سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
قانونيون وإعلاميون ينتقدون تجاهل "لجنة ال10" إنشاء مفوضية مكافحة الفساد المستشار شوقي السيد: مصر كانت رقم 11 في الدول المصدقة على اتفاقية دولية مع الأمم المتحدة لمكافحة الفساد
شهد اليوم الثاني لمؤتمر وزارة العدل لبحث إنشاء مفوضية وطنية لمكافحة الفساد، انتقادات قوية للجنة العشرة لتعديل الدستور، لتجاهلها إنشاء المفوضية رغم التصديق المصري دوليا على اتفاقية للأمم المتحدة بهذا الشأن. وبدأ المستشار شوقي السيد الفقيه الدستوري، الجسلة بإيضاح أن إسقاط لجنة العشرة تناول مشروع إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، رغم الحاجة إلى وضع نص لذلك في الدستور ونص صريح بالوثيقة الدستورية على هذا، رغم أن مصر كانت رقم 11 في الدول المصدقة على اتفاقية دولية مع الأممالمتحدة بهذا الشأن، مؤكدا أن "الأمر أصبح غريبا فعلا"، ولابد من نص يؤكد استقلال المفوضية واختصاصاتها. وأكد المستشار إسكندر غطاس رئيس مجلس أمناء معهد الأممالمتحدة لمنع الجريمة، أن خطورة الفساد في أنه يمس حقوق وحريات الأشخاص وتطلعات المجتمعات إلى التنمية، أمام معاناة للدول من مشاكل قضايا استرداد أموالها المهربة، مضيفا أن المادة السادسة من اتفاقية مكافحة الفساد تلزم مصر بإنشاء الهيئة الوطنية، التي تضمنها الدستور المعطل في المادة 204 منه، في حين أن مشروع لجنة العشرة حذف الإشارة لهذه الهيئة، ولم يوفر الحصانات المطلوبة لتحقيق مكافحة الفساد. ومن جانبه، قال المستشار وديع حنا إن دور الهيئة المرتقب إنشاؤها سيكون تنسيقيا بالأساس، مشيرا إلى أن هناك جدية في بحث إنشاء الهيئة، وسيكون التنسيق إلزاميا بين الأجهزة الرقابية. وأكد المستشار عادل الشوربجي مساعد وزير العدل لشؤون الديوان العام والمكتب الفني، أن كافة الدساتير العالمية تقوم على المصالحة العامة للمواطن، ومن هنا تأتي أهمية وجود مفوضية مختصة بمكافحة الفساد، وذلك في ضوء تفشي الفساد في الوقت الحالي بشكل ضخم، موضحا أن الفساد أصبح يؤثر على الاقتصاد ويعرقل الاستثمار الأجنبي، وهناك الكثير من الإحصاءات التي تؤكد تفشي الفساد في الهيئات والمؤسسات الخدمية، ومن هنا يجب وجود نص دستوري صريح وواضح لإنشاء مفوضية لمكافحة الفساد، ينص أيضا على استقلالها بعيدا عن التيارات الحزبية والسياسية المختلفة، وتقوم تلك المفوضية بدعم كافة المؤسسات الحكومية التي تحقق في قضايا الفساد. وأوضح المستشار أيمن الشافعي الرئيس بمحكمة الاستئناف، ضرورة تضمين نص دستوري لمكافحة الفساد، لأنه بات ظاهرة عالمية تولي له الدول اهتماما بالغا، خاصة بعدما استمر الفساد بالقطاعين العام والخاص في مصر أمام ظاهرة المواربة النصية على مستوى التشريع، وساهم المتورطون فيى قضايا فساد بنية خبيثة في استغلال النصوص القانونية للإفلات من العقاب، واستشرى الفساد الإداري بالدولة في اختيارات قامت على أسس المحسوبية والوساطة والمصالح الشخصية بدلا من اختيار الكفاءات، وعانت الأجهزة الرقابية كثيرا من غياب نص لمكافحة الفساد. وكشف العميد طارق مرزوق رئيس وحدة مكافحة غسيل الأمول بالإدارة العامة لمباحث الأموال العامة، أن العواقب واجهت عمل الأجهزة الرقابية بعد إصدار رموز النظام السابق لوائح وقوانينا لتقنيين أنشطة فسادهم، مضيفا: "ليس لنا ذنب بعد ذلك في مهرجان (البراءة للجميع). لقد واجهنا بعد