دون مراعاة أن هذا المنظور هو الركيزة الأساسية التى يتم على أساسها إشعال الصراعات بين أبناء الوطن الواحد لاستكمال مخطط تقسيم المنطقة - وأخيراً إهمال البعد الأفريقى فى سياسة مصر الخارجية). *** سقوط مشروع التسوية النهائية للصراع الإسرائيلى الفلسطينى على حساب مصر -والذى وافق عليه الإخوان- كان المبرر الحقيقى لموقف الولاياتالمتحدة الرافض لثورة الشعب ضد الإخوان فى 30 يونيو الماضى، ورغم تمسك الرئاسة الأمريكية بالدفاع عن خياراتها السياسية، فإن مصر قادرة على التأثير فى هذا الموقف من خلال العمل على ثلاثة محاور رئيسية: (حملة إعلام وعلاقات عامة مدروسة جيداً - خطوات جادة لتعزيز علاقات التعاون الاستراتيجى مع روسيا والصين - فرض الاستقرار الدخلى والتخلص من حالة الرخاوة فى التعامل مع تظاهرات غير سلمية تجهر بأن هدفها إسقاط اقتصاد الدولة) لكن هذا موضوع آخر..