"الإسلام الناعم في مواجهة الإسلام الخشن" بهذا وصف تقرير مؤسسة راند الأمريكية للدراسات الاستراتيجية، الصراع المتصاعد بين الطرق الصوفية والتيارات السلفية فى مصر عقب ثورة يناير، ضمن دعوات باحثين غربيين لدعم الإسلام الصوفي في مواجهة الإسلام السياسي. وتثير هذه الدعوات تحفظات القوى السياسية المنافسة للطرق الصوفية على خلفية دينية، بسبب بقاء تمويل تلك الطرق بعيدا عن رقابة الجهات الرسمية، فى الوقت الذى تعرض عدد من منظمات المجتمع المدنى لهجمة حكومية بسبب التمويل الأجنبي. "تمويلنا ذاتي"، الشيخ محمد الشهاوي شيخ الطريقة الشهاوية، رئيس المجلس العالمي للطرق الصوفية، مبادرا فى مستهل رده على سؤالنا: من أين تنفقون؟، وقال: مصدر تمويل الطريقة هو جيب الشيخ نفسه، إذا كان مقتدرا، وهذا ما يحدث في الغالب، أما المصدر الثاني فهو "النفحات" التي تعطى للشيخ من قبل مريديه، موضحا أن النفحة تبرع مالى يدفعه المريد كصدقة في سبيل الله، بهدف تحقيق التكافل الاجتماعي بين أبناء الطريقة الواحدة، ودعم الفقراء الذين يأتون إلى الحضرات( مجالس الذكر) التي يقيمها الشيخ ويقدم فيها الطعام للفقراء. وتابع: أما مصدر تمويل مشيخة الطرق الصوفية، فهو رئاسة الجمهورية التي تدفع للمشيخة 30 ألف جنية سنويا، بموجب قانون تنظيم المشيخة الصادر عام 1976، مشيرا إلى استمرار دفعها حتى يومنا هذا، فضلا عن التبرعات، التي تدخل صناديق النذور حول كل ضريح، وأكبرها على الإطلاق صناديق نذور السيدة زينب والإمام الحسين، وأوضح أن هذه كانت الأموال تدخل ميزانية المشيخة، حتى استولت وزارة الأوقاف –على حد تعبيره- على90 % منها، وبقى للمشيخة 10 % فقط، ويقدر بنحو600 ألف جنيه سنويا، معلقا: إنها غير كافية، نافيا تلقى المشيخة أى دعم من الطرق التابعة لها، أو العكس، ولا تلقيها دعما من الخارج. عبد الحليم العزمى المتحدث باسم بالطريقة العزمية، قال: ننفق من جيوب أعضائنا، مضيفا: من كانت لديه معلومة واحدة تديننا فليقدمها إلى النائب العام، مشيرا إلى أن الأسرة العزمية ليست أسرة فقيرة، وأنها تتولى غالبية النفقات. الطرق الصوفية لا تخضع لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات، ويفسر المتحدث باسم الطريقة العزمية ذلك بقوله: نخضع لقانون 118 لسنة 1976، لاذى لا ينص على رقابة الجهاز على الطرق الصوفية، مضيفا: لكن جمعياتنا الأهلية تخضع لإشراف وزارة التضامن الاجتماعي. وألمح "العزمى" إلى أن من يحصل على تدفقات الأموال هم السلفيون، الذين يمتلكون مايقرب من 20 فضائية، يوجهون بها الشارع، حسب قوله، قائلا: ليس الصوفية من استخدموا الأموال لأغراض سياسة، في إشارة إلى الأحزاب السلفية. وينفى السيد الطاهر الهاشمي الخبير فى الشأن الصوفى، حصول الطرق الصوفية على أى دعم من إيران، موضحا أن الطرق ليست في حاجة إلى ذلك، وقال: من يعرف كيف تدار شؤون الطريقة،لن يتساءل عن مصادر تمويلها، حيصث يقضى نظامها بأن يتحمل كل مريد سهما محددا فى أى نشاط، مضيفا: كل مجموعة صوفية تشكل بيتا يتحمل "ذبيحة" تقسم كأسهم فيما بينهم. ويتهم الباحث مصطفى زهران الطرق بتلقى تمويل من الخارج، قائلا: لديها رافدان أساسيان للتمويل، هما إيران ودول الخليج، موضحا أن إيران تدعم الطرق الأقرب لها، أما دول الخليج فتدعم الطرق المناوئة وأضاف: هناك مشايخ يجيدون استخدام صناديق النذور في إنشاء مشاريع تنموية، تدر دخلا كبير على الطريقة، كما تفعل العشيرة المحمدية، وأخرون ورثوا أموالا وعقارات أوقفها أصحابها لخدمة الطريقة ومريديها. لكن الشيخ علاء أبو العزائم شيخ الطريقة العزمية ينفى هذا الثراء، معلقا: كلنا فقراء إلى الله"، وأكد على أن ما يقال في مسألة التمويل ترهات لا أساس لها من الصحة، وأن أعوان النظام السابق أشاعوا ذلك حول المشايخ. واقترح "أبو العزائم" تنفيذ مشاريع ضخمة تخدم البيت الصوفي، الذي يعاني أكثر مشايخه ومريديه من الفقر،على حد قوله، منها إنشاء شركة استثمارية مساهمة، يشارك فيها المشايخ والمريدون، يمكن ان تعمل فى مجالات مثل سياحة للحج والعمرة، كما اقترح إنشاء مجلس عالمي للصوفية مقره مصر التى وصفها بأنها "مظلة التصوف فى العالم"، وتابع: بعد ذلك نحدد اشتراكات سنوية وتأسيسية لكافة الطرق في العالم، التى تتجاوز15 ألفا، وعندها سيتفرغ المشايخ للدعوة بدلا من انشغالهم بمستقبل أولادهم فقط.