الثورة حجم إنفاق بمكاتب رؤساء مجالس إدارات شركات خاسرة بمبالغ مستفزة، واكتشفنا خلال عملنا وجود لجان تمرر قرارات فاسدة، ويكون الوزير على رأس القائمة باللجنة، ويرأس 30 موظفا لتفريق دم المسؤولية على جميع القبائل، لدحض القصد الجنائي حال ضبط المتورطين". وأوضح ضعف الصلاحيات الممنوحة للأجهزة الرقابية أمام استخدام بعض المتهمين لخمسين شريحة هاتف نقال بأسماء مختلفة، في حين لا يمكن لتلك الأجهزة طلب البيانات من شركات الهاتف، وذلك يؤكد "ضغف بعض القوانين وإعاقتها لسير العدالة، ويجب تأكيد أن قطاع الأمن الوطني أحد المصادر الهامة للكشف عن الفساد، ولا يجب إغفاله". وفي الجانب الإعلامي للمؤتمر، قالت الإعلامية منى الشاذلي إن الفساد نوعان، ويتم تصنيف فساد الدول على أساس ذلك، فالنوع الأول فساد عابر أو طارئ أو مستحدث، والآخر فساد مستوطن، مشيرة إلى أن الفساد في مصر مستوطن وموجود منذ مئات السنين. وأضافت الشاذلي أن النماذج التي تتبناها الأممالمتحدة في مكافحة الفساد ليس شرطا أن تتناسب مع مجتمعنا، فعلى سبيل المثال "تولي الولاياتالمتحدة اهتماما بالغا بمسألة منع التدخين، وتصدر تشريعات خاصة لذلك، لكن هل يمكن إصدار تشريع يمنع التدخين في مصر؟ وهل له أولوية في الوقت الذي يتناول فيه المواطن المصري مياة غير نظيفة، ويستنشق هواء غير نقي؟". وأوضحت أن مفوضية مكافحة الفساد تتناسب مع الدول المتقدمة في النظام العالمي، وقد لا تتناسب مع مصر، خاصة أننا "لا نعلم بوضوح دور المفوضية، وكذلك أي أنواع الفساد التي تتعامل معها"، مشيرة إلى أن جميع مفوضيات مكافحة الفساد في العالم تتفق في عدة نقاط؛ أهمها صياغة تشريعات لمكافحة الفساد، وتقرير التعاون مع منظمات المجتمع المدني، وإعداد الأبحاث الخاصة بمكافحة الفساد، مؤكدة أن الأهم هو بحث كيفية تطبيق ذلك في مصر، ومراقبة تطبيق سياسات مكافحة الفساد، وتقييم أداء سياسات المفوضية. وقالت الشاذلي إن الفساد في مصر ليس فقط فساد مؤسسة أو مجموعة من الأفراد، وإنما هو نمط حياة وجزء من الاقتصاد والسياسة والحياة الاجتماعية، وموجود داخل بنية الإنسان، متسائلة: "هل مفوضية مكافحة الفساد تتطرق إلى مناهج التعليم، وتعليم النشء كيف يواجه الفساد؟ خاصة أن الطفل يتعلم الرشوة منذ صغره، من خلال دفع رشوة مقننة إلى المعلم في صورة درس خصوصي". وأكدت أنه لابد من بحث ودراسة إذا كانت المفوضية تتناسب مع الفساد الموجود في مجتمعنا من عدمه، فالمفوضية موضوعة لنماذج في الدول المتقدمة، والحرص على وجودها في مصر لمجرد مجاراة الدول المتقدمة في ذلك يعتبر "مجرد منظرة، وحِلْية في عِروة جاكت". وأوضح نقيب الصحفيين الأسبق مكرم محمد أحمد، ضرورة أن تراجع لجنة الخمسين الديباجة أو تعد ديباجة جديدة للدستور، مشيرا إلى أن ثورة 25 يناير اقتلعت نظاما فاسدا، وثورة 30 يونيو أطاحت بحكم فاشل، وفي الثورتين كان الشعب هو القائد وصاحب القرار. وأشار مكرم إلى أنه لو تم مقارنة دستور 2012 المعطل بدستور 1971، سنجد الاثنين بنفس الصلاحيات والمضمون، وهذا خطأ كبير وقع فيه الشعب، بعدما "قام ترزية النظام الفاشل للإخوان بتفصيله لتنصيبهم آلهة على حساب الشعب"، مشددا على ضرورة تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية، فالصلاحيات الكاملة والاختصاصات الواسعة للرئيس تُنتج الأنظمة الدكتاتورية، وهو ما ظهر جليا في الأنظمة السابقة التي حكمت مصر.