مدبولي يتابع تنفيذ اشتراطات وضوابط الإعلانات على الطرق العامة والمحاور    النائب ميشيل الجمل: زيارة ملك إسبانيا تمثل دعما أوروبيا متجددا لجهود مصر في إحلال السلام    طيران الاحتلال يشن عدة غارات على مناطق شمال غرب مدينة غزة    بريطانيا تستقبل أول مجموعة من أطفال غزة لتلقي علاج تخصصي في مستشفياتها    احتجاجات واسعة في لندن ضد زيارة ترامب لبريطانيا    الإصابة تحرم ريال مدريد من ترينت أرنولد 8 أسابيع    تقارير: مورينيو يستعد للعودة إلى بنفيكا    مارتينيلي يكشف سر فوز أرسنال على بلباو    السكة الحديد: تسيير الرحلة ال 17 ضمن قطارات العودة الطوعية للأشقاء السودانيين إلى وطنهم    الصحة تُكمل المرحلة السادسة من تدريب العاملين على أجهزة إزالة الرجفان القلبي    محافظ بورسعيد يفتتح حضانة ومسجد ويتفقد مركز شباب مدينة سلام مصر    وزيرة التنمية المحلية تتابع جاهزية المحافظات لموسم الأمطار والسيول    أيمن عبدالعزيز يعلن تمسكه بعدم العمل في الأهلي.. وسيد عبدالحفيظ يرد    بابا الفاتيكان يندد بمعاناة الفلسطينيين «غير المقبولة» بغزة: لا يزال يعيش في الخوف ويكافح للبقاء    إصابة شاب بإصابات خطيرة بعد أن صدمه قطار في أسوان    «السياحة» تكشف حقيقة اختفاء وتحطم قطع أثرية بالمتحف اليوناني الروماني    حقيقة اختفاء 5 قطع أثرية من المتحف اليوناني في الإسكندرية    محافظ المنوفية يتابع أعمال تطوير نفق كوبري السمك بحي غرب شبين الكوم.. صور    فوائد السمسم، ملعقة واحدة لأبنائك صباحا تضمن لهم صحة جيدة    إحالة شكاوى مرضى في وحدة طب الأسرة بأسوان للتحقيق    مظاهرات في لندن ضد زيارة ترامب إلى بريطانيا    بعد نشر صورة مع جدها الفنان محمد رشدي.. من هي البلوجر فرح رشدي؟    مهرجان الجونة السينمائي يكشف عن برنامج مسابقة الأفلام القصيرة بالدورة الثامنة    خالد الجندى: الإنسان غير الملتزم بعبادات الله ليس له ولاء    حكم ما يسمى بزواج النفحة وهل يصح بشروطه المحددة؟.. الإفتاء توضح    قرار قضائي جديد بشأن طفل المرور في اتهامه بالاعتداء على طالب أمام مدرسة    80%ملكية أمريكية.. ملامح الاتفاق الجديد بين الولايات المتحدة والصين بشأن "تيك توك"    قناة السويس تشهد عبور السفينة السياحية العملاقة AROYA وعلى متنها 2300 سائح    البنك المركزي: القطاع الخاص يستحوذ على 43.3% من قروض البنوك بنهاية النصف الأول من 2025    عاجل- رئيس الوزراء: مصر ثابتة على مواقفها السياسية والإصلاح الاقتصادي مستمر رغم التحديات الإقليمية    "المنشاوي" يستقبل رئيس إقليم الوجه القبلي للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي لتعزيز التعاون المشترك    سكرتير مجلس الأمن الروسي يؤكد استعداد بلاده لإرسال أسلحة حديثة ومعدات عسكرية إلى العراق    صفحة وزارة الأوقاف تحيى ذكرى ميلاد رائد التلاوة الشيخ محمود خليل الحصرى    ضبط المتهم بذبح زوجته بسبب خلافات بالعبور.. والنيابة تأمر بحبسه    تأجيل محاكمة 7 متهمين قتلوا شخصا وشرعوا فى قتل 4 آخرين بالخانكة لديسمبر المقبل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    هل يجوز لى التصدق من مال زوجى دون علمه؟.. الأزهر للفتوى يجيب    نقيب المحامين يترأس جلسة حلف اليمين القانونية للأعضاء الجدد    معاش للمغتربين.. التأمينات