رفض الدكتور مكرم مهنى، رئيس غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات، قرار وزير الصحة الخاص باعتماد تسعيرة جديدة للدواء، معتبرا إياها ستضيف أعباء ضخمة على الشركات التى هى فى رأيه غير قادرة على تحمل الأعباء الموجودة منذ الماضى. وقال فى حواره مع «الوطن» إن القرار الجديد سيؤدى إلى توقف الشركات عن إنتاج العديد من الأصناف الدوائية خلال الفترة المقبلة، خاصة أن 22% من الدواء المنتج محليا ينتج بالخسارة.. وإلى نص الحوار: * لماذا ترفض الشركات قرار وزير الصحة الأخير بعمل تسعيرة جديدة للأدوية؟ - دعنى أقول أولا إن السوق الدوائية واجهت نقصا فى بعض الأصناف خلال الفترة الماضية، وهذا له أسباب كثيرة منها الوضع الأمنى والوضع الائتمانى لمصر، لكن هناك سببا أكبر وهو أن بعض الأصناف تكلفتها أعلى من سعر بيعها، والإعلام كله تابع نقص دواء «بروتامين» الذى كان مخصصا للاستخدام فى عمليات القلب والذى كانت تنتجه شركة وحيدة هى أبيكو، ولم تستطع أى شركة من الشركات أن تقوم بإنتاجه رغم استغاثة أطباء القلب بنا لتوفيره، ولم نتمكن لأن سعر الأمبول الواحد كان 3 جنيهات وهو سعر لا يجدى اقتصاديا مع أى شركة، ولحل الأزمة قامت وزارة الصحة باستيراده بسعر 30 جنيها للأمبولة، أى إن الوزارة قامت باستيراده بعشرة أضعاف.. والشركة طلبت 10 جنيهات كسعر عادل يمكنها من إنتاج الدواء مرة أخرى، لكن الوزارة وافقت لها على 7 جنيهات وبالكاد وبعد مفاوضات وافقت الوزارة على تسعيره ب10 جنيهات.. ولو سألت أى مريض أيهما أفيد وأرخص: أن يتم توفير الدواء محليا فى أى وقت يطلبه مثل «التيك أواى» وبسعر معقول، أم أفضل أن تلف على الصيدليات أو تقوم باستيراده من الخارج؟ أيهما أرحم بالمريض؟ * وما طريقة التسعير التى كان يتم الاعتماد عليها قبل اتخاذ القرار الأخير؟ - كانت تقوم على حساب التكلفة إضافة إلى هامش الربح، وكنا كشركات نقدم الفواتير فيتم إهدارها، والوزارة كانت تقول أنتم طالبين 10 جنيهات، فتقوم بوضع 3 جنيهات، والمشكلة كانت أن حساباتنا للتكاليف كانت تختلف عن حساباتهم. ونحن لسنا ضد التسعير الجبرى، ونحن حريصون على وجود نظام تسعير، لكن يراعى 4 أطراف المريض والمنتج والموزع والصيدلى. هذه المعادلة بدأت منذ عهد الدكتور حاتم الجبلى وزير الصحة الأسبق، والشركات اعترضت على نظام التسعير وقتها، وكان هناك وعد بأن الدولة ستراجعه، والآن الخامات مختلفة الأسعار، فشركة قد تشترى خامة ب100 جنيه وأخرى ب80 جنيها، من وقتها صدر قرار الجبلى بحيث يتم احتسابه وفقا لأقل سعر للدواء فى العالم مخصوم منه 10%، كان هناك وعد بتعديله بعد سنة. ولحل المشكلة بدأنا مناقشات بعد الثورة استمرت لمدة 6 أشهر مع الإدارة العامة للصيدلة ونقابة الصيادلة، وكان هناك شبه اتفاق على محاور التسعير، لكن فوجئنا بصدور قرار غير متوازن لم ينجح سوى فى إضافة أعباء جديدة على الصناعة التى هى فى الأصل غير قادرة على تحمل مشكلاتها الحالية. * إذن أنت ترى أن القرار أضاف أعباء على الصناعة؟ - بالطبع القرار أضاف أعباء على الصناعة، والنسبة التى تمت إضافتها لصالح الصيدلى من أين سيتم سدادها؟ ونسبة الزيادة للصيدلى يسأل فيها من وضع القرار وليس نحن، لكن دعنى أكون منصفا، الأعباء زادت على الكل بما فيهم الصيدلى فهو الآخر مطالب بسداد رواتب وفواتير كهرباء وخلافه، وبالتالى فنحن لسنا ضد تحريك النسبة للصيدلى لكن دون أن تؤخذ من جيب الصناعة. * هل هناك مصانع أوقفت استثماراتها بعد القرار؟ - لا بد أن تعلم أن صناعة الدواء تختلف عن باقى الصناعة، فالمصنع حتى يعمل يأخذ 4 سنوات حتى ينتج و4 سنوات أخرى لا يحقق أية أرباح، وهناك 40 مصنعا فى السنوات الأخيرة منذ 2008 حتى الآن تعمل وفقا لتلك الآلية وغير قادرة على أن تغطى تكلفته، وبالنسبة لسؤالك هناك بالفعل مصانع وقفت فى وسط الطريق، فكان من المفترض أن يكون لدينا بانتهاء (2012) 60 مصنعا جديدا لم يعمل منها حتى الآن سوى 10 مصانع فقط، ولدينا 50 مصنعا توقفت فى منتصف الطريق ولم تكمل استثماراتها نظرا لأن لديها أدوية مسعرة بتسعيرة غير مرضية، أو لأنها لم تقم بتسجيل الأدوية، هذه كلها استثمارات متوقفة. وللأسف فى السنوات الأخيرة بعض المصريين بدأوا فى بيع مصانعهم، حوالى 6 إلى 7 مصانع تم بيعهم، ونحن حريصون على استمرار أن تظل صناعة الدواء بأيدٍ مصرية لأنها على الأقل قادرة على استمرار إنتاج الدواء المصرى رغم أنها تحقق خسائر فى عدد كبير من الأصناف، لكن المستثمر الأجنبى لا يفكر بهذه العقلية. * لكنك قلت إن شركات الأدوية كانت على تواصل مع وزارة الصحة قبل صدور القرار؟ - نعم كان هناك تشاورات واتفاقات، لكن القرار تضمن بنودا كثيرة لم نتفق عليها، فالقرار ألزم الشركات بأنها تدفع 1% على كل الأدوية لديها للصيدلى، بجانب 1% للأدوية منتهية الصلاحية، وهذه النسبة سترتفع وفقا للقرار إلى 5% من الأدوية التى نحن نشتكى من تسعيرها، أى إن القرار سيخصم 400 مليون جنيه من أرباح الشركات لصالح الصيدليات من خلال تلك النسبة. * هل ترى أن هناك ضغوطا من جانب بعض الأطراف لاستصدار القرار؟ - أنا لست معنيا بكيفية صدور القرار ولصالح أى طرف، لكننا كغرفة أدوية عقدنا جمعية عمومية لمناقشة القرار، وكان هناك إجماع على رفضه وعلى تأثيراته السلبية على الصناعة بأسرها. * إذن ما الاتفاق الذى أخلت به وزارة الصحة؟ - كان الاتفاق مع وزارة الصحة قبل صدور القرار على تحريك الأسعار إذا كانت هناك ضرورة للتحريك، وأن تكون الأسعار الجديدة منصفة للجميع، وهذا لم يتم. * لكن الصيادلة اتهموا الشركات بمحاولة الضغط على الصحة لإلغاء القرار؟ - نحن مستمرون فى دعم المريض حتى تحدث انفراجة، لكن تبعات هذا القرار نحن غير قادرين على تنفيذها، ولن ننفذه، ثم إن هناك أدوية لو تم تحريك أسعارها سيتم اختفاؤها تماما من السوق، وأنا أقول لك إذا كان الوزير لن يتراجع عن القرار فنحن لن ننفذه، ولن يجبرنا أحد على الخضوع لقرار وزارى يحطم الصناعة بكاملها، وهناك دعوى قضائية سترفع لإبطال هذا القرار. * وما مطالبكم تحديدا لحل الأزمة؟ - مطالبنا وضع نظام عادل وشفاف يرضى كل الأطراف، فبالنسبة للدواء المستورد لا طريقة لتسعيره سوى تلك التى تم تحديدها بناء على أقل سعر له فى العالم، لكن الدواء المحلى أمره يختلف، ولا بد من مراعاة صالح الشركات أيضا. * كم تصل نسبة هامش الربح فى صناعة الدواء؟ - هامش الربح فى صناعة الدواء لا يتعدى 15%. * كم يبلغ عدد شركات الأدوية العاملة فى السوق المصرية؟ - لدينا 130 شركة أدوية، و400 شركة تصنع لدى الغير، و107 شركات للمستلزمات الطبية، و233 شركة لمستحضرات التجميل، هذه هى الأعداد الرسمية المسجلة فى الغرفة، الدواء وحده ينتج 30 مليار جنيه، ونوفر للدولة من 90 إلى 120 مليار جنيه لو لم تكن لدينا صناعة، ويعمل بالشركات نحو 300 ألف عامل. ونسبة الشركات الحكومية منها نحو 18% عن طريق الشركة القابضة للأدوية وإنتاجها يصل لنفس النسبة تقريبا، وعدد الشركات الأجنبية العالمية نحو 7 شركات. * هل هناك شركات عالمية تفكر فى الانسحاب من السوق؟ - هناك فعلا شركات عالمية تدرس تخفيض العمالة لديها، وبعضها أوقف توسعاته بعد قرار وزارة الصحة.