يحلو للبعض وصف الكوادر المنتمية إلى جماعة الإخوان ب«المغرر بهم»، أو «المضحوك عليهم» من قيادات الجماعة التى تتاجر عليهم باسم الدين، والدفاع عن الإسلام الذى يتآمر عليه العالم كله، من الصليبية الحاقدة إلى الصهيونية الجاحدة إلى الشيوعية الملحدة، وتؤكد لهم أن الله تعالى اصطفاهم من بين عباده ليجعل منهم جنداً للذود عن الإسلام، وأن انضمامهم للجماعة فيه سعادتهم فى الدنيا والآخرة، سعادة الدنيا سوف تتحقق لهم بالانتماء إلى الأسرة الإخوانية التى تعين أفرادها على الحياة، فتساعدهم على الحصول على وظيفة، وزوجة، وتعينهم على المعايش! وسعادة الآخرة تتأتى بدخول جنات النعيم! إنها كلمات تستطيع أن تسحر بسهولة من اكتوت نفسه بالفقر والعوز الذى يكسر النفس الإنسانية ويجعلها عجينة طيعة بين يدى من يريد أن يشكلها مقابل أن يشبعها! سواء كانت اليد التى تمتد إخوانية أو غير إخوانية. وما أبشع الفقر حين يقترن بإحساس بالظلم، وحديث الإخوان إلى فقراء المصريين عن تاريخهم فى «المظلومية» لا ينتهى! وما أكثر ما تختلط فيه الحقائق بالأساطير. ربما لاحظت ذلك وأنت تستمع إليهم وهم يتحدثون عن موكب شهدائهم، بداية من المستشار عبدالقادر عودة صاحب موسوعة «التشريع الجنائى فى الإسلام»، والشيخ محمد فرغلى حافظ القرآن ومفسر كتاب الله تعالى، ويوسف طلعت وغيرهم وغيرهم. كم من حكايات توضع أحياناً فى قالب الأساطير يسمعها من يدفعهم الفضول إلى الدخول فى الحلقات الإخوانية عن «سيد قطب» الذى أعدمه جمال عبدالناصر -كما يحكون- دون شفقة أو رحمة، رغم تجاوز الرجل الستين من عمره، وكان يعانى مرضاً صدرياً قاتلاً، وكان ضعيف البنية، أو على حد تعبير المرحوم الشيخ «كشك»: «لو وقع طائر على سيد قطب لهدّه»! سيد قطب الذى قتلته ثورة يوليو، فى حين كان يردد فى سجنه قوله تعالى «أتقتلون رجلاً أن يقول ربى الله»، ثم تعال اسمع الأساطير التالية: سيد قطب كان يواصل الليل بالنهار لكتابة تفسيره للقرآن الكريم المعنون ب«فى ظلال القرآن»، وكلما انتهى من مجموعة من الأوراق استولى عليها سجّانه وأشعل فيها النار كى يتدفأ عليها فى ليالى الشتاء الباردة، تتردد هذه الحكاية رغم أن كتاب الظلال بأجزائه الكاملة بين أيدى المصريين منذ عدة عقود! واسمع حكاية ثانية تقول إن «عبدالناصر» طلب من «سيد قطب» أن يوقع على طلب بتخفيف عقوبة الإعدام عنه، فرد «قطب» على من جاءه بذلك: إن أصبع السبابة الذى يشهد بالوحدانية لله فى كل صلاة يرفض أن يكتب كلمة خضوع للديكتاتور، رغم أنه من المعلوم أن شخصيات كبرى حاولت أن تتشفع لسيد قطب لدى جمال عبدالناصر، لكن «ناصر» أبى، ومن بين هذه الشخصيات الرئيس العراقى عبدالسلام عارف! إنه شعور «المظلومية» ذلك الكارت الرابح الذى تلعب به الإخوان على أعصاب «الفقراء» فيصبحون أكثر تقبلاً لبعض الحكاوى الإخوانية التى لا تقل طرافة عن قصص ألف ليلة وليلة!