تدعو المصريين فى الخارج للاشتراك    مفتى الجمهورية: ما يجرى فى غزة جريمة حرب ووصمة عار على جبين العالم    المنيا.. تنظيم قافلة طبية مجانية في بني مزار لعلاج 280 من المرضى غير القادرين    وزارة الصحة تطلق أول مسار تدريبى لمكافحة ناقلات الأمراض    شاب يلقى مصرعه حرقًا بعد مشادة مع صديقه في الشرقية    خطة الإنقاذ    القومي للمرأة يشارك في ندوة مناقشة التقرير الإقليمي "البحث عن العدالة    خلال تصوير برنامجها.. ندى بسيوني توثق لحظة رفع علم فلسطين في هولندا    أيمن الشريعي: علاقة عبد الناصر محمد مع إنبي لم تنقطع منذ توليه مدير الكرة بالزمالك    «عبداللطيف» يبحث مع وفد مجلس الشيوخ الفرنسي تعزيز التعاون المشترك في مجالي التعليم العام والفني    "جمعية الخبراء" تقدم 6 مقترحات للحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية    اجتماع طارئ للمكتب التنفيذي لاتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية    بإطلالة جريئة.. هيفاء وهبي تخطف الأنظار في أحدث ظهور.. شاهد    محافظ قنا يفتتح مدرسة نجع الرماش الابتدائية بعد تطويرها بقرية كرم عمران    «عودة دي يونج».. قائمة برشلونة لمباراة نيوكاسل في دوري أبطال أوروبا    رانيا فريد شوقي تستعيد ذكريات طفولتها مع فؤاد المهندس: «كان أيقونة البهجة وتوأم الروح»    موعد حفل الكرة الذهبية 2025 في فرنسا    منال الصيفي تحيي الذكرى الثانية لوفاة زوجها أشرف مصيلحي بكلمات مؤثرة (صور)    تعليم القاهرة تعلن مواعيد العام الدراسي الجديد 2025-2026 من رياض الأطفال حتى الثانوي    بهدف ذاتي.. توتنام يفتتح مشواره في دوري الأبطال بالفوز على فياريال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قضية الحرية فى ميزان الدستور القادم
نشر في الوطن يوم 31 - 07 - 2012

ربما يعد التحدى الأكبر الذى يواجه الجمعية التأسيسية لوضع مسودة الدستور هو كيفية اتفاق أعضائها على مواد الدستور وإيجاد أرضية مشتركة يمكن للجميع أن يقف عليها وصياغة مواد الدستور صياغة تتفق وروح ومزاج المجتمع المصرى بأسره بحيث تكون معبرة عن الكل وليس الجزء، إلا أن الصراع ما زال محتدما فى الجمعية التأسيسية لوضع مشروع الدستور حول قضية الحرية وضوابطها فى الدستور القادم وهل هى مطلقة أم مقيدة وما ضوابط هذا التقييد، وقد ارتفع سقف الخلاف وحدته بين أعضاء الهيئة حول مسألة السيادة لله أم السيادة للشعب، مما دفعنى دفعا لمناقشة مثل هذه القضية التى تعد من أمهات مواد الدستور ليس فى بلدنا فحسب
بل فى العالم بأسره.. وقد سبق أن تحدثت عن قضية الشريعة فى الدستور فى عمود سابق وسأحمل على عاتقى -قدر المستطاع بإذن الله تعالى- مناقشة مواد الدستور حتى يعيها الشعب وحتى يكون للاستفتاء عليها معنى.
وجدير بالذكر أن كل المواد التى تمت صياغتها لم تعرض على الجمعية العمومية للجمعية التأسيسية حتى الآن وأود أن أضع -قبل أن أبدأ مناقشة مثل هذه القضية- قيدا للدستور وهو ربما غير موجود فى تعريفات دساتير العالم وهو أن الدستور لا ينبغى أن يكون دستورا إلا إذا تحقق فيه شرطان:
1- أن يكون النص الدستورى جامعا مانعا وقطعيا فى دلالته بحيث لا يحمل أكثر من معنى ولا يحتمل غير تفسير واحد.
2- اسيتعاب الشعب له حرفا حرفا وكلمة كلمة وإلا لما كان للاستفتاء عليه معنى.
وعليه فإن الدستور -فى تعريفى له- هو القانون العام الذى ينظم شئون البلاد والعباد الجامع المانع القطعى فى دلالته المستفتى عليه من الشعب بعد استيعابه وفهمه فهما دقيقا.
وإذا ما أردنا أن نضع تعريفا دقيقا للحرية فى مفهومها فى الفلسفة الليبرالية أو عند الليبرالين، فهى تعنى أن الإنسان (الفرد) حر فى قوله وفعله وتصرفاته وفى ممارسة أى سلوك ما دام فى إطار دائرته الخاصة وهى تعنى أيضاً حرية إبداء الرأى والاعتقاد والتعبد وترويج أى مذهب
ونشر أى فكر، وتتوقف هذه الحرية إذا ما أوقعت أذى أو ضررا بالآخرين (فأنت حر ما لم تضر) والحرية والاختيار هما حجر الزاوية فى الفلسفة الليبرالية.
أما الحرية فى مفهومها عند الإسلاميين فهى تتفق مع الليبراليين فى الشق الخاص بعدم إيقاع أذى أو ضرر بالآخرين، وتصطدم معها أو تختلف معها فى الحرية المطلقة للإنسان الفرد (الحرية الشخصية المطلقة)، وأنه ليست هناك حرية بين العبد وربه، أما حرية الإنسان بينه وبين الناس فضابطها الشرع وإن الحرية الشخصية ليست مطلقة وإنما مقيدة بضوابط الشرع.
لكن السؤال المنطقى: ما الأصل فى فكرة الحرية الإنسانية؟
بالنظر والتتبع توصلت إلى أن الإنسان يولد رغما عنه ويتحدد نوعه وشكله رغما عنه وعائلته وبلده على غير إرادته، وغنى أم فقير وشقى أم سعيد رغما عنه، ويولد بمعامل ذكاء ليس له فيه تدخل وقلبه ينبض رغما عنه ويموت رغما عنه.. إذن فكون الإنسان (الفرد) حرا حرية مطلقة يتنافى مع بديهيات العقل والمنطق كذلك فالليبراليون أنفسهم الذين أطلقوا للحرية الشخصية
العنان نجدهم يقيدونها بفكرهم فقد منعوا النقاب (وهو حرية شخصية) فى فرنسا، ومنعوا الأذان (وهو حرية تعبد) فى بلجيكا وغيرها، وأوروبا قد سنت قانونا يجرم من ينكر جرائم ال(هولوكوست) ضد اليهود، ففرنسا -مثلا- سنت قانونا يعاقب من ينكر مذابح الأتراك ضد الأرمن بالسجن سنة ومن ينكر مذابح ال(هولوكوست)ضد اليهود بالسجن ثلاث سنوات.
وأنا هنا أعجب كل العجب من بعض أعضاء الجمعية التأسيسية الذى يعترض على أن ينص صراحة فى الدستور على أن (الذات الإلهية مصونة) بدعوى أن هذه قيود على حرية الإبداع؛ فإذا كانت المعلومات التاريخية مثل ال(هولوكوست) وهى قابلة للخطأ نتعامل معها بتجريم من ينكرها -كما هو فى أوروبا- فكيف لا نجرم من يتعدى على الذات الإلهية؟
والحقيقة أن عدم تقييد الحرية الشخصية يصطدم ويتنافى مع تعريف الليبراليين لها لأن إيقاع الإنسان أذى بنفسه (كحريته فى شرب الخمر وفعل المنكرات مثلا) يضر المجتمع بأسره لأن الإنسان (الفرد) جزء من المجتمع والمجتمع ما هو إلا نتاج هذه الأجزاء فإذا فسدت الأجزاء ترنح المجتمع وهلك، وهذا هو عين الإيذاء نفسه، فزواج المثل -مثلا- (وهو حرية شخصية) يؤدى إلى فساد عريض فى المجتمع فضلا عن الأضرار الوخيمة الواقعة على الإنسان بسبب هذا الفعل، فالذى أراه أن الحرية الشخصية لا بد أن تكون منضبطة بالصالح العام وقواعد الأخلاق وعرف المجتمع وحدود الشرع.
وأرجو أن تتفق كل القوى (إسلاميين وليبراليين) على صياغة دستور يحقق للمجتمع آماله وطموحاته وسوف يكون -بإذن الله تعالى- للحديث عن نظرية السيادة ومفهومها فى الدستور حديث آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.